تعالت اصوات الضحكات على مأدبة العشاء ,تكاد لا تصدق ان هذا لقاء بين عائلتي مافيا ,فلولا وجود سوزانا و كرستين كان الموضوع ليكون حول اجد اخبار العالم المظلم من قتل ,ايغور كان مسرورا من نكات غريكور ,يحدثه عن ماضي والده و جرائمه في شبابه الذي فرحت عيناه عندما ذكره صديقه بلحظات طيشهم ,في حين كانت كرستين و سوزانا تتهامسان ,ابتسم غريكور لذلك المشهد ,هو يعرف زوجته ,هي اكيد كانت تختار اسماء لأحفادها ,ابناء ذاك الثنائي الذي سرق الانظار الليلة ,هي تتصرف كأنها لا تعرف حقيقة ابنتها ,
رفعت ارينا عينيها عن هاتفها الذي لم يفارقها طيلة تلك الامسية ,صحيح انها كانت مدمنة عمل لكن ذلك لم يكن سبب انشغالها ,هي ارادت عنصر تشتيت ,شيء يجعلها تهرب من نظرات ديميتري الذي لم يزح زرقاوتيه من عليها
رفعت راسها كأنها تحاول التحلي بالشجاعة ,ربما هي لن تقابله ,ربما هو ازاح نظره من عليها ,ربما هو الان يقلب كاس نبيذه او يصب ملله على شريحة اللحم المدخنة تلك
لكن لا ,هو لم يحرك ساكنا ,عيناه قد استقرت على خاصتها ,لم يكن امامها الا ان تسرح في جمال تقاسيمه الباردة ,فليس ارينا ارلوف من تهرب من مواجهة بالأعين ,
هو قد فتح ازرار سترته السوداء ,تحتها قميص ازرق يميل الى السواد ايضا ,كان يضع يديه تحت فكه ,تعابير وجه باردة ليخفي بها عواصف قلبه التي تكاد تحرق المكان ,فرغم كونه عاشقا لها الا ان لا احد قد يشك للحظة ان هناك ما يسمى بالحب داخل قلب زعيم المافيا ذاك
ارينا على كفة اخرى كانت تلعن تلك اللحظة التي اجلستها والدتها هناك ,امامه ,في مرمى نظره
هي تعرف وطئة تلك العين ,هذه لم تكن مرتها الاولى الي تلاقيها و رغم ما في قلبها الا انها اختارت ان تتجاهله ,فقلبها و بكل بساطة يا سادة اراد منها ان يقفز فوق طاولة الطعام تلك الحاجز الوحيد بينها و بين صاحب ذكرياتها الجميلة ,
قطع ذلك الهدوء دخول نيكولاس ,و كانه استشعر لحظة ضعف سيدته ,اقترب منها يوشوش لها بشيء اعاد ثقتها في شياطينها ,فابتسمت ارينا ابتسامة باردة لمختلة عقلية و هي لم تزح عيناها من عليه رافضة ان تعترف بالخسارة ,اعتذرت ارينا للحضور ,فابتسم لها ديميتري كانه يوافق اخذهم هدنة صغيرة الى حين عودتها
وقفت ارينا متجهة نحو السلالم ,رافقتها عينا ديميتري الذي كبح ابتسامة من الخروج فور رايته لانحناءات جسمها ,ذاك الجسم الذي تخيل ديميتري نفسه يحمله بين ذراعيه
ظل ينظر اليها الى ان غابت عن عيناه ,و هنا لعن نيكولاس في سره ,نيكولاس الذي سرق حبيبته ,هو يعرف حقيقة العلاقة بينهما و لكنه كان غيورا حتى من فستانها الذي تخيل الف طريقة لنزعه من عليها
~~~~~~~~
'سيد مايك' قالت ارينا تدخل قبو قصرها ,القبو الذي كان دائما مكانها المفضل اين تترك قناعها المزيف خارجا ,ذلك القناع الذي اخفى حقيقتها الدموية ,قناع سيدة الاعمال الشابة ,تركته تدخل ارينا شيطانة المشاعر ,زعيمة ال ارلوف ,تتقدم بخطوات مغرية ,رافقها صوت كعبها يزيدها انثوية و جمالا
الصوت الوحيد الذي كان يسمع ,فنيكولاس اضطر الى اغلاق فم السيد مايك الذي اراد الصياح ,حتى مع وجود تلك الجدران السميكة فالأنسة ارينا لن تخاطر بسماع احد بما سيحدث هنا و خاصة سوزانا و كرستين
داخل هذا القبو برز فن المهندسة المعمارية ,تلك الفنانة التي لن تقبل في ممارستها الفن داخل مكان اقل ما يقال عنه انه جميل ,قبو مظلم اناره ضوء القمر الساطع من نوافذه العالية ,تزينه تحف رخامية ,بارد و قاسي و هذا كان المفضل لديها
نظر مايك الى ارينا بنظرات حزينة ,و قد اخطلت دموعه مع دماءه ,فنيكولاس ايضا استمتع معه قبل دقائق ,
'نيكولا, مالي ارى السيد مايك يبكي؟ الم تحرص على جعل ضيفنا مرتاحا ؟' قالت ارينا تسحب شعر مايك الذي جلس هناك في منتصف القاعة ملتصقا الى كرسي حديدي كالذي يستعمل لمعاقبة المرضى النفسيين في الماضي
'تلك دموع الفرح' قال نيكولاس و قد حاول كتم ضحكة من الخروج لعلمه بما هو قادم
'مايك عزيزي لم يخبرك احد عن خطورة الرقص مع الشياطين؟' سالت ارينا متزينة بابتسامة لعوبة تحمل بين يديها سكينا تقترب من مايك ...
~~~~~
داخل قاعة الجلوس ,تلك القاعة الضخمة التي زينت جدرانها العالية صورة عائلية ,العائلة التي حملت دماء و ارواح كثيرة في ابتسامتها تلك ,تتوسطها ارينا و كأنها سيدة ارستقراطية هاربة من حفل شاي فيكتوري ,تلك الصورة التي شغلت ديميتري ,كانت تجذبه ,تبعده عن فكرة الخروج لإشعال سيجارة في الهواء الطلق ,فرغم عدوله عن التدخين ,العادة التي ادمنها من سنين ,عندما عبرت ارينا عن مقتها لرائحة السجائر في اخدى مقابلاتها ,الا ان ذلك التبغ كان الوحيد الذي سيفهم توتره هذا ,حتى و ان سارع الى اخفاءه
ينظر الى الصورة بتمعن تارة و تارة كان ينظر الى الاتجاه الذي سارت اليه ارينا يبحث عنها ,هو هادئ دائما و هذا اكثر ما كان يخيف المحيطين به
'ديميتري اخبرني' قالها غريكور ليصمت قليلا يرتشف من كاس نبيذه ثم يكمل
'كيف سارت الصفة في المكسيك ؟ خصوصا مع تغير النظام هناك ؟'
ابتسم ديميتري مبعدا ناظره عن صورة حبيبته ,تلك الصورة التي اراد ان يقف ينزعها من ذلك الحائط ليقدسها بعيدا عن الحاضرين ,نظر الى غريكور الذي اراد بسؤاله ان يتعمق الى طرق سير الصفقات لديهم ,خاصة و ان صفقة اخرى ستجمع بينهم
'و متى كان نظام المكسيك خاصتنا لا يناسبنا ؟'
ضحكة خرجت من فم غريكور الذي فهم من خلال كلمات ديميتري القليلة ان هذا الشاب يضع الحكومة المكسيكية داخل رحمته و ان ما قيل عنه من معلومات صحيحة
'اخبرني انت يا صديقي ,كيف حصلت على صفقة السنة ؟' قالها ارثر لغريكور الذي ضحك ,امام استغراب الجميع ,ماعدا زوجته الحبيبة التي توقعت الاتي
'صديقي ,اني و رغم تحفظي على جاذبية و رشاقتي ,فانا قد سلمت كرسي الزعامة منذ وقت طويل'
صعق الجميع من كلامه ,ان لم يكن هو العقل المدبر اذا من؟
'حبيبتي ارينا ' قالها يجيب عن ذلك السؤال الذي طرحوه سرا ,ليسقط بعدها فم الجميع ,الا ديميتري بطبيعة الحال ,هو يعرف ان حبيبته من تدير اعمال العائلة و يعلم ان ما نسب الى العائلة من ازدهار جعلها تتفوق عن كثير غيرها ,هو بفضل ارينا
'هل حقا تريد منا ان نصدق ان ارينا ,اميرة الاحاسيس هي العقل المدبر لأكبر صفقة هذا العام ؟'
سال اليكس ينظر الى غريكور و قد اراد و شدة ان ينكر كلامه
ابتسم والدها و كان صغيرته حصدت جائزة ملكة جمال المدرسة ,لا مدحا من اخطر ما انجبت المافيا
'ليس تلك فقط'
صمت و كانه يسمح لهم بتلقي الصدمة في سلام
'بل جميع صفقاتي طيلة الثمان سنوات الماضية'
و هذا ما جعل ديميتري في صدمة هو الاخر ,هو يعلم انها دخلت لهذا العالم المظلم منذ سنوات ,الا انه لم يعتقد انها كانت في الخامسة عشر من عمرها حينها
'ابنتي ارينا تشبه والدها في عدة خصال ,منها ذكاءها'
قالت سوزانا تحاول تخفيف وطأ الصدمة من عليهم و خاصة كرستين التي بدا على وجهها علامات الخوف ,اي وحش كاسر جاءت لخطبته ,فالجميع يعرف ما في عالم المافيا من دماء و قتل ,ناهيك عن المخدرات و الاسلحة و صفقات تبييض الاموال
'لكن قوة شخصيتها ورثتها من والدتها'
قال غريكور ناظرا الى زوجته ,هو اراد قول عناد ,ليذكرها بحديثهم قبل ساعات
كسر ذلك الصمت رنين هاتف ديميتري الذي التفت بدوره يطلب الاذن للرد على المكالمة ,اجابه الجميع بابتسامة قبل رجوعهم الى حديثهم و ضحكاتهم مستسلمين لحقيقة ما سمعوه
{{{{}}}}
'حسنا انهي الامر الليلة'
قال ديميتري الذي اسرع في اغلاق هاتفه ,تلك المكالمة لم تكن مهمة ,هو كان سيرفضها طبعا ان كانت ارينا لاتزال بينهم ,لكن شيء في داخله امره بان يتلقاها ,هو يثق بعقله لا قلبه ,لكن حينما يتعلق الامر بارينا فهو يغير مبداه
تنهيدة خرجت من داخله و هو يهم بالعودة الى دفئ القاعة ,لكن شيء اوقفه ,صرخات مكتومة, غيره لم يكن ليفطن بوجود ذلك الباب الصغير لكن هو كان سيد التفاصيل ,تقدم اليه يدفعه ثم ينزل درجاته و مع كل خطوة يزداد المكان برودة و ظلمة و تبتعد ضحكات الجميع خلفه و يعلو صوت الصراخ
~~~~~~~~~~~
'سيد مايك ,علي شكرك حقا ,فانا كنت في حاجة للقائنا الطريف هذا'
قالت ارينا تنزع اخر سن في فم مايك الذي وقع من على كرسيه
ابتسمت لنيكولاس ماسحة الدم في فستانها, وقد زادها ذلك انوثة و اغراء ,هذا ما كان يفكر به ديميتري ينظر بكل حب لسفاحته الصغيرة ,فأجابها صديقها العزيز بابتسامة دافئة يناولها مسدسا
فنظرت بعيني صياد الى مايك قبل ان يسقط جثة هامدة وسط دماءه بسبب الرصاصة التي اخرجها سلاح ارينا
'حقا كان هذا الوقت المناسب '
قالت ارينا تنظر الى نيكولاس كأنها تبرر سبب قطعها لكل اطراف مايك
هي تعلم ان نيكولاس لن يحطم عليها
'سأتولى الامر من هنا, ارينا يمكنك العودة الى القاعة'
ماذا ارينا ؟ ديميتري لا يعلم انه يناديها باسمها عندما يكونان لوحدهما و هذا ما زاد غضبه و نار غيرته
'تعلم انني افضل الجلوس هنا بين دماء هذا الخائن و خاصة الان بعد ان رايته' قالت ارينا قاصدة ديميتري الذي ابتسم خلف الباب لعلمه انها تذكرته ,هي تذكرت ما جمعهما لكنها ترفض الاعتراف
لم يجب نيكولا بل اكتفى بابتسامة
انتعلت ارينا كعبها العالي الذي سبق و نزعته لتتلذذ ببرد القاعة
'سحقا' قالت ارينا و قد مسكا ديميتري ضحكة من الخروج
'لا اعرف ما ستظنه كرستين عندما تراني هكذا ,لكني اعرف ان سوزانا ستقتلني امامهم '
نظر لها نيكولاس ضاحكا و كانه يتخيل المشهد
'نيكولاس ايمكنك ان تجلب لي فستانا اخر؟'
لم يكن عليها لتسال حتى انطلق نيكولاس من باب اخر يادي الى خارج القصر ....
