- ساند رأسة على السُلم وأجزائه مُرتخية على أخر درجه قدام الشقه .. خلال ٥ دقائق زارته جميع الذكريات حلوها ومُرّها عين تبتسم وعين تدمع كف يرتخي وكف ينقبض تنهيده مُريحه وأُخرى ثقيلة ، فز على باطن الكف التي وضعت فوق كتفه ونظراته تستنكر الشخص التي أستقر جسدة بالقرب مِنه ويرسم على محياة أبتسامة خفيفة .
- اردف بصوت عاتب تتخلله نبرة مزح : غيث المُستأجر الجديد .
- أرتخت ملامح هتان بهدوء وماخُفي عنه العتاب البسيط التي خلف احرف هذا التعريف ، تنحنح بصوت مُنخفض وهو يقول : حياك .. وأنا هتان صاحب البيت .
- قدر يستنتج أن هالهتان جوفة يحترق ولو أن مافي رماد ملموس يدل على هالأحتراق ولكن ملامحه الذابله كانت دليل كافي ، حاول يلطف الجو بكلمات مُمازحه وينتهى هذا اللقاء بأحنّ طريقة مُمكنه : أدري تقول آدمي مطرود وجالس يتكلم مع نفس الشخص التي طرده .
- ضحك بصوت مُنخفض وقال : مايلحقني عتب ، أنت اللي كان توقيتك غلط .
- صفق كفينه ببعض بقلة حيلة وضحكته تصدح بالمكان : أجل دام اللقاء الأول كان بخيل أسلوب ، أنا راضي تعزمني على كوب شاهي وبأعتبرة أعتذار بسيط وننهي اللقاء الثاني بكرم .. شرأيك ؟!
- هز رأسه بموافقة : ولكن لا أخفيك أول صفة بدونها بمُخي عنك " جار ثقيل دم يعزم نفسه من نفسه " أتفقنا ؟؟!
- اشتدت ضحكة غيث وأردف بصُلح : "لأنك جاري في الأرض وجاري في السماء " عندك حصانه تدون عنيّ اللي يرضيك .
- أبتسم هتان بحبور واضح من هالغيث العجيب ، وجوفة يتسائل يالله هالرجل كيف قادر يكون بهالهدوء والرحابة ؟ الأكيد أن هالجار أخذ من أسمه واجددد وجوده قادر يبدد الضيق لفرح والحُزن لسعادة بمُجرد حوار بسيط يتفوه بِه بالضبط كقطرات المطر العذبة التي تبدد كُل بؤس في الأرض لسعادة عارمه .. جاهل تمامًا أنهم جيران بالرحابة والهدوء والتأثير الإيجابي قبل مايكونوا جيران يجمعهم سقف عمارة واحده ، ولكن ظروفة كانت قاسية وهذا هو سبب كُل هالجمود التي يتغلف بهِ هالهتان !
- أستقاموا بأجسادهم الرجولية ومناكبهم العريضه ، ليقف هتان قدام باب الشقه وينحني بنظراته لجيب ثوبه وكفه اليمين تلتقط المُفتاح ، فتح الباب بهدوء والتفت على غيث الواقف بمكانه بأحراج ، فهم مقصده وذبذبات صوته تنتشر في أرجاء الصاله ليخبرهم أن لديهم ضيف ليأخذوا أحتياطهم ، أشر له بالدخول إلى المجلس وهو يجر خطواتة خلفة .
- أنحنى بجسدة على الكنب التي يكتسية اللون البُني ونظراته مصوبة ناحية هتان التي يخاطبه قائلًا : الأتفاق كان كأس شاهي ، بس لأنيّ كريم بزودك بكأس موية .
- هز رأسة بموافقة وضحكه وهو يقول : كثر الله خيرك .
- أبتسم هتان بهدوء وهو يطلع من حدود المجلس مُبتعداً عن أنظار غيث .
__
__
- طرق باب المطبخ بأصابعة : ودّنا بكأستين شاهي من يدينك يجعل الخاطر المُتكدر صافي .
- التفتت له وأبتسمت بخفة : أبشر ، بسوي ليّ ولكم بس بشرط تشربوة بقوانيني أنا !!
- هز رأسه بموافقة وقال : ما من أعتراض ، سيدة الشاهي ماعلى قوانينها خلاف .
- ضحكت بصوت مُرتفع من هالمدح الصريح وأردفت بتساؤل : مو من عادتك تجيب أصحابك هِنا ؟
- هز رأسه بموافقه : هذا غيث جارنا اللي فوق .
- رمشت بتوتر وهي تأخذ علبة السكر وتحط منه كميه مُحدده ، وقالت تخفي أرتباكها الواضح : خمس دقائق ويصير جاهز .
- تركها تجهزة براحتها .. وخطى خطوات بسيطه وهو يطرق باب غرفة أُخته ويفتحها بعد ماسمع صوتها يسمح له بالدخول ، أبتسم بهدوء وقال : ملاذّ بتسوي لنا شاهي تشربين معانا ؟
- تصنعت الأبتسامة وهي على علم تام أن أخوها مايبيها تجلس وحيدة في الغرفه وكُل شوي يدخل يتطمن عليها ويرمي الأعذار على أشياء تخفي خوفه ، هزت رأسها بموافقة وحررت السرير من جسدها وخطت معاه خطوات بسيطه لين وصلوا للمطبخ .
- مدت له ملاذّ الصحن وقالت : تفضل ، سُكر خفيف بدون نعناع .
- رد عليها بأمتنان : زاد فضلك .. وهو يأخذ الصحن من يدها ويجر خطواته نحو المجلس .
- أبتسمت لها وتيّن بخفة وهي أشد العارفين أن هالملاذّ طريقة حُزنها دايم غير ، ما تنعزل بنفسها بين أربع جدران ، ولا تهلّ دموعها ، ولا تصرخ او تفرغ غضبها ، دايم حُزنها هادئ ما يتعدى عتبة باب قلبها ، تشغل نفسها بأتفه الأشياء وتتصنع القوة بجميع جوارحها وأن لزم الأمر بتضحك بأعلى صوت بس مُستحيل تدمع قدام أي شخص ولو كان هالشخص أقرب الأقربين لها دايم إنهيارها على الصامت النيران تشب بين ضلوع صدرها وعلى ثغرها أبتسامة ! بلعت ريقها بهدوء وقالت : تعالي نجلس نشرب الشاهي سواء .
- تصنعت الأبتسامة وهي تهز رأسها بموافقه : أجلسي أنتي وأنا بجيب الشاهي وأجيك .
- تحركت من مكانها بهدوء وطلعت من المطبخ وأنحنت بجسدها وجلست على كنب الصاله تنتظر خالتها .
__
__
- في مجلس الرجال :
- قدم له هتان كأسة الشاهي وعلبة الموية وهو يقول : حيا الله جارنا .
- أرتشف رشفة من الموية وعلى ثغرة أبتسامة بسيطه : الله يحييك .. وصوب نظراته لكأسة الشاهي وأبتسامته تكبر وقال بمزح : " الحمد لله أن الشاهي سادة " كنت شايل هم لو حاطين فيه اي نكهه وأبتلش وأشربة .
