تاريخنا العربي مشبع بأعظم قصص العشق وأكثرها صمودا رغم شراسة الزمن.
حكايتنا اليوم جد معروفة تداولتها ألسن العشاق مثالا جبارا للوفاء وجبروت الحب وظلمه. في منطقة نجد بشبه الجزيرة العربية، قبل مئات السنين، ولد قيس ابن الملوح وكبر وترعرع إلى جانب ابنة عمه ليلى العامرية يرعيان معا المواشي وأحبها حبا عظيما. حين وصلت ليلى سن البلوغ حجبت كعادة العرب فقلت لقاءاتها بقيس وزاد هو هوسا بها.
أحب قيس ليلى حبا عميقا وهام بها، وأحبته بدورها، غير أنه ارتكب خطأ إذ كتب فيها قصائد وأشعار غزلية وكان من عادة العرب أنهم إذا ما أفصح شاعر عن حب حبيبته في شعره حرم منها ومنع من الزواج بها. تحدى قيس العادات فكسرت العادات قلبه، علم والد ليلى بما اقترفه قيس فلما جاء يطلب منه ليلى رده، ورغم توسط العرب وإلحاحهم الشديد بأن يزوج المهدي بن سعد ابنته ليلى لابن أخيه قيس إلا أنه أبى وتشدد، فلما علم بحب ابنته هددها أن ينكل بها إن هي أصرت عليه، وهكذا غصبت ليلى على الزواج بورد بن محمد العقيلي وانتقلت معه إلى الطائف. بعد ابتعادها صار قيس هائما تائها يلقي أشعاره عن ليلى في الصحاري متنقلا بين الشام ونجد والحجاز. أما ليلى فقد ندمت ندما شديدا على ما حل بها وعلى رضوخها للزواج برجل غير حبيبها وصارت بدورها تكتب الشعر مفصحة عن مر شعورها، ولم تكن علاقتها بزوجها جيدة فكان يضربها إلى أن تطلقت منه. مرضت ليلى في بيت أهلها إلى أن ماتت في السنة السابعة والستين بعد الهجرة وضل قيس يتردد على قبرها فلم يمر إلا بضعة أشهر حتى وجد ميتا بدوره في السنة الثامنة والستين بعد الهجرة في البادية بين الأحجار وقد ترك هذه الأبيات الشعرية:
تَوَسَّدَ أحجارَ المهامِهِ والقفرِ وماتَ جريح القلبِ مندملَ الصدرِ
فياليت هذا الحِبَّ يعشقُ مرةً فيعلمَ ما يلقى المُحِبُّ من الهجرِ
هكذا انتهت حكاية الشاعرين ودفن حبهما معهما دامع العين سائل الدم مخلفا عبرة لكل من لا يولي عويل القلب اهتماما.
إننا كلما سمعنا هذه الحكايات المؤلمة التي تنطفئ دون نهاية مرضية نتمنى لو كان قلم الأقدار بين يدينا كي نغير المصائر والأحداث. تخيل عزيزي الفراولة أن بإمكانك اليوم بجرة قلم أن تغير أحداث هذه القصة، ماذا ستغير؟ وكيف ستصبح حكاية مجنون ليلى بعد تعديلاتك؟
افسح المجال لخيالك أن يبحر واكتب لنا حبكة جديدة لقصة قيس وليلى لن تخطر على بال أحد!