دموع (11)
التقى سامي بأبي بناءً على طلبِ أبي، لكنّه بعدما عادَ لم يتحدّثْ معي بشيء، ولم أعلمْ بالذي دارَ بينهما، ولم يُغيّرْ من تصرّفاته شيئًا؛ فمشاهدته الأفلامَ غير النافعة، وعلاقاته على مواقعِ التواصُلِ مع صديقاتِه -كما يدّعي- بقيتْ مستمرة..
لم أعُدْ أُفكِّرُ بشيءٍ سوى بطفلي الذي لا أُريدُ أنْ يُعاني مثلي، أو أنْ يتربّى بعيدًا عن أبيه، فكّرتُ مرارًا بالانفصال، لكن كيفَ وأينَ سأعيش، فلا أستطيعُ العيشَ مع أبي ولا أُريدُ أنْ أؤثِّر سلبًا على أخي وسام الذي كانتْ حياتُه صعبةً جدًا، وبالكادِ يستطيعُ أنْ يؤمِّنَ الرزقَ له ولبناته الثلاثة، فلم يرزقه اللهُ بذكرٍ، على عكسِ عصام وجابر اللذين رزقَ الله الأول بخمسة ذكور وجابر بثلاثة.
عشتُ أيامًا مريرةً، كانتْ مُعاملةُ بيداء تزيدني ألمًا، رغم أنّي كُنتُ أتجنّبُها وأحاولُ أنْ لا أفتحَ معها أيَّ نقاش. كانَ هدفُها الوحيدُ هو كيفَ تتفنّنُ في إيذائي على أيّ حال!
رزقني اللهُ (تعالى) بتوأمين آمال وأمين، كانتْ فرحتي بهما لا توصف، شعرتُ أنّهما عائلتي التي طالما حلمتُ بها، حاولتُ أنْ لا أقصِّرَ في رعايتهما، لم يكنْ لهما غيري، ولم يكنْ لي غيرهما، فقد غيّرا حياتي وقد نسيتُ كُلًّ ما عانيت..
مرضتْ بيداء، وعلى الرغمِ من كُلِّ ما فعلته بي كنتُ أرعاها وأنامُ في غرفتها خشيةَ أنْ تحتاجني بشيءٍ ما حتى أنّها كانتْ تستغربُ لما أفعله لها.
لم نكُنْ نتوقّعُ أنَّ مرضَها خطيرٌ، فكُلُّ ما تصوّرناه أنّ سببَ مرضها مُجرّد برد، وفي يومٍ دخلتُ عليها وأحضرتُ لها الحساء، رفعتُ الملعقةَ كي أساعدَها في تناوله، أبعدتْ يدي بهدوءٍ وبصوتٍ يرتجفُ قالت:
- نادي على أخي.
جاء سامي مُسرعًا، وألحَّ عليها كثيرًا كي يأخذها للطبيب لكنّها لم تقبلْ..
أمسكتْ بيدي وهي تنظرُ إليّ بكُلِّ ودٍّ وحنان:
- دموع.. اعذريني، أنتِ أطيبُ وأصدقُ إنسانةٍ قابلتُها في حياتي..
ولقد ندمتُ على كُلِّ ما فعلتُه معك..
ثم نظرتْ إلى سامي وعيناها تفيضُ بالدموع:
- لا تؤذِّها؛ فإنّها زوجةٌ صالحة..
وبعدَ لحظاتٍ تدهورتْ حالتُها وازدادتْ سوءًا، حملَها سامي وقد فقدتْ وعيها ليأخذها إلى المستشفى، وفي الطريق أمسكتْ بيدِ سامي بقوة، تسارعتْ أنفاسها وأغمضتْ عينيها بهدوء، ثم فارقتِ الحياة.
يتبع...
#بقلمي
#نرجسةالزمانقناة التليغرام:
✅ https://t.me/turathalanbiaa_alkafeelblogصفحة الفيس بوك:
✅ facebook.com/alkafeelblogحساب الانستغرام:
✅ https://www.instagram.com/alkafeelblog/