- أنحنى بجسدة الرجولي على الكنب وجلس وهو يأخذ الكأسة الأُخرى ويرتشف منها وضحك بصوت عالي من هالغيث الصريح : ولا يهمك عندنا آدمية كئيبة زيك .
- عقد غيث حواجبه بخفه من هاللقب الغير مُنصف : بس واضح ماعندكم ثقافة أحترام أختلاف الأذواق !
- أرتشف رشفة أُخرى من كأسة الشاهي التي يحتجزها بين أصابع كفه اليمين وأردف قائلًا : ثقافتنا تعدت أختلاف الأذواق ، وصلنا للمرحلة اللي بعدها .. ولاّ ماكان شربت الحين شاهي من يد سيدة الشاهي وبقوانينها .
- تلخبطت مفاهيمه من كلام هالهتان قبل دقيقة يقول آدمية كئيبة والحين صارت سيدة الشاهي ! فضل الصمت على التطفل والتساؤل عن هالوصف العجيب .
__
__
__
__
- الساعة ٩ مساءٍ :
- التفتت على أبوها الجالس بيمينها وقالت : يبة عمي رائد أولاده يعرفونا ؟
- هز رأسه برفض وقال بحسرة : لا ، قبل ٢٠ سنه كان عمكم توه متزوج وبعد زواجه بشهر توفى جدكم ومن هذاك اليوم التشتت التهمنا بشراسه ، وبعد الخلاف اللي حصل بيننا أنا تركت إبها وأستقريت بالطائف وهناك تعرفت على أمكم وبعد سنه من هالتعارف تزوجنا .
- الجمود كان مُغلف جميع ملامحه ، يستمع لحوارهم بصمت ، وأخيرًا بعد مرور ٢٠ سنة من سيرة هالعم اللي كان والده يحكي عنه بكُل موقف بكُل حوار بكُل مُناسبة وشوقة الطاغي لهالأخ التي حدته الحياه يتركه حفاضًا على كبريائة اللي خدشوة بطريقه مروعه ، للحين تيم يتذكر سرد والده لجميع الأحداث التي حصلت وكم مره بلل الدمع شنب تميم شوق وحسرة لهالأخ الغايب ، كان يعرف جميع تفاصيل القصه ويعرف سبب الخلاف اللي صار بين والده وعمه ، يحلف بجميع جوارحه أن هالأب العظيم اللي جالس مقابل له شال بصدره جبال راسية من الحُب والشوق المُضني والحسرّة اللي ألتهمته خلال كُل السنين اللي مرّت ، ولكن هذا مايلغي أنهم اتهموه تهمه قاسيه حيل وأجبروة يبتعد عنهم يجر خيبته وماتبقى من كبريائة ويسافر لمدينة ثانية !
- مسح تميم دمعته المُتمرده يخفيها عن انظار أولادة الشارهين على عمهم بسبب هالدمعات الكثيفة التي تساقطت من محاجر عيون والدهم خلال كُل السنين التي أنقضت .. تنحنح بصوت تلحفته الغصه وهو يقول : حسب اللي فهمته من أولاد عمكم أن رائد ما حكى لهم عن شيء ولا يعرفوا وش السالفه ووش سبب هالخلاف اللي صار بيننا ، ولكن أنتوا عكسهم تمامًا عارفين كُل الحكايه وعندكم علم بجميع جوانبها لأني كنت اشوف هذا هو التصرف السليم ولا هان عليَّ تنقضي كُل هالسنين وأنتوا جاهلين ان عندكم عم ، صحيح أنكم أحترمتوا رغبتي بعدم الأفصاح عن مكانه وعن أسرته وأولاده ، ولكن أكثر جُزئيه تهمني في الموضوع معرفتكم التامه للعلاقه الي تربطنا فيهم ولو أن ماحصل بينكم وبينهم أي لقاء لحد اللحظة هذي ، بس بأذن الله التشتت هذا بنحتوية أنا ورائد من أول وجديد وبنجمع شمل هالعائله ونسقي جذورها لين يرتوي كُل الجفاف اللي فيها ، طلبي الوحيد منكم تتقبلوا هالعلاقه برحابة صدر ، ولا تسمحون للماضي يكون عائق ، بالنسبة لي أكتفيت بُعد وتشتت ودّي هالعائلتين يلتحموا ببعض ودّي نعوض الخواء الشاسع اللي صار بيننا ، ودّي أتطمن إن لكم عم بيحتويكم من بعدي .. وأن هالعائلة لها حُضن وملجأ غير حدود هالبيت .
__
__
__
- وبغرفة " نهر الجسد " قفزت من مكانها وهي تناظر من الشباك ورائد ينزل من السياره ويجر خطواته داخل العماره ، ركضت بخطوات مُسرعه وشدت عروة الباب وهي تطلع من غرفتها وتخطي خطوات مُسرعه وتدخل غرفة أخوها وقالت بتوتر : هتان أبوي وصل .
- رفع رأسة من بين كفيية وأطلق تنهيده عميقه مسح على تقاسم وجه براحة كفه ، أستقام من فوق السرير وهو يخطي خطوات هادئه تدل على قلة حيلة وكبر بأسه من كُل اللي قاعد يصير .
- ناظرته بألم عاث بدواخلها وسلبها طمأنينتها المُتبقية ، يالله أخوها كيف كذا صاير باهت ؟ معقوله وجود أُمهم كان سبب كُل النور التي يشع منه ؟! وعد كانت الدليل لهالهتان التي ضيع طريقه وضيع نفسه من بعدها !! ليه هالضياع التي ليعيشه الحين هي ماحست فيه ؟ ليه هروب أُمها وتركها لهم بهالطريقه الموجعه ما ألمها كثر ما تألم أخوها ؟ معقولة هالوتيّن وجود أمها وغيابها عندها نفس الشيء ؟! نزلت دمعتها التي أستقرت في مُنتصف خدها وأشعلت النار بين ضلوع صدرها مسحتها بشراسه جرحت فيها خدها ، تو تكتشف أن الضياع التي ليعيشه هتان حاليًا هي لتعيشه من ٢٣ سنه [ الميت ما تأثر فية طعنه ! ] الحين فعلًا إيقنت صدق هالعبارة وحقيقة حروفها المؤلمه .. مشت خلف أخوها بخطوات مُتعثرة وبقلب مكسور شافته يجلس على الكنب وجلست بالقرب منه مُنتظرين دخول والدهم .
- فتح الباب بهدوء تعانقت نظراته بنظراتهم العاتبه ، قطع المسافة الفاصله وجلس مقابل لهم ، تنهد تنهيدة عميقه وصلت لمسامعهم وتكلم بحسرّة كثيفه : مابقى شيء يتخبى ! وجب عليَّ بهاللحظة أشرح لكم كُل شيء وأعطي اسئلتكم حقها في الأجابة ، ولو أنيّ على علمٍ تام بتأخيري ولكن كللوني بالعذر .. وأعطوني فرصة أبرر لكم كُل هالمواضيع وكُل هالشتات اللي عشتوه بالرغم من وجودي حولكم !