ظلت ارينا واقفة هناك تنظر الى الدماء المحيطة بها ,تعلو ثغرها ابتسامة تتذكر ما حدث هنا من مجزرة و لكن هذا اختفى حينما استدارت لتجد ديميتري يسند ظهره الى حائط القاعة يضع يديه في جيب سرواله يبتسم لها
اتسعت عيناها لكنها اسرعت في اخفاء ذلك ,ناضرة اليه ,هو لم يزح عيناه من عليها ,كانه يكمل مباراة التحديق الذي بداها قبلا
'سيد دميدوف ,اسفة لجعلك تشهد ما حدث هنا' قالت ارينا بملامح باردة لكنها تعلم ان ديميتري كان ليفعل اسوء من ذلك لخائن لعين
'بالعكس' قال بنفس النظرات الباردة يخفي فخره بحبيبته
'سرني هذا العرض انسة ارلوف' قال يكمل جملته و كانه يخبرها ان مخططاتها فشلت و ان لا شيء سيخيفه
و هنا علمت ارينا ان رجلا مثل ديميتري عليه ان يعلم مرادها من هذا الزواج ,هو قد يكون فارس احلامها سابقا ,الا انها قد تخلت عن تلك الاحلام لتصبح كوابيس تحيط بها
'سيد دميدوف ,لاكون صادقة' قالت و هي تتقدم باتجاهه دون كسر مسابقة التحديق بينهما
'انا لا ابحث عن زوج ,و لن ابحث عن واحد'
قالت و هي تتعمق في النضر الى زرقة عينيه
'امرأة مثلي لن تكون ابدا الزوجة المثالية الخاضعة' قالت و كأنها تعطيه سببا اخر ليهرب ,وللحظة ابتسامة ظهرت بمكر عندما صمت ديميتري و ابعد عيناه من عليها
لكن سرعانا ما تلاشت تلك الابتسامة عندما سار نحوها يعود الى مسابقة التحديق و بابتسامة باردة قال
'و انا انسة ارلوف لا ابحث عن زوجة مطيعة و لن ابحث' قال و هو لا يزال يتقدم ليقف امامها مباشرة و قد قطعت بينهما بعض سنتيمترات
'انا زعيم مافيا سيدتي ,رجل يبحث عن صفقة رابحة'
قالها يخبرها و كان ارتباطهما ما هو الا صفقة ليغتنمها و هي التي لا تفوت صفقة رابحة الا و انتهزتها لتجد نفسها الان صفقة
'يمكنك النظر للأمر على هذا الاساس'
صمت ثم اكمل
'يمكننا زيادة نفوذ العائلة عبر هذا الرابط و هذا ما ابحث عنه'
قال و كانه ياكد انها لا تعني شيء له غير وسيلة و هذا ما حرك ذاك الوحش داخلها
'و هل افهم من كلامك هذا انك لن تطلب شيئا من خلال هذا الزواج '
قالت تستفزه ,هي تعلم ان جنس الرجال ضعيف امام اغراء انثى
لكنه فهم رسالتها و اجاب
' بل السؤال الاهم ,هل افهم من كلامك انك لن تطلبي شيء اخر من هذا الزواج؟'
ابتسم بمكر ,هو يعلم ان جنس النساء يبحث عن الحب و المودة دائما
لتصدم ارينا ابتسامته تجيب و قد تجاهلت سؤاله كما فعل
'تعجبني الصفقة الرابحة'
اكملت كلامها و هي تنظر الى نيكولاس الذي فتح عينيه غير مصدق المشهد الذي امامه
'يسرني العمل معك سيد دميدوف ,امل ان تتم هذه الصفقة بسلاسة'
قالت و هي تغادر القبو و قد اتبعها نيكولاس
في حين وقف ديميتري غير مصدق ,هي الان لم توافق على خطبتهما فقط ,بل على الزواج منه
اراد لحظة ليخفي ابتسامته قبل ان يهم بالخروج من القبو و العودة الى القاعة
_________________________________________
أنت تقرأ
Chess Board I رقعة شطرنج
Romans' هل حقا تريد منا ان نصدق ان ارينا،اميرة الاحاسيس، هي العقل المدبر لاكبر صفقة هذا العام ' ابتسم والدها ابتسامة الفخر و كان صغيرته حصدت جائزة ملكة جمال المدرسة، لا مدحا من اخطر ما انجبت المافيا 'ليس تلك فقط' صمت و كانه يسمح لهم بتلقي الصدمة في س...