الجزء 1

317 4 1
                                    

وسط رياض متوسط الحجم مصبوغ بالبيض ، مزلج و مزخرف بطريقة تقليدية ، نافورة حجرية صغيرة كاتتوسط البهو ديالو لي كانت نقطة التقاء كل الغرف المتواجدين فيه .. فأحد البيوتة الصغار ديالو ، و بالضبط على ديك الزربية الحمرة القديمة .. ناعسين عليها ستة دالدراري الصغار منهم بنات و منهم ولاد ، مغطيين بمانطات مختالفين حدا بعضياتهم .. و كلهم مصوبين أنظارهم على شخص واحد و لي كانت الجدة ديالهم ، حضنها لي كايمثل ليهم مهرب و ملاذ آمن و الجلسة معاها تسوى الدنيا و ما فيها .. لابسة قفطان خفيف مناسب لسنها فالبيض و مركبة فولارتها البيضة و شادة تسبيح فيديها المكمشين ، وجهها منور و تجاعيد وجهها كانوا دليل على كِبر سنها و كذلك خبرتها و علمها فخصايل الدنيا .. الابتسامة الحنونة ما فارقاتش وجهها و كذلك اللمعة فعينيها لي كاتدل على فرحتها بوجود حفايدها معاها .. قاطع تأملها صوت حفيدها مخاطبها ..

.... : يِمَّا ميمونة فوقاش أتعاودي لينا حكاية نوميديا لي قلتي لينا ؟

ميمونة [ ضحكات بخفة ] : ماكاتنسا والو أولدي بدر ، غير رتاح ليا دابا مع راسك هانا غانعاودها ليكم دابا ..

تكمشو هوما حدا بعضياتهم مركزين مع تعابير وجهها و كلماتها لي البعض منها غير مفهومة ليهم نظرا لسنهم الصغير ، و لكن فاش يكبروا عاد غايعرفو بحق دوك الكلمات و العبر لي مخبيين فطياتهم .. تنهدات لالة ميمونة بخفة سارحة بتفكيرها فالقصة لي غاتعاود ليهم .. ماكانتش مجرد حكاية عادية بل أكثر من ذلك ببزاف ، حكاية كاتقيس الروح و القلب قبل ما العقل ...

ميمونة : كان يا مكان فقديم الزمان .. فعهد الاستعمار و الطغيان ، الزمان لي كان كايحكم فيه غير فلان ابن فلان .. القوي ياكل الضعيف و الغني يظلم الفقير .. ما كاينش شي حاجة سميتها العدل و لا الحقوق ، ماكاين غا روحي روحي و مصلحة الأسياد هي اللولة .. فعهد مولاي موحند أمير الحسيمة .. فاش كانو الاسبان يحكمو و يطغاو و ينهشو فخيرات الريف .. حب محرّم تولد بين جوج أعداء ما يقدو يتجمعو لا فالأرض و لا فالسما .. حكاية أوليداتي للعبرة و الذكرى ، كيما تعاودات ليا نعاودها ليكم وا تسنطو ليا مزيان ..

《 سنة 1921 - مدينة الحسيمة - قبيلة بني ورياغل 》

الشمس شادة بلاصتها فمنتصف السما طالقة أشعتها باش تضوي و تدفي الدنيا .. على أرض من أراضي الله الواسعة ، فلاحة موزعين فقنات مختالفين و بعاد كايحرثو فالأرض بأدوات تقليدية .. حبيبات العرق نازلة من جبهتهم و العيا باين على ملامحهم .. يدورو و يشوفو فدوك الجنود لي واقفين مراقبينهم من بعيد و يرجعو لخدمتهم .. هاد الآخيرين لي ضارو كاملين عند داك الجسد القصير بالمقارنة مع قامتهم .. لابسة حايكها الأبيض مغطية جسمها و وجهها مخلية غا عينيها العسليين المحاطين برموش كثيفة يبانو .. هازة فيديها كصعة د كسكسو و مغطياها بتوب بيض خفيف و غراف كبير دالفخار فيه الما .. شافو أشنو هازة و تكحزو عاطيينها الطريق تدوز لجيهة الفلاحة لي غير شافوها تجمعو فبلاصة وحدة و الفرحة أخيرا شقات طريقها على وجوههم المكمشين من كثرة التمارة .. قربات منهم بخطواتها المزروبة و المتعترة فالتربة .. نطق واحد منهم بلجهتو الريفية الورياغلية ..

.... : بنتي نوميديا تسنيناك بزاف را كنا غا نموتو بالجوع .. ولاد الكلاب ماكايعطيونا تا قطرة دالما  لا ..

نوميديا [ بصوت رزين و هادئ ] : سمحليا على التعطيلة أعمي عْلي را خالتي فطوش لي ما وجداتوش بكري .. هانتوما كولو و شبعو و عمي موحند را كايتسناكم بالليل فالبلاصة المعهودة را عندو خبيرات جداد و خطة جديدة بخصوص المعركة .. خليتكم على خير السلام و عليكم ..

ما خلاتهمش يزيدو معاها كلمة خرا و تمات غادة معافرة مع جلايلها باش ما يتوسخوش ، حانية راسها للأرض حاضية حايكها تا كاتلقا راسها دخلات فشي حاجة قاسحة .. رجعات جوج خطوات للور شادة على راسها ، رفعات نظرها مع داك العملاق دبنادم لي واقف حداها .. غا من شعرو المايل للزعورية و عينيه لي مخلطين بلون العسلي و الخضر عرفاتو سبنيولي .. ما كرهاتش ديك الساع تنحرو من الودن تا الودن ولكن ماشي كل ما تمنيناه كايتحقق .. كبحات رغباتها الداخلية و رمات ليه نظرة باردة من عينيها .. يالاه فاتتو بجوج خطوات وقفها بلكنتو الاسبانية السلسة ..

..... : Quién eres y quién te permitió entrar aquí ? ( شكون نتي و شكون عطاك الإذن تدخلي لهنا )

نوميديا [ بلكنة اسبانية متقطعة ] : Pídele a tu jefe que te diga ( سول سيدك يقوليك )

خلاتو تما غا كايخنزر فيها و كملات طريقها كاتستغفر خالقها باش ما ترجعش تقجو .. بقات مدة شبه طويلة و هي غادة كاتجر فجلايلها فالطريق لي عامرة تراب و حجر ، كل مرة توقف عند شي راجل فشكل تهمس ليهم بجملة وحدة و تمشي .. ما وصلات للدار تا غفر ليها الله الدنوب ، دخلات لبيتها ديريكت باغية ترتاح ما مسالياش لهضرة مها و النسا دالعائلة الخاوية كيما كاتقول هي .. حيدات حايكها كاشفة على زين وجهها الريفي الصافي ، لطالما كانو الملامح الريفية مميزين على الآخرين لشدة صفائهم و مسرارتهم .. طلقات شعرها الطويل الكحل الواصل لتحت ظهرها ، عمرها قطعاتو و لا قربات ليه ، أصلا كان شعر البنات كايتحكمو فيه النسا الكبار يعني ما تحلمش أنها تقطعو شي نهار .. هي عارفة أنها لو باغية تقطعو غاديرها و لي ما عجبو حال يزدح راسو مع الحيط و لكن لي مخليها ما معانداهمش أنه عاجبها .. توضات و صلات و بقات مدة متكية على الناموسية كاتقرا فكتاب فيلسوفي قديم عطاه ليها عمها .. تا دخلات عليها مها مقاطعة سكينتها و خلوتها براسها ..

حبيبة ( الأم ) : نوميديا عمك را جا مع باك و راهوما كايعيطو عليك باغيين يشوفوك قبل يمشيو ..

غير سمعات هضرتها ناضت دغيا لبسات عليها عباية و شال غطات بيه شعرها كامل ومشات عندهم للصالة لي مخصصة للرجال .. لقات باباها جالس حدا عمها كايتناقشو .. هاد الأخير لي كاتحترمو و كاتقدرو بزاف ، قدوتها من الصغر هو لي رباها و علمها تكتب و تقرا فالدار بسبب أنه كان ممنوع البنات يمشيو يتعلمو .. عمها لي كبير و صغير كايحتارموه و علاش لا وهو محمد بن عبد الكريم الخطابي أو كيما كايسميوه مولاي موحند لي عندو شان عظيم و مقامو كبير بين الريافة ، متخرج قاضي من جامعة القرويين و دخل فالأمور السياسية ، كما أنه هو رئيس المجاهدين و قائد المقاومة الريفية ، مكمل على لي بداه باه فرحلة الجهاد ضد الاستعمار الاسباني .. مشات باست يديهم بجوج باحترام و جلسات مقابلة ليهم و عينيها حانياهم للأرض كاحترام ليهم ..

نوميديا [ بنبرة هادئة ]: عمي راني قلت للفلاحة و للرجال كولشي لي تلاقيت بالاجتماع دالليلة .. عنداكم يحصلوكم أعمي راك عارف أشنو تافقتي معاهم !

مولاي موحند : ما تخافيش أبنتي عمك قاد بشغالو ، ما غايجي فين يكمل هاد الصيف انشاء الله تانكونو قضينا عليهم جملة و حققنا الحرية ديالنا !

جهاد [ كاملة ]Où les histoires vivent. Découvrez maintenant