- كمل كلامه بأضطراب وهو يرجع بالزمن لـ ٢٠ سنة ورى ويقول : بعد زواجي أنا وأمكم بشهر توفى جدكم ، والوصيه اللي تركها كانت السبب بتدمير هالعائله وتشتتها بهالشكل الموجع ، جدكم عطى عمكم ٣ أرباع الأملاك وترك لي ربع فيها ! بالرغُم من أني الولد الكبير بس هالشيء ماشفع لي كتب بالوصيه أن تميم يستاهل الورث الأكبر مُبررًا عدم أستقرارة العائلي لحد اللحظة اللي توفى فيها ، كونه أعزب ومو مخلص جامعته وعاطل عن العمل ، ولكن أنا هذاك الوقت كنت مزوج ومُخلص جامعتي وأشتغل براتب قادر أحتوي فيه عائلتي والبي جميع مُتطلباتهم ، ناهيكم عن حُبة الكثيف لتميم مُقارنةٍ بفُتات الحُب التي كان يرميه لي ! رُغم أدراكي لهالحقيقة المُرّه ماكان عندي أعتراض عن وصيه جدكم وتقبلتها بصدر رحب ، ولكن وعد طلبت مني أشوف المُحامي التي كتب الوصيه واتأكد من صدق المكتوب فيها ، الحاصل أن جشعها بالفلوس عمى قلبها عن أهمية العائله ، يوم التقيت بالمُحامي أقنعني أن تميم لعب بالوصيه وأن فيها من الكذب الشيء الكثير ومنافيه تمامًا لرغبة جدكم ، جن جنوني وتخليت عن منطقي وثباتي وأنا أرمي هالأتهام القاسي على أخي الوحيد قدام الملأ ومن دون مايرفّ لي جفن ، كنت على قناعه أن هالتصرف هو التصرف السليم وأن تزويرة لهالوصيه هو خطأ فادح ، ولكن مع بالغ الأسف أن الكواليس كانت تختلف تمامًا عن هالأتهام الباطل ! وقتها دخلوا بيننا ناس ووصلنا لنقطة حل أن جميع الأملاك تنقسم نصفين ، ماكنت أدري أن هالأتفاق بيكون سببه هدم علاقتي بهالأخ وببترّ أخوتنا إلى يومنا هذا ، من بعدها عمكم ترك إبها وسافر الطائف وأستقر فيها ، لحظة التوقيع على تقسيم الأملاك كانت اللحظه الأخيره بيني وبينه ، رُغم تبريرة وتحذيرة لي من تصديق هالأتهام وأنه أكثر شخص بريئ من المكتوب بين أسطر الوصيه ، ولكني فضلت عدم تصديقة وصدقت زوجتي على حساب أخوي ، وياليتني ماصدقتها !
- أطلق تنهيداته المُتتاليه وهو يكمل كلامه ويقول : بعد ٣ سنين جت وتيّن وبعدها بسنه حملت وعد بهتان وبنفس اليوم جاء المُحامي للمستشفى وأعترف بكُل شيء .. ويوم جيت اصارحها خيرتني بين تميم وبينها !! واقولها مع بالغ الأسف أن خوفي من تشتتكم هو كان سبب أختياري لها ، ولأن ماكان لي وجه بعد ٤ سنين فراق أطلب من تميم العفو ، بس عليّم الله قد إيش الندم أحتلني من أقصآي ، بحثت عنه وعن مكانه وراقبته كُل هالسنين كنت أفرح لفرحه وأبكي لبكاه لا هو اللي كان يعلم بوجودي بالقرب منه ولا أنا اللي ظهرت أمامه وأرتجيه يسامحني ، كان يكفيني أشوفة بخير حتى ولو من بعيد ، رجع إبها قبل سنتين وأستقر فيها وكنت كُل يوم أجر خطواتي لعتبة بيته واتراجع بأخر لحظه وقلبي يتفجر من زود الشوق وكثافة الندم والحسرّة ... وقبل يومين طلبت منيّ وعد نروح له ، كانت أصعب مُقابله واجهتها طول عُمري ، على يميني أخوي وعلى شمالي زوجتي ، شخص فيهم مظلوم وشخص ظالم !
- أمكم قست وتجبرت بهالعائله من اول ليلة زواج لنا ، اذاها لحق الجميع بغير استثناء ، شتتنا بطريقه موجعه حيل ولكنها تناست أن هالتشتت بيصيبها معانا ، أنا كنت أخ مغدور وأب قلة حيلته سلبت جميع مكامن القوة اللي فيه ، خلال كُل السنوات التي فاتت ماكان عندي الشجاعة الكافيه أعلمكم إن لكم عم ، الظروف حدتني على الكتمان وهذا اللي كنت أشوفه مُناسب ، عمومًا الله يلوم من يرمي عليكم الملامه ولو بحرف واحد ، أنتوا الأثنين كنتوا أطهر شيء حصل بكُل حياتي ماودّي أخسركم بعد كُل هالعُمر ولا لي وجه أطلب العفو منكم ولكن كُلي أمل أنكم بتتمسكوا فيني وتحتووني وتغفروا كُل الأخطاء التي بدرت منيّ ، الحياة هدّت حيلي وبأسي وشاب قلبي قبل ما يشيب رأسي ولكنكم أنتصاري الوحيد من بين رُكام كُل هالهزائم والخسارات التي جنيتها طول عُمري .. لو باقي بصدوركم سعة لمسامحتي ولو واحد بالميه أنا راضي بهالواحد على أمل بأنه يتضاعف إلى المليون ومابعده .. أنتوا عينان في رأس ، ورائد مُستحيل يكفي حياته بدون عيونه ! ولكم حُرية القرار .
- أستقام بجسدة وطيفه يتلاشى من قدامهم تدريجيًا وهو يدخل غرفته ويقفلها تاركهم يستوعبوا كُل هالأحداث ، وهو أشد العارفين أن كُل كلمه تطرق بِها عن وعد كانت تخدش قلوبهم وتدميها طال الزمن او قصر هالوعد بتظل أمهم إلى أبد الأبدين ولا في شيء بهالعالم قادر يكذب هالحقيقة او ينفي صحتها .
__
__
- واقفه خلف باب غرفتها تسترق السمع إليهم بهدوء ، كُل ما تمردت دمعه ونزلت على خدها مسحتها بباطن كفها بشراسه ، الكُل يطالب بالتبرير وفهم الحقيقه ، والكُل لقى أجوبه لأسئلته إلاّ هي أسئلتها عاريه بدون جواب .. بلعت ريقها بصعوبة وكفيها ترتفع لكتفيها وتحضن نفسها بكُل قوة وهي تكبح صوت شهقاتها المُتتاليه ، أطبقت جفنيها بألم مريرّ سامحه لشلال دموعها بأن يهوى على صفحة وجهها دون إعتراض ، تمتمت بصوت مُنخفض وبغصة كثيفة : توقيت رحيلك ياوعد كان قاسي جدًا ، كان في الصباح رحيل واضح ذهبتي بجدية قاسية ، لم يكُن ليلًا لأمل عودتك مع طلوع الشمس رحلتي في وضح النهار ، من عُمر الـ٥ سنوات عودتيني عليك والحين بعد عُمر الـ٢٤ كيف أتعود بدونك ؟؟ تركتي ملاذّ وحيدة وقطعتي أخر حبل كان يربطني بعائلتي .. يا كُبرها عند الله ، ذنبك كبير حيل كبير ! وأجهشت بالبكاء وصوت تنفسها يعلى وتزيد من أحتضانها لنفسها بكُل قوة .
__
__
- كان باقي خيط رفيع يشفع لها بقلبه ولكن تمزق هالخيط بعد كُل الحكي اللي سرده أبوة على مسامعهم يحتاج يشهق شهقه يستنشق فيها كُل الأكسجين الموجود بالصاله ويحتجزه داخل رئتيه لأطول وقت مُمكن ، التفت على أخته المُتجمده بمكانها دون حركه ، وزاد أختناقه حاسس بهاللحظه أن جميع ذرات الهواء موقادرة تساعده يتنفس بأريحية ، شد من قبضه كفه وهو يغرس أظافرة بقطن المخده ويستقيم بجسدة الرجولي ويرميها على الأرض بشراسه ، تحرك بخطوات مُسرعه خارجًا من الشقه ويصفق الباب وراه بكُل قوة غير عابئ بالتوقيت او بحُسن التصرف ، صعد الدرجات بذات السرعه وفتح باب السطح ودخل .
وقفت خطاوية بمُنتصف السطح والظلام الحالك يتوسد جميع أركانه ، رفع كفة اليسار وغطى فيها عُنقة وأصابع كفة الأخرى تتخلل شعرة الحالك ويشد عليه بألم .. ركل التلسكوب برجله اليمين وثناثرت اجزائه ، أنحنى بجسده على الأرض وصرخ بصوت متأوة من القطعه المُتناثره التي أنغرست حوافها الحادة بركبته .
- وضعت كفها على فمها من أنهيارة المؤلم التي أخترق قلبها وتحتجز بين أصابع كفها كشاف صغير أستطاعت من ضوئه أن ترى جرحه بوضوح .
- رفع مقدمة رأسة ليلتفت نحو الشهقه الأنثوية الخافتة التي وصلت إلى سمعه ، تعانقت نظراتها الخائفة بنظراته الدامعه من شدة الألم التي يفتك به .. وجوفها يتسائل بـ : لية عيون هالهتان تلحفت ظلام هالمدينة !
- سقط جهاز الكشاف مِنها ركضت بخوف تجر خطواتها المُسرعه برا السطح دون إلتفاته .
- أنحنى بنظراته للقطعه الحاده وأنتزعها من ركبته بألم كثيف .. تمدد بحركه بطيئة وأرخى عضلات ظهرة على الأرض وبؤبؤ عينيه يُعانق رحاب السماء غير عابئ بدمه التي ينزف دون توقف ... وبعد مرور بضع دقائق فز على صوت أحتكاك شيء يوضع بجانبه ولكن الظلام لم يسمح له بأكتشافه .. وخطواتها الهاربة تصل إلى حدود سمعه لينتشر النور في جميع أركان السطح ليزيح رأسة قليلًا إلى يمينه ونظراته مصوبة لعلبة الأسعافات التي وضعتها بالقرب منه .
- زفر تنهيده عميقة أختصرت ما بمكنون صدره وهو يجلس ويأخذ علبة الأسعافات ويبدأ بمُعالجة جرحه ويلف الشاش حول الجرح بعشوائيه غير مُبالية ... بعد ثواني معدوده ثبت بؤبؤ عينيه على الكرتون التي يحتوي بجوفة "علبة مُعقم " أحتجزه بين أصابع كفه وسحب ورقة الإرشادات فتحها بسرعة وأختطف قلمة من جيب ثوبة وكتب [ أما الجروح التي على الجسد فما لأحدٍ عليها حيلة هي بنفسها بتطيّب .. وأما جروح القلبّ فأن صار ولقيتيها داريها ، ولكنّ ألمسيها بحنيّة ، مرارة السنين اللي مضت تكفي ! ] .. ثم رمى القلم بأهمال داخل العلبة وهو يثني الورقة بشكل بسيط ويرجعها مكانها ويغلق العلبه ، أستقام بجسدة وصوت تأوهاته تزيد يمشي بخطوات مُتعثرة ، تاركًا خلفة علبة الأسعافات على الأرض دون أن يُحركها من مكانها .
__
__
__
__
- الساعه ١٠ الصباح :
- عسى نور الفجر يمحي ظلام الليل وأسرارة ، ويبدد كُل حُزن لفرحة عارمة تجتاج جميع الصدور وتتربع فيها من زود الطمأنينة .
- حضنتها بقوة وقالت بعتب خفيف : وأخيرًا تذكرتي أن لكِ أُخت !!
- شدت من أحتضانها لها : شوقي يضاهي هالمدينه ويتعداها ، ولكن للظروف أحكام وأنتي أشد العارفين بهالظروف .
- أبتسمت غيّم أبتسامة دافئة وقالت بمزح : هذي ثاني مرة تجين لهِنا ، طليتي علينا يوم وتركتينا نصارع الشوق من بعدك ، بس هالمرة أقل من أسبوع ما برضى وبكبر الشرهه ، أتفقنا ؟!
- هزت ديّم رأسها بموافقه وبؤبؤ عينيّها يتفحص المكان ويبحث عنه : غيثنا وينه ؟؟؟!
- زمت غيّم على شفتيها بقوة كاتمة ضحكتها ونظراتها مصوبة ناحية الجسد الذي أخفى نفسة خلف الباب ، ورفعت كتوفها تدعي عدم المعرفة .
- عقدت ديّم حواجبها بأستنكار ونظراتها تنحني لمعصم يدها لتتأكد من الوقت ، وأردفت بعتب : تو الساعه ١٠ الصباح ، أمداه يروح شغله ؟ وهو عارف أنيّ بجيكم اليوم ؟؟
- شهقت بقوة عندما وضع أصابع كفوفة على عيونها ويغطي عليها الرؤية ويقول : الغيث مشى ، عندة شغل ضروري .. أعانك الله على الشوق أنتظرية للمساء لين يرجع .
- تجعدت أطراف خدودها بفعل الأبتسامة العريضة التي رسمتها على محياها ، وأردفت بضحكه : مافي شغل عنده أهم منيّ .
- ازاح أصابعه وضحك بصوت مُرتفع : تدرسين جامعة ، ولاّ تأخذين كورسات ثقة ؟
- ضحكت من ضحكته وكلامه وميلت شفايفها بهدوء وقالت : الكورسات أخذتها من غيّم هي اللي علمتني أن "الغيوم والديّمة والغيث" مالهم غنى عن بعض .
- أتسعت أبتسامتة الرجوليه من هالوصف الحنون وحضنها بهدوء وهو يرحب فيها .
- قاطعتهم وقالت بحب كثيف يعتلي عرش قلبها من هالأخين اللي كانوا العوض لها نيابةٍ عن جميع أقدار الحياة القاسية التي تجرعوا مرارّتها وساندوا بعض لين غلب توحدهم وحُبهم الكثيف جميع مآسيهم : اذا خلصتوا ترحيب ، شرأيكم نفطر ؟
- هز رأسة بموافقه وعيونه تتفحص الوقت وقال : باقي نص ساعه لين يبدء الدوام بفطر معاكم وأمشي .
- بينما أردفت ديّم بهدوء : وأنا بدخل أحط أغراضي وأغسل يديني وأجيكم .
- أبتسمت لهم غيّم وهي تتخاطهم وتدخل المطبخ .
__
__
__
__
- دخل المُستشفى بهيبتة المعهودة ليهتف كُل من يراه بالجملة الرسمية " صباح الخير دكتور تيم " ليرد لهم تحية الصباح بأبتسامة تكاد أن تُرى من بين ملامحه الجامدة .. أستقرت أصبعة على زر المصعد مُنتظرًا أن يُفتح ، رجلة اليمين تهتز ويدة في جيب بنطلونه ونظراته تتفحص المكان ليثبت بؤبؤ عينية على الجسد الأنثوي المُرتخية أجزائة على كرسي الأنتظار بجوار غرفة الطبيبة النفسية .
- عقد حاجبية بخفة وهو ينقل نظراتة لشاشة جواله ليتأكد من الوقت ، الدوام الرسمي يبدء بعد نص ساعه وش عندها هالآدمية جايئة بدري لهالدرجة ! لو تطفل على أفكارة اي شخص ليسألة عن موعد جلساتها النفسية ليجاوبة أجابة دقيقة جدًا وبأهتمام غريب ، يحلف بجميع جوارحه أنه أصبح يحفظ مواعيدها أكثر مِنها لسببًا مجهول يلعب على اوتار قلبه دون ان يدركه ، اذا كان هو طبيب القلب يتواجد في المُستشفى قبل الدوام أجل هالوتيّن متى تواجدت هُنا ؟! ، يشك بأنها أمست ليلتها الماضيه على هالكرسي ولم تتحرك منه خطوةٍ واحدة .. انفتح المصعد دون أن ينتبه ليتخلى عن وجهته قبل ثواني ويخطي خطوتين مُتردده وينحني بجسدة على الكرسي البعيد عنها ويراقبها بصمتٍ تام .
- تشابك كفوفها بقوة ورجلها اليُسرى تهتز بتوتر ، سندت رأسها على الجدار وأغمضت عينيها بتعب ، النوم ما زار أهدابها ، ليلة أمس كانت حيل صعبة عليها ، أول ما تسللت أشعة الشمس لينتشر ضوئها بين الغيوم في رحاب السماء طلعت من البيت بخطوات مُثقلة بدون ما تكلم أحد أو تعطيهم خبر إن عندها جلسة ، رُغم علمها التام أن الجلسة باقي عليها ساعات ولكنها فضلت الأنتظار في ممرات المُستشفى أهون من جدران البيت التي تضغط على أنفاسها ، بجوفها كلام واجد ودّها تفرغة على أسماع الطبيبة ، أصبحت تُدرك جيدًا ثُقل الكتمان على ضلوع صدرها الرقيّق ، صح أن سرد ألآمها في غرفة " تدوين الجروح " جدًا صعب عليها ، بس على الأقل بعد كُل جلسة تحُس بضلوعها طير من خفة الشعور التي يجتاحها ، ولكن الكتمان بيفجر قلبّها للمرة الثانية !
- فزت على وصول الطبيبة وهي ترحب فيها ، تصنعت الأبتسامة وردت عليها بهدوء .. وبعد مرور دقائق تلاشى طيفها من الممر وهي تدخل غرفة الطبيبة وتقفل الباب وراها .
- أنحنت وجسدها يستقر على الكُرسي بلعت ريقها بهدوء وقالت : بتكلم عن المواضيع بالترتيب ، أخر جلسة وصلنا فيها عند فترة زواجي .
- هزت رأسها الطبيبة بموافقة ، وقالت بأبتسامه تطمن بهِا هالوتيّن التي يبدو عليها الخوف : أقدر أستنتج من هالكلام ، أن في أحداث جديدة ولكن تفضلين تكتمينها لين يجي موعد سردها ؟
- هزت رأسها بهدوء والدمع يستقر على خديها الناعمه من طاري هالأحداث الجديدة التي هيضت الشجون والبؤس بقلبها ... مسحت دموعها بسرعة وزفرت تنهيدتها بهدوء وأسترسلت بالكلام : تزوجت بعُمر الـ٢٠ ماكان زواج كثر ما كان عقاب بالنسبة ليّ ، ولد الجيران لو يبيع عقلة محدٍ بيشترية وقت اللي سألوه أهلي عن صحة العلاقة اللي بيننا ادعى الكذب زي أخته لأنه أنسان خسيس ويُصنف ضمن فئة " أشباة الرجال " ! شارك أخته بخبثها وافترائها لأتفاق مُعين بينهم أجهل خوافية .. وبعد فترة أنتقلوا لبيت ثاني ولحد يومنا هذا ما عاد شفتهم ، ذهبوا بكُل هالقساوة دون ما يثبتون برائتي وصدقي ولكن الشرهه مب عليهم الشرهه على أهلي !!! تروادني أفكار جنونية بالأنتحار بس بكُل مرة اذكر نفسي أن [ خسرتي دُنيتك ياوتيّن ، لا تخسرين أخرتك كمان ! ] حتى وأنا أسرد مُعانآتي الحين ماودّي أسمح لأوجاعي تتكلم عن أمي أو أبوي بكلام شين ! رُغم أن كُل هالأوجاع المُتراكية على كبدي كانت من صُنع أياديهم ولكن حتى بيني وبيني ماهو بهين عندي أغلط عليهم ، فُتات الحُب اللي عطوني ياه يمكن هو السبب بتماسكي لهاللحظه ، حتى وأنا مجروحة منهم كُل تبريرات الحياة تتجمع بصدري وتدافع عنهم ، أعترف أن آذاهم صابني وبشكل عميق جدٍا بس علاقتي مع هالشخصين بذات مُستحيل أقدر أبتُرّها ! لأن وقتها أكون تخليت عن نفسي قبل ما أتخلى عنهم ، نارهم ولا جنة غيرهم على الأقل رب العالمين عارف أن تحملي وصبري عليهم وراه أجر عظيم بينكتب ليّ ، ولكن اذا لحقني أذى شخص ثاني وش نتيجة صبري علية ؟ الخُذلان !!! وهذا اللي حصل معآي من "زواجي بعُدي" ! قلبّي اللي أنكسر وكبريائي المخدوش بسببه مابتجبرة جميع أعذار الحياة ، شخص دخل حياتي ولطخ بياضي بندبات سوداء بحملها بعُمق روحي إلى أبد الأبدين ، أنتركت بليلة زواجي وبفستاني الأبيض بفندق لمدة "٥ أيام" وأنا وحيدة تمامًا ، وبعدها أنتقلنا لبيت أهله مرة يجيني بعقلة ومرات لا تعُد ولا تُحصى يجيني عاري عقل ! خلآني أشفق على نفسي ، وأرثي كبريائي وشموخي ، أمه رُغم جميع عيوب ولدها كانت تلبسني تهمة هالعيوب وتدافع عنه ، ماكان ليّ لاحول ولاقوة على تغيير هالعلاقة والسعي في تحسينها ، لأنها بجميع الأحوال بدئت بكسر قلبّ وأنتهت بخدش خاطر ! أستمر زواجنا سنتين ونص مواقفي الحلوة معاه ماتنحسب ضمن القائمة لأن ماحصلت بيننا مواقف حلوة من الأساس ، ولكن السواد تشرب علاقتنا بكثافة من أول وهّلة أجتمعنا فيها مع بعض ، حاولت أبادر ، حاولت أعطية مُبررات ، حاولت أحافظ على هالعلاقة رُغم علمي التام أن كُل هالمحاولات محدٍ مُقدرها ، بس السؤال الحقيقي أنا كنت أحاول على إيش ؟؟؟ على علاقة مسمومه ! ولا على شخص مُتنازل عنيّ تمامًا وأنا أخر همه ! ، ألوم نفسي على وش ؟ على كُل هالخراب اللي لحقني وقابلته بصمت ! ولا على الندبات الكثيرة التي أحتضنتها بخضوع ! ألومني على كبريائي المُهشم التي سمحت لهم يهشموه بأستسلام تام ! مو قادرة أسامحني لأنيّ خضعت وأستسلمت وصمت وجميعهم عاثوا بدواخلي بدون رحمه ، لية ما صرخت لية ما دافعت عنيّ ؟ لية ما أرتديت القوة كا وشاح وحطيت حد من أول موقف سيئ ؟ لية سمحت لهم يصهروا شخصيتي بهالطريقة المؤذية ؟ لية أخترت الصمت والخضوع على الصراخ والقوة ؟ شرهتي كبير حيل على نفسي ، كثير مرات أخاطبني وأقول " لية ياوتيّن أستغنيتي عن نفسك وتركتيها تتجرع كُل هالضيّم بفم مُطبق ! " ... بس الشخص اللي تنبنى حياته على أهتزاز وتزعزع منذُ الصغر كيف قادر يكون صلب قوي اذا كبر ؟؟؟ [ اذا الأساس خربان لية أشرهه على بقية المبنى ! ] ويمكن الحسنة الوحيدة التي قدمها لي "عُدي" هي لحظة الطلاق ! يومها ينحسب من ضمن المرات القليلة التي كان بعقله ، كلامه معيّ وطلاقة ليّ أنتهى بكلمات حقيقية بشكل مُذهل ، صدق كلامه التي وصف فيها علاقتنا من بدايتها خلتني اصحصح ، لحظتها أدركت أن كُل حياتنا كانت كابوس ولحظة الطلاق صحيت من هالكابوس !
- تكلمت الطبيبة بتفهم لشدة إدراكها لكلام هالوتيّن ودقّة وصفها لعلاقتهم المسمومة من بداية المشوار وقالت :
اللي يبغى يشوفك أنت شخص عظيم بالنسبة له بيشوفك شخص عظيم لو كنت أسوء إنسان دخل حياته !
واللي فعليًا يحبك من كُل قلبّة بيحبك ويقدمك على كُل الناس ! حتى لو كنت شخص عادي
لأنه عاديتك بالنسبة له بتكون عبارة عن جنة ...
واللي يبغى يتركك بيتحجج بأبسط الأشياء ومابيسأل لا عنك ولا عن مشاعرك !
اللي يبغى يتخلى عنك ياوتيّن بيتخلى عنك ولو قدمتي له ضوء عيونك !
اللي يبغى يترك إيدك ويتركك بنص الطريق مابيسأل عنك ولا عن وش بيصير فيك من بعدة !
صدقيني الموضوع مو شغلة تقدير ولا مجهود قدمتية لشخص مُعين وما قدر هذا المجهود !
مرات عتبك بيكون أجمل لو تحتفظ فية لنفسك ..
أحنّ وأهون على قلبك من أنك تحكية وما تلاقي فعليًا قلبّ يشعُر فية !
فالأفضل أنك تحتوي قلبك وتنتبهي علية وتعرفي تختاري ناسك الصح عشان الطريق يبغى رفيق !
__
__
- بعد مرور ١٠ دقائق :
- وضعت كفها على عروة الباب وهي تشدها بقوة وتفتحه ، خطت خطاويها بهدوء غير عابئة بالأزعاج الكثيف التي يستقر بعُمق روحها .
- فز تيم على خروجها من الغرفة ومازال يراقبها من بعيد ، رُغم أنه أنتظر ساعة كامله على هالكرسي يترقب خروجها ، عقد حواجبة بخفة تخرج من المستشفى ببال مُكتظ دون أن تنتبه للخط الرئيسي التي يحتضن العديد من السيارات .. شهق بصوت مسموع ومشى بخطوات مهرولة ليصل إليها ويسحبها بسرعة جنونية ليرتطم وجهها الناعم بعضلات صدرة القوية .
- صرخت بتأوة مسموع ، وبرزت بؤبؤ عينيها بأنذهال من هالسيارة المُسرعة التي كانت ستُفتك بجسدها دون أن تنتبه .. رفعت مُقدمة رأسها للمُنقذ التي تواجد بهاللحظه المصيرية بذات ! هالتيم لية يكون مُنقذها بكُل مرة تتعرض لسوء مُعين وش علاقته فيها عشان يكون بهالقرب وبهالتوقيت المثالي ! مرات تحُس [ أنها بين يدينه من عنّا الظروف ، مابقى لها غير وجهه تألفة ! ] وهذا الحاصل فعلًا .
- حرر كفه من معصمها وأبتعد خطوتين للخلف وتنحنح بصوت مسموع .. تضخمت الكلمات في حنجرته وتلاشت أبجديته هالرجل الصلب والقوي مو قادر يرتب كلمتين على بعض وينطقها مُبرراً موقفه .. التفت بسرعه وهو يجر خطواته مُبتعدًا عنها ويدخل المستشفى .
- تداركت نفسها بصعوبة وأصابع كفها ترتب نقابها المُبعثر ، وخطت خطوات مُسرعة نحو سيارتها وتركبها وتمشي .
__
__
__
__
- الساعه ٣ العصر :
- أنا ساكت عن تصرفاتك ومُتحمل لأني مُقدر وجعك ، مع أن هالوجع لحقنا جميعًا ولكنك تجاهلتي هالشيء ، صمت لبضع ثواني ثُم أردف قائلًا بجدية : اللي صار يكفينا يارُقية .. كُلنا تعبانين من هالتشتت وموجوعين من موت ميس ! كفاية كُل هالصد وهالجفاء على تيم ، هو أكثر من تضرر فينا .. وأكمل بنبرة شارهه : يارقيقة المشاعر ، وين راح كُل ذاك الحنان ؟؟؟!
