السابع ( حِــلـف نســــائــــي )

91K 7K 3.7K
                                    


إهداء لتلك البائعة التي كانت تفتح محلًا صغيرًا جوار منزل جدي، والتي كانت دائمًا ما تشهق فزعًا في طفولتي حينما تعلم هوية والدتي، مرددة بحسرة وتعجب (كيف لوالدتي صاحبة البشرة البيضاء الصافية، أن تحضر فتاة مثلي ببشرة قمحية؟! ) لكم وودت وقتها أن اعطيها ردًا آخر غير تلك البسمة الطفولية السخيفة وردي المعتاد على تلك الجملة وهي ( أنا أشبه جدتي من والدي يا خالة)، هذا فقط كل ما كنت استطيع قوله لها، عقلي الصغير لم يستطع أن يخبرها ( أن ذلك خلق الله ) لم يستطع أن يشرح لها أن الجميع جميل، وأن الاختلاف غالبًا ما يكون جميلًا، أن اختلافي عن عائلتي ليس بالشيء السييء، بل هي ميزة اعطاها لي الله، وددت لو رددت على مسامعها الآية التي يقول فيها سبحانه وتعالى ( تبارك الله احسن الخالقين ) وددت و وددت أردت اخبارها الكثير والكثير، أخبرها أن ذلك الحديث الذي تتبعه غالبًا بضحكة عالية رفقة من معها من النساء ليس مضحكًا وليس أمرًا جيدًا، لكن الموت كان اسرع مني، ذهبت الخالة وتلاشت ذكراها، ولم يتبقى لها أثر في هذه الحياة سوى كلماتها التي لن انساها طالما حييت .....

لذلك انتبه فأنت لا تود أن يكون كل ما يتذكره الناس عنك بعد وفاتك هو ما اتذكره أنا عن الخالة....

أترك اثرًا طيبًا، ازرع ورودًا بدل من غرس الأشواك، كن طيب الحديث، لطيف المعشر.....

صلوا على من تطيب القلوب بذكره .....

قراءة ممتعة .

___________________

شقت الحافلة طريقها بسرعة مخيفة، وقد كان قرار اليخاندرو بنقل روما عبر سيارة إسعاف قرارًا صائبًا، فلو كانت في تلك اللحظة معهم لكانت خسرت حملها بسبب قيادة جاكيري الذي لا يهم أي نوع وسائل المواصلات يقود، طالما أن لها عجلات تتحرك إذن سيقود كما يشاء ويحب .

كان الجميع يتمسك بمقعده في رعب شديد والسباب تتراشق حول أذنيّ جاكيري الذي لم يكن يهتم حتى بهم ...

وفي وسط كل تلك الصراخات من الجميع والشتائم المتقاذفة، والغضب الذي كان يحوم في الحافلة، شخص واحد فقط هو من كان يعيش افضل لحظات حياته، ولم يكن سوى الوافد الجديد على العائلة " قاسم "

تحرك قاسم من بين يدي هالفيتي يسير في الممر الذي يتوسط الحافلة وهو يتضاحك بقوة على الهواء البارد الذي يصطدم في وجهه وعلى السرعة التي تتحرك بها الأرض أسفل قدمه _ كما يعتقد_، ورغم أنه كلما سار خطوة سقط على وجهه، إلا أنه لم يبكي بل كانت ضحكاته ترتفع أكثر وأكثر .

استمر قاسم في ذلك حتى أصبح بالقرب من جاكيري ومقعد السائق ليبتسم باتساع وعينه تراقب المناظر الطبيعية من الزجاج الأمامي للسيارة، صفق بسعادة وصوت تمتماته تصل للجميع .

ارتفع صوت مارتن بغضب :

" ايها الغبي انتبه فلدينا طفل في السيارة، قد يُصاب بالفزع "

زهرة آل فوستاريكي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن