وجبة الانتقام تؤكل باردة وأعتقد جه وقتها، كنت واقفة في شباكي ولمحت عمي صالح، وكإن النار قادت في قلبي، كنت فكراه جاي عشاني واستغربت، ونويت أطرده لو جايلي، وأنا واقفة ع السلم لمحته داخل الأوضة إللي جوزي بيستقبل فيها أي حد جاي للشغل مش مندرة الضيوف!
ماكنتش فاهمة إيه علاقة الشغل إللي بتربط بين عمي وفرّاج، فسألت فاطمة وقالتلي إن عمي بيشتغل مع فرّاج بقاله كام سنة وهو أصلاً السبب في جوازتي دي، بس ماتعرفش نوع الشغل إللي بينهم؛ لا هو اتكلم عن الموضوع قبل كده ولا هي بتسأل، بس إللي حسته من أسلوب جوزها إنه شغل مهم جداً، ده غير إن مستواهم المادي اتحسن أكتر من الأول من بعد مابدأ الشغل ده.
استنيت في مرة وكل البيت نايم ونزلت أوضة الشغل بتاعة فرّاج، ماكنش حد من أهل البيت بيدخلها، فعشان كده متطمن وبيسيبها مفتوحة، دخلت بهدوء، لقيت فيها مكتب وكنبتين ودولاب كبير، فتشت المكتب بالراحة من غير ما حد يحس بيا، لقيت أوراق عادية تخص الأراضي والمزارع مافهمتش منها حاجة، مالقتش أي حاجة مشبوهة، فتحت الدولاب وبرده مالقتش فيه حاجة، كان باقيلي الدرفة إللي فوق، جبت كرسي ومخده طلعت عليهم وأول ما فتحتها اتصدمت!
لقيت أكتر من سلاح أشكالهم تخض، أسلحة مش طبيعي إن واحد يحتفظ بيها في بيته عشان حراسة ولا حماية أهل البيت!
افتكرت إني مرة زمان في ليلة كنت قايمة أشرب وسمعت مراة أبويا بتلومه عشان مابيشتغلش مع أخوه صالح فقالها إنه مش هيأكل عياله من مال حرام، يومها ماكنتش فاهمة عمي بيشتغل إيه! بس لما حكيت لأزهار قالتلي إنها شاكه يكون عمي بيتاجر في السلاح؛ عشان شافت مرة مع ممدوح سلاح كان بيتباهى بيه قدامها، وقالها إن عندهم منه كتير، نسيت الموقف ده وماتوقعتش إني هحتاج أفتكره في يوم، كده بقيت شبه متأكدة إن عمي تاجر سلاح وفرّاج مشاركه، رجّعت كل حاجة زي ما كانت ورجعت بالراحة لأوضتي، فضلت طول الليل أفكر في الموضوع، كنت متأكدة إن فيه أكتر من كده مش مجرد كام سلاح متشالين في دولاب، حددت هدفي طول الفترة الجاية إني أجمع معلومات أكتر وأعرف السلاح متشال فين، بقيت مركزة مع فرّاج وبراقبه، وفاطمة بتغطي في البيت على غيابي من غير ما تسألني بروح فين ولا بعمل إيه، قالتلي مرة بعد ما شافتني في الليلة إللي دخلت فيها الأوضة "مش هسألك بتعملي إيه ولا بتروحي فين كل يوم عشان عارفة إنك في الآخر هتقوليلي فأنا مستنياكِ يا ورد، بس أمنتك أمانة كله إلا فرّاج، أني بحبه وده راجلي وأبو عيالي مش هتحمل أذيته" ابتسمتلها وطمنتها وكنت ممتنة لمساعدتها ليا إللي لولاها ماكنتش هعرف أعمل أي حاجة، أنا تقريباً بقيت عارفة خط سير فرّاج طول الأسبوع، كان شغله في المزارع والأراضي طبيعي بالنهار، ماكنش بيخرج بالليل ولا حتى بيقابل عمي، كنت حاسة إن كل خطتي بتفشل وفرحتي ماتمتش لحد ما شفت في نص الليل فرّاج طالع من البيت، بسرعة لبست العباية والحجاب على راسي وغطيت وشي بطرفه ومشيت وراه، ماحسش بيا لحد ما وصل مخزن من مخازن العلف بتاعتهم، أول ما شفت عمي مستنيه اتأكدت إنهم شايلين السلاح في المخزن ده، دخلوا فجريت أدور على أي شباك أشوف منه إللي بيحصل جوه، طلعت على صندوق خشب قديم، شفتهم وهم مخبين السلاح في شولة العلف، استغربت في الأول ازاي سايبين المخزن من غير غفر بس فهمت إنهم عملوا كده عشان مايلفتوش الانتباه للمكان، سمعت عمي بيقول لفرّاج إن المرة دي أهم مرة، والسلاح ده لناس تقيلة، قاله إن العملية دي حط فيها تحويشة عمره ومستني ترجعله الفلوس أضعاف، ابتسمت عشان أنا عارفة إن إللي هيقهره الفلوس، رجعت البيت قبل فرّاج، طلّعت الفلوس إللي محوشاها، أخدت جزء منها وقررت ابدأ في تنفيذ خطتي من الصبح، أول ما الشمس طلعت طلعت معاها من البيت اشتري كل إللي محتاجاه، وفي نص الليل بدأت التنفيذ، محدش حس بيا وأنا بخرج من البيت للمخزن، اتأكدت إن مفيش مخلوق في المكان، كنت شايلة الحاجة وماشية بيها بطلوع الروح، أول ما وصلت قعدت شوية آخد نفسي، سمعت صوت من جوايا بيقولي لا يا ورد ماتعمليش كده، مش إنتِ دي، لمع التحدي في عيوني، كتمت الصوت ده وهمست "هم إللي اختاروا كده، هم إللي قضوا عليا يبقوا يستحقوا كل إللي هيجرالهم"، كسرت الشباك بالمرزبة والفاس وهو كان شباك قديم ماحتجش مني مجهود كبير، دخلت المخزن و فتشت الشولة ولقيت فيها السلاح، غرقتها بالجاز والبنزين، لمحت القش في المخزن فابتسمت وأنا بهمس بسخرية "مش كنت تسمع كلام مراتك وتبعد عن القش إللي ولع في أختي يا عمي!"، خرجت من الشباك بعد ما غرقت المخزن، ولّعت في ورقة ورمتها، ماكنتش شايفه قدامي غير أزهار والنار قايده فيها، مامشيتش غير لما اتأكدت إن المخزن باقيله ثواني وهينفجر.