- بلعت ريقها بتوتر من هالعتاب الرقيّق ، ولكن كلام أختها التي رمت الملامه على ولدها وتعبئة رأسها بهالتفكير الغير مُنصف لدرجة أنها أقتنعت أقتناع تام أن تيم هو المسؤول الأول والأخير عن موت ميس بسبب أهماله لكنها مُتناسية تمامًا أن هالتيم خساراته كانت أعظم وأعظم من اللي تفكر فيه !
- قطع تفكيرها تميم قائلًا : كُل السنين التي مضت كنتي أنتي أماني الوحيد فيها ، علمتك عن موضوع رائد وحكيت لك ليل نهار عن شوقي الكثيف له ، طبطبتي على قلبي دايمًا وأنتي تهونين قساوة هالبُعد بـ [ الدم ماعُمره صار موية ! طال الزمن أو قصر مصيركم تجتمعون من أول وجديد ] ولما جاء هاليوم اللي أنتظرتة ٢٠ سنه تغيرتي أنتي ؟؟؟ سخطك لا يلحق هالعائلة يارُقية لا تجبريني أتصرف معك بتصرف غير لائق ولا هو بودّي !!!
- أستقامت مُحررة جسدها من فوق السرير ، ومحاجر عينيها مُمتلئة بالدموع ، تخطته بصمت وهي تطلع من الغرفة بذات الهدوء .. تاركة زوجها يزفر تنهيداته المُتكرره من هالوضع المُستعصي التي وصلت له علاقتهم .
__
__
- أسترقت السمع للحوار العاتب الذي دار بين والديها ، وصلت تنهيدة أبوها إلى مسامعها ليكتظ صدرها بألآف التنهيدات .. وما خُفي عن مرئ عينيها دموع أُمها وهي تطلع من الغرفة كاتمه وجعها .. رباه عُشهم الصغير الذي أمتلئ بالحنان والحُب كيف تبعثر بهذهِ الطريقة القاسية ! كانت البهجة تحوفهم حوف والرحابة تتربع على ملامحهم وتستقر بجوف صدورهم ، هالعائله الجميلة كيف تشتت بهذي الطريقة المؤلمة ! حدث الفُقد كان السبب بتصدع هالمأوى التي كانوا يلوذون بهِ عن العالم أجمع .. أُمها الحنونة ليه أرتدت ثوب القسى وهي كانت شديدة الليّن ؟ أبوها .. أخوها .. هي .. كُلهم لحقهم هالجفاف بطرقة او بأخرى ، يحتاجوا يتشربوا الحُب واللين بكثافة عالية لعلّ وعسى ترتوي صدورهم الضامية ويتبدد بؤسهم لمسرّات وأفراح ُمشتااااقين يشعروا فيها من أقصاهم لأدناهم .
- أبتسمت بمرّارة وهي تشد من أحتضان كفها اليسار للوحة الصغيرة التي أحتجزتها بين أصابعها .. وتثبت نقابها على وجهها ومشت بخطوات هادئة لتترك البيت وتطلع منه بضيق العالمين ، قدميها تُمشط الشارع الطويل التي يفصل بينهم وبين المقهى وتتمتم بكلمات غير مفهومه .. وصلت للوجهه المقصودة ، أبتسمت بحبور وبؤبؤ عينيها يرى لوحاتها الكبيرة تتوسد أركان المقهى وأسمها الرقيّق يزيد اللوحه رقّة وعذوبّة ، سحبت الكرسي وهي تجلس عليه وتترك لوحتها على الطاولة .. قطع شرودها صاحب المقهى المُلثم ! بشماغ يُغطي جميع أجزاء وجهه بأستثناء عينية الخضراويتين ليتفوه قائلًا : تفضلي وش طلبك ؟
- عقدت حاجبيها بخفة من شكله الغير مُريح ، لتنظر يمينًا ويسارًا وترى الطاولتين البعيدة التي تحتضن أشخاص مشغولين بالكلام ويلتهمون قطع الحلا بهدوء ، تسربت الطمأنينة إلى صدرها ولو بالشيء القليل لتواجدهم هُنا .. أردفت بصوت هادئ : وحدة كُنافة وكوب قهوة عربي .
- هز رأسة بهدوء ليتخطاها ويذهب لتجهيز طلبها .. وبعد مرور ٢٠ دقيقة رجع ليحمل بين كفية صحن صغير بداخله الكنافة والقهوة ويتركه على الطاولة ، ويمشي من جانبها بصمت .
- أشتدت أبتسامتها ورائحة الكنافة تصل إليها ممزوجة برائحة القهوة ، تعلم جيدًا أن هذهِ الرائحتين تستطيع تبديد جميع بؤسها إلى سعادة عارمه ، أحتجزت الملعقة بين أصابعها وبدئت تأكل بتلذذ وترتشف رشفة من كوب القهوه برضا تام .. وبروقان عالي يزيد مع كُل قطعة تلتهمها ورشفه ترتشفها ، لتخاطب ذاتها وتقول : "كُنافة ، وقهوة ، ولوحة " آه ياربي أرحم قلبّي لايوقف من كُثر السعادة .. مُتجاهلة تمامًا العينان التي تلونت بلون الطبيعة وتراقبها من بعيد وعلمه المُسبق بحبها الكثيف لجميع تلك الأشياء !
__
__
__
__
- بعد مرور أسبوع :
- الساعه ٥ المغرب :
- البنات مُتجمعين بالدور الثاني ، والرجال تجمعوا في بيت رائد .. رحب بهم بحفاوة ليدخلوا إلى المجلس .
- أزاح نظرة من شاشة جواله لينتبه لدخولهم وصوت عمه يخاطبه : هذا تيم ولدي ياهتان !
- برزت ملامحه بأستنكار ليقول بدهشه أعتلت جميع ملامحه : طبيب القلبّ هو نفسة ولد عمي !!!
- عقد الجميع حواجبه من هالأعتراف الذي أذهلهم .. ليتفوه رائد مُتسائلًا : تعرفوا بعض من قبل ؟؟؟
- تكلم تيم قائلًا بأستغراب : أعرف هتان معرفة سطحيه من خلال شغلي بالمُستشفى التقينا وقت عملية أخته التي سويتها أنا .
- رمش غيث عدة مرات من كُل هالأحداث التي الجمته ويخاطب نفسه بهدوء بعيدًا عنهم : صاحبي المُقرب .. وجاري ، أولاد عم !!!
- يالله وش هالمُعادلة الصعبه ، الكُل مذهول بعدم إستيعاب .. واللقاء من بدايتة علامات إستفهام لا تُعد ولا تُحصى .
- تنحنح تميم بصوت مُرتفع ليقول بتفهم : أجسادكم تحتضن نفس المدينه ومهنة تيم كانت الوسيله لتعارفكم مُسبقًا ، ولكن بما أنكم الحين صرتوا تعرفوا أهمية الرابط التي يجمعكم مع بعض أتمنى من الجميع يرتب شعورة ويتفهم هالعلاقة .
