فجأة حسيت بإيد بتحاول تنتهك جسمي فتحت عيوني بفزع ولقيته قدامي بنظرات كلها جوع وشر، المفاجأة ربطت لساني، شفت قصادي فرّاج، حسيت بنفس الوهن والضعف إللي حسيته يومها رغم إني مابقتش ضعيفة زي ورد إللي راحت، جسمي كان بيتنفض وحاولت أقاوم بكل القوة إللي حيلتي، غمضت عيوني عن المشهد عشان استجمع قوتي، قاومت الخرس إللي رجع يسيطر على لساني وبدأت أصرخ وابعده عني وهو زي حيوان مُنقض على فريسة، وفجأة ارتخت حركته وسكنت، فتحت عيوني ولقيت مراته واقفه وفي إيديها زهرية متلوثة بدمه، دفعت جسمه بعيد عني وقمت أستر نفسي وجسمي كله بيترعش، رمت الزهرية وقربت مني، فرجعت لورا بخوف، بكيت وقولتلها "والله ماعملت حاجة، أنا كنت نايمة و" ماكملتش جملتي ولقيتها بتشدني لحضنها، سكنت رعشة جسمي، استخبيت في حضنها وبكيت بحرقة، كانت بتضمني بقوة وتردد وهي بتبكي "أنا آسفة، أنا آسفة"، فضلت حضناني لحد ما هديت، قعدتني على كرسي وسألت "إنتِ كويسة دلوقتي؟"، ماقدرتش أنطق باكتفيت بإيماءة، بصيت عليه وسألت برعب"هـ هو مات؟"، قربت منه، اتأكِّدت من النبض وهمست بلا مبالاة "لا، لسه عايش"، اتصلت بالإسعاف ورجعت قعدت جنب الكرسي بتاعي ع الأرض، نزلت وقعدت جنبها، أخدتني في حضنها وقالت :
_ عارفة يا ورد، أنا تعبت منه أوي، مفيش واحدة بتيجي تشتغل هنا وبتعمّر بسببه، بس آخر حاجة كنت أتوقعها إنه حقير لدرجة إنه يبص لواحدة من سن بنته! طيب عملها ازاي؟ ماشافش بنته فيكِ؟ لما لاحظت نظراته ليكِ وتصرفاته كنت بكدِّب نفسي لا هو مش معقول يوصل للدرجة دي، ولمّا روحنا عند أهلي لقيته بيقولنا هروح مشوار وراجع، أنا كنت واثقة إنه جايلك عشان كده جيت وراه، أنا حبيتك أوي يا ورد وكنت بعتبرك بنتي وبسببك بنتي نفسيتها اتحسنت وبقت على طول مبسوطة ومُقبلة على الحياة، كان نفسي تعيشي معانا أكتر بس هو لمّا يفوق هيتفنن في إنه يأذيكِ خصوصاً بعد ما أطلب منه الطلاق، أنا خلاص مش مستعدة أكمل، أنا كده أخاف على بنتي، قومي يا ورد يلا لمي حاجتك وامشي من هنا قبل ما يفوق، يلا اتحركيقمت بسرعة، لميت شنطتي وغيرت هدومي، وقبل ما أخرج ادتني ظرف فيه مرتب شهرين أدبر بيه نفسي ونصحتني ما اشتغلش في البيوت تاني، ودّعتها بحضن ووصتها تسلملي على بنتها ومشيت، كنت بجري في الشارع كإني بهرب من حد بيجري ورايا!
وقفت أخد نفسي، سألت على فندق أبات فيه الليلة ولقيته غالي أوي وكمان لازم يكون معايا بطاقة، فضلت ألف في الشوارع وكل ما أشوف راجل جسمي يرتجف وأبعد عنه برعب، قعدت ع الرصيف مش عارفة أروح فين ولا أتصرف ازاي!
جه على بالي علي، دورت على الورقة إللي فيها رقمه ورحت لأقرب كشك فيه تليفون، اترددت قبل ما اتصل، بس مفيش قدامي غيره فحسمت أمري واتصلت، ردت عليا واحدة عرفت بعدين إنها الشغالة لمّا قالت" ثواني هنده لحضرتك علي بيه "، لمّا غاب والخط مفتوح قلت يبقى مش فاكرني، وقبل ما أفقد الأمل وأقفل لقيته بيقول "ورد، أخيراً، ده أنا دورت عليكِ كتير في المنطقة إللي نزلتك فيها عشان اتطمن عليكِ بس مالقتكيش وكنت منتظر تكلميني في أي لحظة، إنتِ كويسة؟"
أول ما سأل السؤال ده لقيت صمودي بينهار وفضلت أبكي بحرقة، اتخض وسأل "إنتِ فين دلوقتي طيب قوليلي وحالاً وهكون عندك"، ماكنتش عارفة اتكلم من شهقة البكا، كنت بقول بالعافية" م معرفش معرفش"، قالي أدي السماعة لصاحب الكشك، ادتهاله فضل يتكلم معاه ويوصفله المكان وبعدين الراجل قفل الخط وقالي "بيقولك ماتتحركيش من هنا هو جايلك"، دفعتله حق المكالمة وقعدت على الرصيف أستنّى علي، وصل بعد ساعة، خوفه عليا كان باين في عينيه، أول ما شفته كإني غرقان لقى قشة واتعلّق فيها، وبعد ما كنت هادية ومستنياه شوفته بكتني تاني، هو الوحيد إللي أعرفه هنا فعيوني كانت بتشكيله من لحظة الرعب إللي عيشتها، ما سألنيش مالك، أخد شنطتي وفتحلي باب العربية، وساق في صمت، كنت لسه مكملة بكا، ماحاولش يهدّيني، سابني أطلع كل حزني وغضبي في دموعي،. كان بيلف بالعربية في الشوارع لحد ما هديت شوية، وقف في مكان ع النيل، قالي "انزلي استنيني هنا ثواني وجايلك وأتمنى أرجع ألاقيكِ خلصتِ كل البكا إللي جواكِ".