وعلى أحد الطاولات بكافيتيريا الجامعة جلست مجموعة من الفتيات يجذبن الأنظار نحوهن وخصوصًا رهف الجالسة في المنتصف وكأنها الماسة اللامعة في منتصف العقد، تتجه الأعين مباشرة نحوها وتتفتح لها الأفواه فاغرة من فرط فتنتها وكأنها لوحة بيكاسية وجميع الأعين حولها معجبين مبهورين، إنها مثال الغواية، تضحك فتنحبس الأنفاس وتعاود الحديث فتعود الأنفاس تلهث حولها، تتصنع الغضب من صديقاتها في دلع متصنع فيود الناظر احتضانها، بينما لا يخلو المشهد من شاب أو شابين ينظران إليها فيرطدم أحدهما بالنادل ويقع الآخر عن كرسيه، تبًا للملحدين جميعًا؛ فليس من المنطقي أن يوجد ذاك الجمال محض صدفة، إنها كمعجزات الأنبياء... يكفي أن تكشفها على القوم حتى تراهم موحدين يسبحون الخالق بلا عيب والصانع بلا هفوة.
سحرتني رهف بتلك العينين الواسعتين والفم الصغير الممتلئ والغمازاتين المطلتين على خديها في استحياء وكأنهما يخجلان من الظهور علانية، بينما العقد المستريح على جيدها يخرج لسانه لكل الناظرين ولسان حاله ينعي من لم يلمس جلدها الاستبرق ونهدها العاجي... سحرتني حتى نسيت أن أنقل لكم قلقها وهي تحدث صديقاتها قائلة:
-لم أفهم حرفًا واحدًا من مقرر التكامل، يبدوا أنني سأغير ذلك الصف اللعين.
-لا أظن ذلك، فهو أحد المقررات الإلزامية.
-إذن ما الحل؟
-الحل دائمًا عند دكتور علاء.
توجهت رهف تتبعها العيون، عيون الفتيان والفتيات على حد سواء، أعينهم تخترق الحواجز وتتحسر إما غيرة أو لهفة حتى وصلت إلى مكتب دكتور علاء الذي استقبلها بحفاوة يستقبل بها جميع طلاب حتى صار والدهم وأخيهم الأكبر، يقصدونه كلما تعثروا في شيء:-
-أهلا يا مرحبًا، نورتي مكتبي.
-منور بحضرتك يا أجمل دكتور علاء في الجامعة بأكملها.
قصت رهف على سمع دكتور علاء مشكلتها التي لا حل لها مع مادة التكامل، فعقلها الذي يحمل كل صراعات الموضة والإتيكيت والأناقة يعجز تمامًا عن تتبع خيوط الرياضيات المتقاطعة والكثيرة، فعالمها أكثر بساطة وأكثر جمالًا من عالم الرياضيات المتشابكة بعضه ببعض كخيوط العنكبوت.
وما إن انتهت من طرح مشكلتها حتى قفز في رأس دكتور علاء الشخص المناسب لهذا العمل:
-خالد، يجب أن تذهبي لخالد.
-ومن يكون خالد؟
-إنه طالب في السنة الأولى ولكن عبقري بحق، سيساعدك على فهم أي شيء ولكن بمقابل مادي بسيط.
تعجبت رهف وهي تنظر إلى دكتور علاء غير مصدقة :
-لكن أليس ذلك ضد قوانين الجامعة؟
-نعم، ولكن هو شاب فقير يحتاج المال جدًا، ألن يكون شيء رائع منا مساعدته نظير ما يقدمه من خدمات؟!
سكتت رهف لبرهة ثم قالت:
-لا يمكنني الإعتراض على أي شيء تقوله يا دكتورنا العزيز، وبالطبع أنا احتاج النجاح في التكامل بشدة، أظن أنني لا أملك خيارًا آخر.
وهكذا اتفقا على كل شيء، ستذهب إلى المكتبة ستقابل خالد وتتخلص من عقدة التكامل.

أنت تقرأ
الفتاة ذات نقش التريكو
Romanceعندما يتخطى القبح ملامحنا، يفقد الجمال قيمته. ربما يكون وجهي جميلًا ولكن خلف هذا الصدر أطنان من الشروخ وأميال من التشوهات، ولكن ماذا يوجد خلف وجهك وما السر خلف نقش التريكو؟!