- هز رائد رأسة مؤيدًا لكلام أخوه ليوجه كلامه لولده ويقول : تيم ولد عمك ياهتان .. رُغم جهلي بالطبيب التي أجرى عملية وتيّن ولكن الحمد لله أنها كانت بين أيادي أمينة .. ليرفع كفة ويربت على كتف تيم بأمتنان .
- أقترب هتان ليُصافح تيم ويرحب بهِ بهدوء ، أعتراضه ماكان على هالتيم وظهور الرابط الأُسري التي يجمعهم ! حنقه على كُل هاللخبطه والأحداث التي تصدم عقولهم بدون رحمه ، ولأنه يعلم نية هالطبيب وكفاءته التي أثبتها في عملية أخته وأهتمامه بفحوصاتها ، ماينسى طبطبة كلامه ذاك الوقت وهو ينتظر في ممرات المُستشفى .
- صدمتهم كُلهم ماتتقارن مع صدمته القوية ، وتيّن أُخت هالهتان معناته هي بنت عمه ! هالآدمية تربطه معاها علاقة غير علاقة الطبيب والمريض ! وجودها في المُستشفى وجميع مواقفهم مع بعض كان لها خوافي عميقة يجهلوها الأثنين ، رشفة الماء الذي أرتشفها من يدها ماكانت آدمية غريبة ! كانت " إبنة عمة اللزم " وينتمون لنفس الجذور العائلية ..
الذهول الجمه بطريقة حيل قوية ، يبدو علية الثبات وداخله يرتجف من هالحقيقة التي أربكت نبضات قلبّه ولخبطت مفاهيمه ... تدارك نفسة وهو يتصنع الأبتسامة ويرحب بهتان بحنوّ _ يليق بوقّارة _ .
- التفتوا كُلهم على غيث الواقف في بداية المجلس والتي تناسووا وجودة لصمته التام وأحترامة لخصوصياتهم سامحًا لهم بتقبل هالعلاقة التي شهد على كشف حقيقتها .. تجعدت أطراف خدودة بأبتسامة وهو يقول بصوته الجهوري : أعتبروني مو موجود وخلصوا ترحيب ببعض .
- أرتسمت الأبتسامة على ثغرهم جميعًا من كلام هالغيث وللحظه هذي لم تنحل برؤوسهم عُقدة تواجدة هُنا بينهم وبهذا اللقاء العائلي بذات .
- أقترب منه تيم وهو يقف على يمينه ويقول بتوجس : أيوة وأنت كمان ولد عمي ؟؟؟
- أطلق ضحكته الرجوليه بصوت عالي أنتشرت ذبذباتها في جميع أركان المجلس ليقول : حظك ما كان كافي عشان تتحقق هالأُمنية ، تطمن علاقتنا ما تعدت مرحلة الصُحبه .
- أرخى تيم عُقدة حاجبية بضحكه بسيطه ليقول بأمتنان واضح لهالصديق العظيّم : مو ولد عمي ، بس الأكيد أخوي .
- أبتسم غيث بحبور من كلام هالتيم وقال : بغض النظر عن نوع العلاقة التي تجمعنا ، لي الشرف في كُل الأحوال .
- قطع هتان المسافة الفاصله بينهم ليقف بشمال غيث ويقول مُمازحًا : أنا وأخوي على ولد عمي ، وأنا وولد عمي على الغريب ، أنتبه على نفسك من العلاقة اللي صارت تربطني بتيم .
- قال بجمود وكبرياء مُصطنع : على يميني صاحب وعلى شمالي صاحب ، وهذا يدل أن عندي حصانة من الطرفين .
- ضحكوا جميعًا على كلام هالغيث الذي يُصيب دائمًا ... ليقترب منهم رائد وتميم مُرحبين فية وبوجودة بينهم .
__
__
__
__
- في الدور الثاني :
أستقبلتهم غيّم بترحيب كثيف وبحنيّة عالية .. لتتوسد أجسادهن الأنثوية كنب الصالة ، ليعم الهدوء لبضع دقائق وتقف ملاذّ لتكسر حاجز الصمّت وتقول : وش فيكم كذا هادئين ؟؟ [ صدقوني لابأس ، لأن البأس كُله في صدري خلّصته عليكم ! ] خلونا نتعرف عشان يمديني أفكر قلبّي أرتاح لكم ولالا .
- ضحكت رواقّ بهدوء من هالآدمية الصريحه لتقول مُعرفة بنفسها : أنا رواقّ .. يقولوا أن في وحده منكم بنت عمي ، بس صراحةٍ مدري من هي !
- ضحكت ملاذّ بخفوت لتنحني بجسدها وتجلس على يمين وتيّن وتحضن بكفوفها أكتاف بنت أختها قائلة : من زود حظك أن هالوتيّن هي بنت عمك .
- أبتسمت وتيّن بأحراج وقالت : تشرفنا يارواقّ .
- لتقاطعهم غيّم : أنا وملاذّ ووتيّن نعرف بعض مُسبقًا ، وتيّن صديقتي من أيام الثانوية ، وتأشر بسبابتها على ملاذّ وقالت بضحكه : ومحور الكون خالتها .
- عقدت رواقّ حاجبيها بخفة من هاللقب .. لتبرر لها ملاذّ قائلة بكبرياء : تُقصدني ترا .
- أنفتح باب الغرفة لتخرج منه آدمية وجهها غير مألوف للأغلبية .. لتستقيم غيّم بجسدها الرشيق وتذهب إليها وباطن كفها يحتضن كف أُختها ، وقالت بحُب كثيف : أعرفكم "أُختي ديّم" .
- أعتلت الدهشة ملامحهم جميعًا لشدة الشبه بين هالأُختين لتشهق ملاذّ وتقول بتخمين
لـ أساميهم القريبة جدًا من بعض وملامحهم المُتطابقة التي تضخ بالرقّة : مو أُختك .. أكيد توأمك !!!
- أبتسمت ديّم بهدوء ورأسها يهتز بتأييد : كفو عليك جبتيها صح .
- أقتربوا منهم بخطوات هادئة لتستقر أجسادهم الأنثوية على ذات الكنبة ، ليكملوا تعارف وترحيب ببعض .
- بعد مرور ٢٠ دقيقة وقفت غيّم تجر خطواتها إلى المطبخ .. وترجع بعد ثواني معدودة تحتجز بين أصابع كفها صحن يوجد فيه ٥ كأسات شاهي وتوضعة على الطاولة وتقول بصوت عالي وبضحكة خفيفة : في وحدة منكم عدوة النكهات غير ملاذّ ؟؟؟
- لتستقر أنظارهم على الكأسة الوحيدة التي لم توضع بِها ورقة نعناع راقصة .. وذبذبات أصواتهم الضاحكه تنتشر في المكان ، لتقول ملاذّ بثقة : خالف تُعرف .. ياسادّة ! .- أنتهى البارت الـ٧ ، قراءة مُمتعه للجميع .