_____
عَاد لِموطِنَهُ بَعد يومان ، لِنفس الرُقعة التي جَلس فوقها بِرفقتها.
جَلس بِسكون مُنتظرًا لَحظة تَكذيب عقلَهُ الذي اوهمَهُ بأن كُل شيء كان مُجرد حلم ، حلمٌ جَميل لن يُريد الأستفاقة منهُ طوال عِقودَهُ.
يتَشوق لِلَحظة تَهلُل قلبهِ بالإنتصار على عقلهِ ، فما شعرَ بهِ بِتلك الليلة من فُتن جميع حواسهِ و لَوعة قلبهِ بمُجرد وجود هيئتِها الأخاذة بِجانبهِ ليس مُجرد شَريط من نسج خيالهِ ، مُستحيل.
لَحظات مَرت عليهِ وحيدًا حتى أنستَهُ بَعض الموسيقى لتُكمِل جلسَتهِ ، عزفٌ حزينٌ طَغىٰ علىٰ أوتار آلة الكمان و جَعل مِن الحَديقة ساحة موسيقية باهِرة.
أنتَهت الموسيقى بِلحنٍ غير مَفهوم و ذلك ما أزعَج أُذن الفتىٰ كَونَه لم يعتاد تِلك النَغمة الناشِذة عن اللَحن.
« تَبدو النهاية غير مُتناسِقة لكَ ، و لكنها تُناسبني تمامًا »
غَردت بِصوتِها البَهيّ مُطربة قلبهِ الفائِز في حَربَهِ ضد خصمَهُ اللدود ، عَقلهِ الناضِج.
تَركت الآلة ترتاح فوق العُشب و أقتربت من موقع الفتىٰ بأضطراب طَفيف ، و قد زاد الهواء من شدتهِ فور أقترابِهما من بِعض.
حتى الطَبيعة لم تَستطع إخفاء سعادتِها بِالصبيان اليافِعان.
« أقوم بِعزف ما أشعُر بهِ بِداخلي ، و ذلك ما حَل علىّٰ فورما أبصرتُ هيكلكَ أمامي »
شابكت أنامِلها معًا بِخجل و الأخر لَم يَسِعَهُ فعل شيء سوى الإبتسام.
ما بهِ يُصبح طفلًا عاجِزًا عن الكلام كُلما وقعَ سحرِ عيناها فوقهِ؟
قربَ كفهِ بِرفق فوق العُشب لتُلامس انامُلها الباردة فورما فَكت عُقدتها ، و الأُخرى لم تستطع إخفاء بسمتِها ليزداد أضطراب قلبهِ.
تِلك المرة الأولى التي يُبصر فيها إجتماع ضَي القَمر و شِرُوق الشَمسِ بِذات الوقت.
« الأستماع لِمَعزوفاتكِ يأسِر قَلبي و إبصار مجرتاكِ يُنسيني ذاتي ، فهلا تَخلقيّنَ لي عالمًا جديدًا يَشملهُما فقط؟ »
ضربَ الهواء وجهيهُما بِخفة و الذي أخذاه علامة علىٰ تأييد الطَبيعة لِبداية العِلاقة التي لَم يَجدوا اسمًا لَها بَعد.
أخرَجت من حقيبتها كُتيب صَغير يُعانِق زَهرةٍ بيضاء بين صفحاتهِ ، وضعتها بين اناملهِ ليتآملها و التي كانت إشارة علىٰ بدء صداقتهما.
« طوال حياتي لَم أعشَق سوى آلتي الصَغيرة و زَهرتي المُتوهِجة ، و الأن سيُصبح لديهُما ثالِث ليغارا مِنه »
كانت تَرسم دوائِر وهمية فوق العُشب و الأخر ينصاع خَلف رسوماتِها و صوتِها كمَن يتم تنويمَهُ مِغناطيسيًا.
و لَم يَأخُذ الأمر دقائق حتى أتي صَديقَهُ و أخذَهُ بعيدًا عن انظارِها للمرة الثانية.
شَعرت بالضيق قليلًا ، لكنها كانت شاكِره لذهابهِ الأن فهي كانت علىٰ وشك البلبلَة بِما قد يَجعلهُ يَمل مِنها.
لم تَكُن تَدري انَهُ لن يَمل دَقيقة مِنها.
و للمرة الثانية تَلعن سخافتِها علىٰ عدم سؤالِها لَهُ عن اسمه او اي شيء يَخُصه ، و في الواقع الأمر لم يُشكل فرقًا.
يكَفي فقط النَظر لعيناه بليلةٍ أحاطِها نَسيمٌ لَطيف و بدرٍ يتوسط سمائِهُما و هدوءٍ يَترُك لقلبيهُما المجال للتَحدُث بِلُغتهُما دون ضوضاء البَشر المُزعجة.
يَكفي وجودَهُ بجانِبها فقط.
أنت تقرأ
Faded In My Last Song
القصة القصيرةFaded In My Last Song || تَلاشىٰ في أُغنِيَتي الأخِيرَة ألم يَحين الوقت لِتصنع مِدفئتكَ بِنفسك دون الحاجة لشخصٍ يُدفئ ثنايا جُدرانِكَ؟ • مــارك لي. • مـاري أنـتـون. - ذات فصول قصيرة. • Highest ranking #1 in heartbreak ...