الفَصلُ العَاشِر : عَزفٌ بأوتار الماضي

130 22 21
                                    

_____

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

_____

تَجلس تُرتب أزهارِها البيضاء بِبُستانِها حيثُ كان لِقائهُما الأول ، زرعتَهُ بالزهور البيضاء و تَعزف لها كُل مساء حتىٰ بزوغ الفَجر.

لحين عَودة زهرتِها الحَقيقية.

لَم تَزور قبرهِ و لا مرة واحِدة طوال الخَمس سنوات الماضية ، لِمَ عليها زيارة مكانٍ غير مكانهِ الأصلى؟ روحَهُ لا تَسكُن هذا الموقع و حتىٰ جسدهِ التهمتهُ الديدان ، لِمَ قد تُتعب قلبها بحُزنٌ مُزيف و هو يَقطُن منزلهُما الأبدي و يَعدَهُ لها؟

أخرجَت أُغنيتهُما الأخيرة عن طَريق الخطأ و هى تُقلب في ملفات وجدتها بِمَكتب البُستان ، و لا يوجد مانع إن عَزفت موسيقاها للزهور اليوم بِلحن تِلك الأُغنية.

جَلست حيثُما كانت تجلس دائمًا و بِجانبها فراغ حيثُ كان يَشغلَهُ هو.

تَهيئَ لها جلوسَهُ بِجانبها ، وضعَهُ لأنامله الدافئة المُعاكسة لِبرودة خاصتِها فوق آلتِها الثَمينة ، أخذت نفسًا عميقًا و بدأت بأسترجاع لَحن مَعزوفتها.

و بِكُل وتر تأتي ذِكرى لخيالِها ،

بِكُل مَقطوعة تَستمع لصوتهِ يُغني بِرفقتها ،

بِكُل دَمعة تَرى ذاتِها القَديمة الناكِرة للواقع و تَعيش في ضَي الخيال و آمل كاذب بَوجودَهُ رغم مُفارقتَهُ للحياة أمامِها ،

بِكُل صَفعة هواء تتذكر لقاءاتِهُما ليلًا و تآمُلاتِهما لِبعضهمُا التي كانت تَصرُخ بكم عيناهُما تَشُع عِشقًا ،

بِكُل لَمسة لِزهرةٍ بيضاء تَتذكر قُبلاتهِ الدَفيئة فوق وجنتِها كُلما كانت حَزينة و كُلما أراد شُكرها.

كُل شيء حولها يُذكرها بهِ ، كُل نفَس تتنفسَهُ يَكون لأجل جعلَهُ فخورًا بِمُكافحتِها و هو يراها بالأعلىٰ.

ألم يُخبرها قبلًا أن عليها التحلي بالصبر و الأنتظار كما هو يُحاول الأنتظار؟
لِمَ إذًا لن تَفعل؟

لقد فعلت مُسبقًا لأجلَهُ ، و ستَفعل لباقي حياتِها لأجلَهُ.

حتىٰ يؤذَن لها بموعد الرَحيل و مُلاقاه مَن فارق الأعيُن و لازال ساكِنًا الوجدان.

أنهَت مَعزوفتها و قد كان هُناك مَن يَسترق السمع لَها و يَتعجب من براعة عزفِها ، أقتربَت الفتاة الصَغيرة من موقع ماري و عيناها تُظهر أنبهارِها الكَبير.

لكنها لم تُخبرها بذلك و أكتفت بالصمت.

جَلست لومي بجانب ماري و التي تدعوها بِخالتي كونها ابنَه ميلي و دونغهيوك ، كانت تَحمِل كتابًا يَشتمل عدة اسئلة عن حياتك و شخصيتك كي يُعرفك علىٰ ذاتك الحقيقية.

تركَت لومي الكِتاب مَفتوحًا علىٰ إحدىٰ الصفحات العشوائية و هَمّت تَجري خَلف كاندي الكَلبَة التي يُربيانِها.

ألقت ماري بنظرها فوق أول سؤال و قد كان مؤلمًا للفؤاد ، ليس بسبب صيغتَهُ بل بسبب أِجابتَهُ.

« إن كانت حياتكَ كِتاب ، ما هى الجُملة التي ستُفضل إنهاءَهُ بِها؟ »

قرأت السؤال عِدة مرات ، و حينها قررت التَمرُد و وضع لمستها بكِتاب الصَغيرة.

تركت الكتاب مكانهِ و علىٰ ذات الصَفحة و توجهت لِغُرفتها كي تنعم بِبعض الراحة آمِلَه بأن يكون هذا أخر يومٍ لها علىٰ تِلك الأرض.

و بعد مُدة ليست بِطويلة عادت الفتاة لأخذ الكتاب و قد عُقِدَ حاجبيها حينَما قرأت الإجابة المجهولة لها.

حيثُ كُتِبَت بِخط يَد ليس مآلوف و حديثُ مُعقد و يَصعُب علىٰ عَقل الصَغيرة إستيعابَهُ.

و حينها تدخلَ دونغهيوك ناتِشًا منها الكِتاب كي يُغيظها قليلًا و بالصُدفة وقعت عيناه علىٰ الإجابة ، خَط اليَد هذا و تَعقيد الحَديث و تَجميلَهُ ، ما هو إلا مِن فِعل أنامِلها و نَسج عقلِها.

أبتسمَ بِأنكسار و هو يقرأ الجُملة مُجددًا ثم حولَ نظَرهُ إلي شُرفة غُرفتها.

« نهاية كِتابي لَم تُكتَب بَعد ،
فَـلازال جَسدي الهَزيل علىٰ قَيدِ الحياة
و لازالت مُعاناة قَلبي قائِمَة »



لقد عانت كثيرًا بَعد رَحيل مارك ، مَرت بِعدة مراحل و أصعبَهُم كان الإنكار و عدم تَقبُل الواقع.

فكان بأعماق قَلبِها يَختبئ و بِكامل رَوحها يَسكُن ، تَشعُر بأنفاسهِ تُحيطَها ليلًا و حُسن أبتسامتهِ يُداعبها نهارًا ،

كُل شيء بهِ كان يُنير نجومها العاتمة التي فقدت الأمل في ضيائِها مُنذ زمن و بسببهُ هو عادت للأبتهاج كيفما كانت ،

فـكَيف لها ألا تُلاحظ طوال هذا الوقت أن أختفاء ضوء نجومها كان رسالتَهُ لها؟

بل كان علامتَهُ لأخبارِها بأن مصاعب الحياة أرهقتَهُ و قرر الأنتظار بِالجانب الأخر ،
حيثُ سيأتي يومًا و سيُصبحا كيانٌ واحد كما أرادا.

و حينها فقط

لن يَستطيع أحد
تَفريق الزَهرة البيضاء عَن رَحيقها.


_____


النهاية.



Faded In My Last Songحيث تعيش القصص. اكتشف الآن