الجزء الثاني

4 1 0
                                    

تسارعت أنفاسه ، هل هو قادم لي ؟ أي قوة خفية تلك التي تفعل ذلك ؟ هل هناك شبح ما أم ماذا ؟ هل سيقوم الشبح بوضعه مجبرا في المركب ؟ كان يعلم أنه يجب أن يهرب و لكن جسده كان متيبسا لا يقوى على تحريكه ، شعر أن تلك هي نهايته حتى استقر المركب عند ضفة النهر بانتظار من يركبه.

مرت فترة على هذا الوضع حتى بدأ الفتى يسمع وقع أقدام شخص يقترب ، التفت إلى مصدر الصوت وبدا صاحبه مألوفا حتى اذا اقترب أكثر و بدأت تتضح ملامحه استطاع رؤية وجه صديقه الذي بدا كما لو كان نائما ؟ هل كان صديقه من الأشخاص الذين يسيرون أثناء نومهم ؟ لم يعرف عنه هذا من قبل ولكن حين رأى صديقه يسير باتجاه المركب أدرك أنه فقط الضحية المستهدفة تلك المرة .

نادى على صديقه وأسرع إليه ، بدأ يكلمه وهو يهز جسده ليفيق ولكن دون استجابة بل ظل صديقه يسير في طريقه إلى المركب ، أمسكه الفتى وحاول جذبه بعيدا غير أن صديقه قاومه ودفعه بعيدا عنه فوقع الفتى على الأرض وركب في المركب الذي ما إن استقر فيه بدأ في التحرك.

لم يدر الفتى بما يجب أن يفعله في ذلك الموقف و لم يكن لديه حتى وقت للتفكير في أي شيء ووجد نفسه يقفز في المركب هو الآخر قبل أن يبتعد بصديقه ، استمر الفتى في محاولاته غير المجدية في إفاقة صديقه ليتمكنا من محاولة النجاة قبل أن يبتلعهما النهر كما ابتلع غيرهما من قبل.

وقف المركب في نفس البقعة التي ظهر فيها والتي توقف عندها في المرة السابقة ، أحس الفتى بالنهاية التي تقترب وشل عقله عن التفكير تماما فقط ألقى نظرة على القمر المكتمل فوقهما وفي تلك اللحظة انقلب المركب بهما.

نظر الفتى حوله ، المبتل بالماء ، لم يتمكن من استيعاب ما حدث ، كان الأمر كما لو أنه كان في أرجوحة أو شيء كهذا بعد انقلاب المركب اعتدل بهما مجددا كأن شيئا لم يحدث ، نظر إلى صديقه فوجده قد فتح عينيه ، كاد الفتى ان يسعد لذلك غير أن صديقه قد ظل على حاله لا يرد عليه كان ينظر إليه فقط مما أصابه بالرعب.

سار المركب بهما نحوالشاطيء مجدداو نزل صديقه من المركب ونزل وراءه الفتى وبدأ يتبعه بخوف حتى وجده قد عاد إلى منزله.

حاول الفتى أن يفهم شيئا من كل الرعب الذي عاشه في تلك الليلة غير أن أمرا جديدا قد أضيف لهذا الجنون كله ، لقد رأى ثيابه قد جفت تماما من الماء كما لو أنه لم ينغمس في النهر قط ، هل كان يهلوس ؟ أم أن ما عاشه كان حقيقي ؟ لم يستطع أن يجد تفسيرا لكل الذي حدث ولكنه كان ممتنا أن أذى لم يصبه تلك المرة هو أو صديقه ، وأن هذا الشهر لن تكون فيه ضحية جديدة أو هكذا كان يأمل، على كل رأى أن عليه العودة إلى بيته هو الآخر ، سيكون سيئا جدا إن اكتشفت والدته غيابه ، أمل الفتى ألا يكون ذلك قد حدث ولكن لخيب ظنه كان ذلك ما حدث فبعد عودته وجد والدته بالفعل مستيقظة في انتظاره .

كان على وشك أن يحاول شرح موقفه ، أن يقول اي شيء قد يخفف من نوبة غضبها عليه ولكن صدمه قيامها باحتضانه بلهفة شديدة ، سألته " أين كنت في هذا الوقت ؟ هل تعلم كم كنت قلقة عليك ؟ لقد كدت أموت من الرعب حينما فكرت في كل الامور المخيفة التي يمكن أن تكون د حدثت لك "

صدم الفتى من تغير طباع والدته المثير للدهشة ، منذ متى كانت بتلك الرهافة ؟ لقد كانت تتميز بكونها امرأة صلبة قاسية ، كان يجب أن تشتمه أو أن تضربه لا أن تحتضنه ، إنه لا يتذكر حتى آخر مرة قامت فيها بذلك.

حوطت وجهه بيديها و قالت " لابد أنك جائع أليس كذلك ؟ لقد أعددت لك عشاء لذيذا "

" أمي .. لماذا " أسكتته الأم قبل أن يكمل وقالت له " لنؤجل كل شيء الآن يا عزيزي لابد أنك مرهق .. كل عشاءك الآن ثم اذهب إلى النوم".

لم تكن أمه تكذب لقد كان عشاء لذيذا بالفعل لكن كيف ، إن هذا لا يحدث حتى في الأيام العادية فضلا عن يوم أساء التصرف فيه ولكنه كان كما قالت مرهق بشدة لأن يفكر في أي شيء لذلك استسلم لاغواء الطعام ثم ارتمى على سريره و أسلم نفسه لنوم عميق .

في الصباح التالي عمد إلى زيارة صديقه والذي كان طبيعيا جدا لكنه حين حاول أن يحادثه عما حصل معهما بالآمس لم يبد أن صديقه يتذكر أي شيء كهذا بل أخبره أنه كان في بيته نائما بل إنه أخبره أنه ربما هو الذي كان يحلم وحين ذكر الفتى عن تغير معاملة والدته أيضا وأنها أصبحت لطيفة على غير المتوقع أخبره صديقه أن والدته لطالما كانت امرأة لطيفة جدا وأنه هو الوحيد الذي يبدو غريبا جدا اليوم وكان على وشك أن يجادله ذلك حين لمح من بعيد أحد الفتيان الذين كانوا قد اختطفوا قبلا ، سأل صديقه مشيرا إلى هذا الفتى " ألم يقال أنه كان مخطوفا ؟ متى وجدوه ؟"

قال صديقه باستغراب " عمن تتحدث من قال أن أحدا قد اختطف ؟"

قال الفتى وهو لا يفهم موقف صديقه " ماذا حدث لك ؟ إنك أنت من كنت تخبرني بتحديثات قضايا الاختطاف تلك"

" ما بالك أنت؟ إنك تهذي بكلام غريب منذ أن تقابلنا "

تأكد الفتى أن هناك خطبا ما بالفعل ، تغير كل شيء حوله ، لا يمكن أن يكون هذا هو المكان الذي عاش فيه حتى الأمس وتلك المرأة في البيت ليست أمه الحقيقية ، لكن ماذا عن صديقه ؟ لماذا تغير هو الآخر ؟ هل يكون منوما ؟

استنتج الفتى أنه إما أن يكون قد اصابه الجنون بالفعل أو أنه بشكل ما انتقل لعالم آخر وإن كان هذا صحيحا فذلك يعني أنه هو وصديقه سيتم اعتبارهما مخطوفان في عالمهما الحقيقي ولكن بناء على ذلك إذا كان هو وكل الذين اختفوا قبلا قد انتقلوا إلى هذا المكان إذا من هم الاشخاص الآخرون الذين يمثلون أمه وعائلة صديقه وباقي سكان المدينة؟

كانالامر في عيناه قد أصبح فوضى كاملة .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 21, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

اختفاء مريبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن