5

221 22 61
                                    

قضيْنا ليلةً ساحرةً ستُخَطُّ ما بينَ أجملِ ذكرياتِنا حتّى آخرِ رمق ، ليلةً ناعمةً رقيقةً و سارّة ، و على الرَّغمِ من المشاحنةِ الصّغيرةِ التّي تسبّبتُ فيها وقتَ قراءةِ القصّة ، ظلَّتْ مُحافِظةً على شاعريّتِها حتّى بالنّسبةِ إلى ليوناردو ضحيّةِ هذه المشاحنةِ و أكبرِ خاسريها.
أشعرُ بسعادةٍ لا تُوصَفُ بمجرّدِ الكلام ، سعادةٍ تخطَّتْ كلَّ شعورٍ آخرَ في ثباتِها و حلاوتِها و آثارِها ، سعادةٍ مُثمِلَةٍ مُخبِلة ، تجعلُني أشكُّ في واقعيّتِها ، و أردُّ وقوعَها للمنامةِ لا للواقع.
أليسَ اجتماعُنا أعظمَ نعمةٍ في الوجود؟ كيف أطلبُ غيرَها و أنا أملكُها و في أبهى حُلَلِها أيضاً؟ ألا أعرفُ الخجلَ أمامَ الكرمِ السّماويِّ أنا؟
تنهّدتُ مسرورةً و أنا أراقبُ غيمةً خفيفةً تتلاعبُ في السّماءِ أمام البدرِ المُضيء ، و ألقيتُ نظرةً على عائلتي واحداً تلوَ الآخر ، بيب الأخرقُ غافٍ في الكرسيِّ بجانبي ، ليو يقفُ أمامَ الشّاطئ بعيداً من المُخيّمِ بقليل ، أُمّي و ميلا و إيمّا نائماتٌ في الخيمة ، و أبي يحومُ حولَ الجميعِ يتفقّدُ أحاولَهم.
أمّا أنا ، فكنتُ أجلسُ في ذاتِ مكاني ، أضعُ في حجري كتاباً توقّفتُ عن قراءتِه منذُ قليلٍ لخفوتِ الضّوء ، و أفكّر.
أنا أحياناً غيرُ مُرضية ، أحياناً عاصيةٌ و متذمّرة ، لا يعجبُني شيءٌ يُقدَّمُ لي و مع أنَّه حلمٌ لكثيرٍ من النّاس ، أعترفُ بهذا ، كما أعترفُ بأنّني كثيراً ما أحاولُ أن أخالفَ هذه الصّفات ، أن أرضى بما بين يديَّ و أصبو للأفضلِ في ذاتِ الوقت ، لكنَّ الأمرَ صعبٌ جدّاً حتّى في وجودِ نصحِ الكتبِ و الأشخاص ، صعبٌ متناقضٌ و غيرُ مفهوم ، خاصّةً عندما أكونُ في أعسرِ أوضاعي النّفسيّة.
سأحاولُ مهما كانَتِ الظّروف ، سأحاول ، أظنُّ الإصرارَ على المحاولةِ أهمَّ أسبابِ الوصول ، سأصرّ و أنالُ شرفَ المحاولاتِ المتعدّدة ، ثمَّ سوف أصل ، أعدُ نفسي بهذا

_"فيونا"

_"نعم أبي!"

نهضْتُ بسرعةٍ من فوقِ كرسيِّي ألتفتُ نحو أبي ، كانَتْ نظراتُه اليائسةُ إلى بيب النّائمِ مُضحِكةً إلى حدٍّ خارق ، بَيْدَ أنَّني استطعتُ إمساكَ نفسي أمامه بشقِّ الأنفسِ و الوقوفَ بثبات ، أنا مكاني في هوليوود أصلاً ، مع جايك غيلينهال ممثّلي المُفضّل ، و سآخذُ جايك غيلينهال الخاصَّ بي أيضاً.. فهو جميلٌ جدّاً

_"أيقظي بيب و اذهبا للنّوم"

_"حاضرة سيّدي!"

بانَتْ ابتسامتُه البسيطةُ بالكادِ في العتمة ، و بلغَتْ أن جعلتني أرضى مجدّداً بما أفعل ، حسبتُ مزاجَه متعكّراً بسببي و سببِ قصّتِي ، إلّا أنّني على ما أرى خارجَ أسبابِ انزعاجه ، و قَدْ أعطاني الضّوءَ الأخضرَ الآن لأتابعَ انتقامي ، أعتذرُ يا جماعة ، الانتقامُ لا علاقةَ له بالقيمِ و بما كُنْتُ أفكّرُ فيه قبل لحظات ، فيونا الحكيمةُ تعرفُ ما تفعل.
اقتربتُ من دبِّ عائلتِنا النّائمِ و رُحْتُ أهزُّ ذراعَه ، ثمَّ أصفعُه برفقٍ إذ لم يستجب ، و كما توقّعت ، لم يشعر بشيءٍ ممّا فعلت ، بل و راحَ يترنّمُ كرضيعٍ غارقٍ في النّوم.
أعرفُ الحلَّ جيّداً ، و قَدْ أثبتَ فعاليّتَه في مرّاتٍ كثيرةٍ من قبل ، يأتي في المرتبةِ الثّانيةِ بعدَ صوتِ أبي _الذّي لا أعرفُ لماذا لم يستخدمه_ في قائمةِ أخطرِ الوسائلِ و أكثرِها فعاليّة ، أعتذرُ يا بيب ، لكنّكَ تستحقّ.
قرّبتُ فاهي من أذنه ، و هيّأتُ جسدي للهربِ مع أوّلِ حركةٍ بعيداً من نطاقِ استطاعته ، ثمَّ.. نفختُ!

صدف ~ شيم جايكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن