إِقحِوانيُ القَلبِ

237 14 45
                                    

.
.
.

____________

أَفاقَ من فكرهِ العَميق أثرَ سلوك الرَياح و الصَوت الذي بانَ من جرسهِ الضَئيل ، أَيقنَ لتوهِ أنهُ أسهبَ في التَفكير حينَ جالَ بنظرهِ الحَديقةَ ليتفقدَ المكان و يرى الناسَ بعضهم مع بعض ، فكما يبدو ان صديقهُ قد تأخرَ عن لقائِهُما بعد أن دعاهُ الاكبرُ للخروجِ في نُزهة بسيطةَ

تَنهدَ بصوت مَسموع ليستأنِفَ الشِرودَ مرةَ أُخرى ، كما لو أنهُ هوايةَ مُفضلةَ لديهِ ، ناظرهُ تَناولَ مرأى مَألوف لرفيقينِ يرسمانِ سويًا ، تلافَ المنظرَ ليرى آخرينِ يتشاركانِ الغناء ، تنفسَ بِعمق ليصرفَ نفسهُ لبُقعة أُخرى ليقفَ بجانبِ شجرةَ مُسندًا ظهرهُ عليها

أصوات القهقهةَ و السرور تُحاوطُ المكانَ ، أنهُ فبراير ، شهرُ الحُب ، حيثُ يعبرُ الجميع عن حُبهم لبعضهم البَعض بأسلوب عَفوّي ينمُ عن الاخلاصِ و الصدق ، ليتذكر كُلٍ منهم مكانتهُ و قميتهُ عند الآخر ، بينما يعتبرهُ البعض الآخر مضيعةَ للوقت

لم يَكُن غُرابي الشعر لطرفِ ايًا منهم ، لا يعلمُ رأيهُ الحقيقيَ عنهُ و لم يكترثْ بهِ قط ، رُبما لكونهِ يعجزُ عن أَعرابِ عاطفتهِ و لكونِ كل من يَودُ لو يترجمَ امتنانهُ لهُ بعيدٌا عنهُ

أخذَ يتأملُ الرفاقَ ، العائلاتِ و الاحبةَ ، استطاعَ رؤيةَ الهالةَ قَويةِ البَياض و التيّ تبعثُ على الدِفئ مُطوقةَ أياهُم ، بينما كانَ يجزمُ بأن ما يحاوطهُ هي هالةَ سوداء قاتِمةَ تجعلُ الآخرينَ ينفرونَ منهُ دونَ الحاجةَ للنظرِ حتى

تَبّسمَ بِوَهِن لحالهِ فالنسبةِ لهُ كانَ لينتشِلهُ من هذهِ المُعاناة مُبادرةَ صغيرةَ من اي احد، لكنهُ لا يعلم لما دومًا يكونُ غير مرئي لهم ولا احدَ يَوّد ان يلتفتَ لهُ ، لطالما كانَ خجولًا منطويًا على نفسهِ و منعزلًا عن الآخرين ، ايقنَ في دواخلهِ انهُ قد يكونُ السبب الحقيقي خلفَ كونهِ وحيداً ، أنهُ مُمِلاً جداً على ان يشعرَ احدهم بالفضولِ نحوهُ

لم يَحُز غُرابيُّ الشَعرِ على اصدقاء كثيرينَ في طفولتهِ ، كطفل انطوائي و هادئ كانَ يصعبُ على احد ملاحظتهُ ، اضافةً لكونهِ انطوائيًا كانَ طيبًا و عفويًا للغاية مما كان يُسهل على الآخرين استغلالهُ و ازعاجه لِعلمهم بعدمِ ردهِ لهم بِالأذى ، في أحدى المراحل حظيَّ بثلاثِ رفاق و قد شعرَ في ذلكَ الوقت أنهم رفاقهُ الانسبُ و المُقدرونَ لهُ ، لكنهُ دَفِعَ ثمنَ ظنونهِ ولم يَكن يعلمُ انها البداياتُ فقط

فبعدَ ثلاث سنواتٍ من الحُب و اللطفِ و العطاءِ من طرفهِ ، تخلوا عنهُ ، و قد تحطمَ كُليًا ، دهسوا على قلبهِ حتى لم يبقى فيهِ قطعة مُعافاة واحدةَ كي تُكسر من بعدهُم

إِقـحِـوانـيّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن