الفصل الثاني

7.3K 335 97
                                    

في الحديقة الخلفية لقصر الجارحي، حيث الظلام يحتضن المكان ويسود الصمت المريب، كانت خطواتها تتسلل بحذر على أطراف أصابعها

التفتت يمينًا ويسارًا، وكأنها تبحث عن شيء أو تخشى شيئًا قلبها يخفق بسرعة، يتأرجح بين التوتر والخوف

وفجأة، شهقت بصوت خافت عندما شعرت بيد قوية تجذبها بسرعة خلف شجرة ضخمة قبل أن تتمكن من الصراخ أو الرد، لامستها كلمات همس دافئ، مشبع بالشوق والحنين

اقترب منها أكثر، ودفن وجهه في عنقها، يستنشق عبقها المميز كمن وجد ملاذه :
وحشتيني، يا أحلى من القمر....وأجمل أميرة !!!!

ابتسمت ابتسامة واسعة، قلبها يخفق بذكريات تلك اللحظة الأولى عندما قال لها نفس الكلمات، كانت تلك اللحظة محفورة في قلبها، لا يمكنها أن تنساها أبدًا

همست باسمه بحب جارف، كلماتها تخرج من أعماق مشاعرها بينما شعرت بشفتيه تلامسان عنقها برقة ونعومة لا تضاهى، كأنهما تعزفان سيمفونية عشق هادئة على بشرتها :
نـــوح !!!

ابتعد قليلًا ليتمكن من رؤية وجهها الذي اشتاق لرؤيته طيلة الأيام الماضية أمسك بيدها برفق، وكأنه يخشى أن يضيع منها، وهمس بحب :
تعالي معايا يا قمر

نظرت إليه بصدمة قائلة :
معاك فين؟ لو حد لاحظ غيابي، هتحصل كارثة يا نوح !!

اقترب منها بخطوات ثابتة، وعينيه تشتعلان إصرارًا، حتى تراجعت للخلف دون أن تدرك :
خلاص، هطلع أنا معاكي

رفعت يدها أمامه كأنها وصوتها امتزج بالذهول والقلق :
تطلع فين يا مجنون؟ نوح، بالله عليك امشي دلوقتي لو بابا أو سليم شافوك هنا، هتحصل مصيبة...بكره نتقابل

زفر بعمق، والغضب يحرق صدره، لكن عينيه كانت مليئة بخيبة أمل :
براحتك يا قمر....بس خلي بالك، أنا زهقت من الوضع ده

شعرت بخنجر من الحزن يقطع قلبها، وكأنها لا تملك شيئًا تقدمه له :
طب....أنا في ايدي ايه !!

نظر إليها بحدة لم تعهدها منه من قبل، صوته صارم لكنه مليء بالوجع :
الحل في إيدك....بس إنتي اللي مش موافقة

ترك يدها وغادر بغضب، خطواته كانت ثقيلة، وكأنه يحمل فوق كاهله كل ثقل المشاعر التي لم يستطع التعبير عنها لم يلتفت، ولم يحاول أن يجذب انتباه أحد، فقط مضى تاركًا إياها غارقة في بحر من الحيرة !!
حتى وإن كانت تحبه، ما يطلبه منها مستحيل كيف لها أن تتزوجه زواجًا عرفيًا، لا يمكنها ارتكاب هذا الخطأ بحق عائلتها ، وهم بالأساس يكرهونه !!!!!!
.......
أغلقت عينيها بقهر، وكلماته القاسية من آخر لقاء بينهما تتكرر في ذهنها كأنها لعنة لا تبارحها، صوتها يملأ كل لحظة من يومها، وكل ليلة تتحول إلى كابوس يؤرق نومها.

انهمرت دمعة حارقة من عينيها وهي تتذكر كيف كادت روحها أن تزهق بين يديه بينما كان يصرخ عليها بغضب أعمى وكراهية مُدمرة :
فاكرة إن بموتها هبصلك؟ هاجري عليكي زي ما بتتمني؟ تبقي غلطانة انتي وهما لو فاكرين كده....عمري ما هسامحكم، اللي بيني وبينكم بعد اللي عملتوه مش هيبقى إلا كره.....كره و عدواة طول العمر !!!!

رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية ضحايا الماضي بقلم شهد الشورى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن