ما خفي أعظم

177 23 40
                                    

-الفصل السابع (الأخير)-
-ما خفي أعظم-

-اليوم الخامس للإختفاء
كان جيمين مختلفا عن الباقين مثقف وعبقري لديه عقلية مبدعة وفضولية، عاشق للمطالعة فلا اللغة ولا الثقافة الجديدة كفيلة بإيقافه. كان مدمنا للعلم ومتطلع لتعلم أشياء جديدة، وأكثر من كانت مؤيدة له في كل خطوة يخطوها وفي كل قرار يتخذه هي المحققة روزي صديقته الصدوقة، أبحاثه كانت مميزة وحاول مرات عدة تسجيل براءة اختراع لكن أبحاثه كانت تسرق أو تُأجل بسبب نشاط حكومي، لذا قرر أن يبحث فقط من أجل البحث العلمي فقد راسل جامعات أجنبية عدة متأملا أن تقبله إحداهن، لكنه للأسف لم يتوفق في ذلك.
فكانت الخطة البديلة بالنسبة له أن يتعين في الجامعة، ويسافر في بعثة ولا يعود مجددا أبدا، كان يصرف كل أمواله على الأبحاث لدرجة أن اضطر أن يعمل في دوام جزئي بمطعم قرب الحي الذي نمقت به ليزيد دخله.
وفي يوم من الأيام عاد جيمين من دوامه لكنه عندما رأى تلك المجموعة المتباينة من البشر أمام منزلنا إنتابه القلق، وما زاد قلقه هو رؤية سيارة الإسعاف والشرطة، دخل بين الحشد ليرى ما المصيبة التي حلت بنا وحينما وصل بقرب سيارة الإسعاف رآني أنتحب  بجانب جثة ملقاة على الأرض، ولف رأسه للجهة المعاكسة ليرى أبي مكبل الأيدي داخل سيارة الشرطة، توجه جيمين نحوي وركع على ركبتيه وقال:《مين جي...لمن هذه الجثة؟...مين جي!》
مد يده لينزع الغطاء من على وجه الجثة لكن روزي سحبت ذراعه مانعة إياه عن فعل ذلك وقالت له:《سأحرص على أن يكون السجن قبره، أعدك》
لكنها كانت مخطئة، فقد تم إطلاق صراح والدي وعندما عرف جيمين ذلك حاول التواصل مع روزي لإستفسارها لكنها لم تعر إتصالاته أية إهتمام وهذا ما جعله أكثر إضطرابا فهو يعرف أنه سيعود إلى مسقط رأسه ويقطع أنفاسنا لذا قرر حيمين أن يخطو الخطوة الأولى وقال لي:《مين جي، عليك من الآن فصاعدا الإعتماد على نفسك》عندما سألته عن سبب قوله لهذا أجابني:《إن لم تقم الشرطة بواجبها على أكمل وجه، فلن أقف مكتوف الأيدي لدا ما سأفعله الآن ليس ما تدعوه الشرطة بإرتكاب جريمة، إنما إنتقام》
ماذا عساي أفعل حينها؟ هل كان قراري بتركه يذهب صائبا؟.
إنتظرته ليلتين وما صدر عنهما مقتل والدي لكن لا خبر عن أخي، حينها أدركت أنه لن يعود لكنني زرعت في قلبي أملا من المستحيل أن يزهر في حلم من المستحيل أن يتحقق.
وصل المصعد إلى الطابق العاشر لكنه لم يهتز ولم يفتح بابه كذلك، لاحظت روزي ذلك ونظرت إلى السيد كين في استغراب وقالت:《أنت من طلبت الطابق العاشر صحيح؟》
السيد كين: 《نعم...نعم لكن...》
قاطع حديثها سعاله القوي والذي زاد قوة مع مرور الوقت، هرعت روزي لمساعدته لكن ما باليد حيلة فقد بدأ الدم يخرج من فمه وعيناه تكاد تخرجان من مكانهما، وصوته يصبح أبح مع كل حرف ينطقه لكنه قاوم وأمسك ذراع روزي بقوة ثم أردف قائلا:《إنها...نهايتي(سعال)...لذا كوني(سعال)..مستعدة وقفي...شامخة أمام القدر...》
السيد كين فارق الحياة، عم اليأس على وجهها المصفر وهي الآن مدركة أتم الإدراك أنه لا مفر من القدر.
اهتز المصعد معلنا عن وصوله للطابق الحادي عشر وفتح بابه وهو يطل على منزل أمامه حشد من الناس، خرجت من المصعد ومرت بين الزحمة لترى جثة ملقاة على الأرض بجانب سيارة الإسعاف.
روزي: 《هذا المكان!...》
"هل تتذكرينه؟"
صوته لازال محفورا في سمعها ولن يمحى أبدا، والد جيمين "بارك سونغ جي". إلتفتت في حركة سريعة وأخرجت سلاحها من جيبها الخلفي لبنطالها بيدين مرتجفتين تكاد تزحزحهما الرياح وصوت مرتجف لا يرغب بالخروج يهدده بالإبتعاد عنها.
سونغ جي: 《آهٍ يا لمنظرك المثير للشفقة، أنظري إلى نفسك المهترية من الهموم والبؤس والخيانة، هل تضنين أنني سأجعلك تفلتين بفعلتك دون عقاب؟، لقد خلفت بالوعد وحان دورك لدفع ثمن روحي الثمينة التي أهدرت بسببك.》
روزي: 《روحك أشد سوادا من الظلمة الحالكة، وإستحقت الميتة التي متها على يد إبنك وإن كان هنالك أحد يستحق إنتقامه فهو ابنك الذي خلفت بوعده وتركتك تخرج من الزنزانة مطأطأة رأسي لرئيسي.》
سونغ جي:《لا تقلقي حيال جيمين، لزالت لديك جولة معه حين أنهي عملي معك هنا》
روزي:《ماذا؟》
أشار بسباباته نحو شفتيه مسكتا إياها، وتوجه نحوها في خطوات مستفزة وهي تحاول العودة للخلف لكن قدماها تشبثتا بالأرض وكأن سلاسالا إلتف حولها ومنعتها عن الحركة.
أطلقت روزي طلقة صوبه لكنه لم يبدي أية ردة فعل تدل عن تأثره.
روزي: ما الذي أحاول فعله؟
إستمر الأمر على حاله وهي تطلق عليه محاولة إقافه ولكنه يتقدم بإتجاهها أكثر فأكثر، لكن في غضون لحظة واحدة شعرت روزي بأن قدماها تحررتا وأخدت تركظ نحو المجهول محاولة الإبتعاد عنه بأقصى سرعتها، لكن سكاكينا ظهرت من العدم فجأة بدأت تتوجه صوبها لكن بلا فائدة، فقد غرس سكين في ذراعها اليسرى التي كانت تحمل السلاح مما جعله يطير بعيدا عنها والآخر في ساقها اليمنى ما جعلها عاجزة عن الصمود أكثر وسقطت على الأرض مستسلمة لمصيرها محدقة في السماء التي تملأها النجوم.
روزي:《أهذا ما شعر به الآخرون كذلك؟ العجز، الضعف، الندم》
سونغ جي:《ربما، لكنهم الآن يرقدون في الأفق بسلام الآن》
روزي:《سونغ، كيف هو الموت؟》
سونغ جي:《أسرع من النوم》
ابتسمت روزي لكنها سرعان ما تلاشت بعد غرسه للسكين في قلبها.
سونغ جي:《لكنه لن يكون بتلك السهولة بالنسبة لك، هيا الآن فهو ينتظرك.》
شهقتها التي الأطلقتها نفظت جسدها حتى أوشكت على السقوط من على الكرسي المكبلة به، والعتمة المحيطة بها زادتها رعبا، وانطلقت تنظر حولها في هستيريا والعرق الذي يتصبب من جسمها يكاد يستنزف كل طاقتها المتبقية لها واستغرقت دقائق معدودة حتى تستعيد أنفاسها وتبدأ بهز يديها وقدميها
المكبلة، عادت للنظر حولها باحثة عن بصيص نور يريها ما تخفيه العتمة، لكنها استسلمت وأغمضت عيناها واستندت على الكرسي مرجعة رأسها للخلف تحاول فهم ما إن كانت جميع الأحداث التي عاشتها مجرد حلم يراودها فحسب؟ لكن ما سبب وجودها هنا ولما هي مكبلة في هذه الغرفة التي لا يوجد بها شق يدخل النور إليها؟ ولما هي لا تتذكر ما حصل لها قبل مجيئها؟  وكأن شيئا حذف من ذاكرتها!
إضاءة خافتة للغاية تشتغل في الغرفة والآن روزي قادرة على رؤية محيطها الذي كانت تتوق لرؤته، ويا ليتها لم تره، طاولة مهترية تآكلت مع الزمن فوقها كل ما يخطر على بالك من أدوات حادة، ورأس مغروس به سكين وجثث متناثرة على الأرض وكأنها ألعاب مل صاحبها منها، لكن وجوههم ليست غريبة فقد رأتها من قبل، إنهم هم! من علقوا معها بالمصعد إنهم حقيقيون بالفعل!
قشعريرة تهز جسدها النحيل والمتأذي والذي يملأه الدماء، قاطع هلعها ذلك الشاب الذي دخل إلى الغرفة متخفيا بقناع مخيف لكنه أزاحه فور دخوله لترى ملامحه.
روزي:《جيمين؟ يا صاح، ما الذي تفعله هنا، تريد مساعدتي أليس كذلك؟》
جيمين:《لا، أنا أقوم بعملي فحسب》
روزي:《هل تقصد الإنتقام؟》
جيمين:《نعم》
روزي:《لا، لا...لقد فهمت الأمر بشكى خاطئ، أنا...》
جيمين:《أنت خلفت بوعدك، وقد حان دوري لمحاسبتك》
روزي:《لحظة إستمع إلي، لقد حاولت جاهدة حمايتك أنت وأختك لكنك فهمت الأمر بشكل خاطئ وتسرعت كثيرا، أرجوك أنا أتوسل إليك لا تسئ فهمي أرجوك》
مشى بضعة خطوات نحوها ثم إستند على ذراعي الكرسي الذي يحتضنها ومال نحوها قليلا ثم أردف قائلا:《علي حسم الأمر فقد طال كثيرا، والآن أغمضي عينيكي ولا داعي للذعر》
روزي:《لا أرجوك أنا أتوسل إليك!! لقد فهمت الأمر بشكل خاطئ...》
جيمين:《تذكرت شيئا، السيد كين يبلغك سلامه》
روزي:《من...؟!》

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

"إذا؟"
جيمين: إنتهى الأمر سيد كين
"كلب مطيع"




النهاية.

🎉 لقد انتهيت من قراءة Don't Be Afraid || لا تخف 🎉
Don't Be Afraid || لا تخفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن