٥ ° مِشبكٌ ألمَاسيّ

29 2 0
                                    

أيُعتَبرُ الخَوف حالةً شُعورية عندَ كلِ من يطأُ على الأرض ؟
لأنه و بالنظر لهَاتِه اللحظة ... كُولين دي بيانشي لَم تُخالج دواخِلها ذرةُ خوفٍ و حتى ما يُطلق عليه انعِدام ثقةٍ بالنفسِ بينَما تُثبتُ يديهَا خلفَ ظهرهَا المستقِيم تتمشى بِمعرضها ... أعينها ترصُد من يدخُل ساحةَ مملكتِها ... تَرى من حقًا يستحوِذ عليه طيف الفن يترُك بصماته على كيانِه المُرهف ... من يضعُ وشمًا يعبر عن ما هُو و ذلك فَن بعينِها هي و عينُها عينُ حقٍ بهَذا ، أم من يكتَسح حلةً بُنية يَندمجُ بها بين أوراق شجرِ الخريف المتساقطة كأنه منهَا و لهَا ، كلٌ مِمَّن ذكرتهم و لم تفعل يرى بلَوحاتها شيئا ... من يُبصر ماضيًا ينحَرق رمادًا ، من يَرى أوجهًا كانت كُل ما يملك ... من يرى نفسه رُبما ... و هناكَ من يأخذ دروسًا يتعلمها ممَّا قد سبقَ و أخذته هي جرعاتٍ جرعات من حياتها ... أتحسَبها كيانًا لا يُقتدى بِه ؟ خطأُكَ الأَّول هَذا ... تُريد أن تتخلى عن أعين الزيف اتجاه سيرِ حياتك فلتُواجه كُولِين ملكة الفن بِالبندقية ستفضح لك أسرارًا تمنى البعض قبلك أنك لَن تدركهم ، تقذِف الحقائقَ بوجهك و مُت غيضًا بعد ذلك و فلتفقد الحياة روحًا مكسورةً أخرى و ليحيَى من ضحَى بالقلبِ مسيرةَ النجاةِ ، و الأسف أن الحياة لا تقبِل قرابين القلوبِ بل جثثًا تحت أرضِها الروحِية و ليُواجه المرآة من يختلف بالرأي يبحث بين خرائطِ عيونِه عن نفسه و إن وجدها فليَقع ذنبُ التهمةِ عليهَا و لتحرق حينَها لخًرافاتها ، لكن أسيحدث ذَاك ؟
بِوقفتها بين ما رسى على الألواح من بين ثنايا عقلها تكتسِح ما لا يليقُ بالخَريف من حريرٍ أزرَقَ بمشدِ خصرٍ أسود و كالعَادة كان القَميص رِجاليًا يصل حد منطقَة فوقَ الركبةِ و يتدلَى على كتفِها الأيسر ، الكتف الوحيد الذِي يُسمح له أن يكون ظاهرًا ، لم يكن مظهرها بالمظهر الفخم المتُكلف الفاخر ، بل كان قميصُ رجالٍ اشتراه لها جَايكوب كهديَة ... لم تعتَرِف حينها لكنه أعجبها لأنه حرير ناعمُ الملمسِ على جسدهَا كأنه لمساتُ نسيمٍ صباحيٍ عليل .
المعرضُ يوم الرابع عشر من نوفَمبر يكونُ مكتظا من وقتِ الافتِتاح إلى حد الانتهَاء أي ما يُقارب أحيانًا السابعَة مساءًا ، و بِوقوف بِينيلوبي بجانبها كَعادتها تتفقد الأحوال و إن كان شيءٌ ما خاطئ بنظر الرَّئيسة لكن يَبدو أن اليومَ يومُ حظها لأنها لا ترى أي انزعاجٍ بادٍ على ملامحها و هي ترى النَّاس يتوافدون على لوحَاتها ، البعض يضعُ اسمًا يناسب نظرته لما خلف الألوان  و البعض يدقق و يتمعنّ باللوحة الوحيدَة ذات العُنوان هذه المرة على عكسِ المرات السابقة ، لوحة الراقصة تِلك يبدو أنها نالَت استحسان النُقاد الذين كانُوا يتجولون مخفِيين باعتقادهم أن كولين دي بيانشي لا تدري أنهم سيكتبون عنها في الجرائد ، صحفٌ و مجلات سيُعلى به اسمها بخطٍ واضح كاخِر أخبار البندقية ... بل هي تدرِي بكل جريدةِ يعمل بها كل ناقدٍ مرَّ عليها يُحييهَا بِبسالة كأنه مُعجب متَفانٍ في حبه لِفنانه ... بينمَا جل ما ينتظره كل واحدٍ منهم هو زَلةٌ منهَا ... واحدة و يُصبح اسمهَا الذِي أعلته هِي بيدينِ دامية محطًا للسُخرية و الفَشل ، و بالطَبع لن يحدُث لا هَذا و لا ذاك.
امتَلأت الخزَفيات الزجاجية التي خصصتها كولين لوضع البطاقات التي تحمل اقتِراحات الأسماء و كل مرة تمتلِأ إحداها يغيرُها جايكوب ... بينما يأخذ البطاقات لورشتها و ذاك عمله فقط لهذَا اليومُ ... التَفتت كولين تترُك بينيلوبي لِتكمل مراقبتها لكن ما استوقفها كانَ شيء لم تستطع أن تكمل مِشيتها بسببه .. و قد كانت سِيليا .. لكن بشعرِ أصفر هذه المرة و هذا ما أثَار استغراب كولين لكنها لم تتقدم بمِقدار خطوةٍ نَحوَها بل و عادت تُكمل طريقها نحو مكتَبها تستريح ريثُما يصلُ أهم المدعوين لمعرضها و منهم بعض المشهورين الذين لا تهتم لهم لكنه واجبها ان تستقبلهم و فَقط ،  مُؤجِلة أمرَ الحديث مع ذات الشعر الأصفر إلى حين انتهاء المعرض فَبصفتها معلمتَها الجديدَة ... يحتاجَان لِسنّ بعض القَوانين .. و ما لا يُقلقها حقًا أن الفتاة تُتقن لغة الإشارة و بالتالي لن تَضطر لبذلِ مجهودٍ كي تحادثها حتى ... رائع .

دَقَّـات نُـوفَـمبَر || November Beats حيث تعيش القصص. اكتشف الآن