1
الحادي و العشرون من يناير لعام 2026 و في تلك اللحظة انخرط طلبة جامعة القاهرة في تجمعات مختلفة من الأصدقاء و الزملاء ، يتبادلون الحديث عن فترة عطلة منتصف العام و عن مغامراتهم خلالها ، ضحكات عالية من مجموعة و هدوء من اخرى و ثنائيات رومانسية لا تخلو منها ساحات الجامعات، ذلك وسط معزوفات موسيقية تتقنها زخات المطر و خريرالماء المسرع الي قنوات الصرف الجانبية هربا من برودة الطقس ، كانت مجموعة تتكون من شابين و فتاتين يتواروا في ركن خاص تحت شجرة كثيفة الغصون و الأوراق يكاد البعض تحديد ملامحهم وسط ادخنة التبغ المحترق التي اخترقتها إشارة أحدهم صائحا بلهجة مرحة :
" البرنس جه يا ولاد "
التفت الآخرون مرحبين بصديقهم زياد الطباخ القادم متأخرا كعادته قبل أن يناوله صديقه سيجارة وموجها حديثه لأصدقاءه بسخرية :
" عفر عفر قبل محاضرة المثل الاعلي " قالها و انطلقت ضحكات أصدقاء زياد و هم يمطروه بنظراتهم الداعبة .
التقطها زياد و أشعلها سريعا قبل أن يزفر في وجه صديقه بدخان سيجارته قائلا بإعتزاز و ثقة :" مثلي الاعلي ده مش حتعرف تبقي ربعه في حياتك كلها يلا "
عاد الجميع إلى الحديث و الى تبادل الهواتف لمشاهدة بعض الصور و الفيديوهات و التي تسيطر على شغف البعض و تطلق أسارير و ضحكات البعض الآخر قبل أن تأتي فتاة وسط تلك الجموع صائحة بنبرة حادة و صوت مرتفع :
" الساعة 10 يا جماعة محاضرة دكتور خالد "في تلك اللحظة هم الجميع بالإستعداد، دفن زياد سيجارته بجانب الشجرة ملتقما قطعة من اللبان و متوجها داخل المبني الخاص بكلية الحاسبات و الذكاء الصطناعي - جامعة القاهرة ، و قاصدين قاعة المحاضرات الكبرى التي شيدت خصيصا بسبب تدافع الطلبة من جميع الكليات و الجامعات لحضور محاضرات و ندوات دكتور خالد الهامي - رئيس قسم التصميم الرقمي و مستشار وزارة الإتصالات المصرية .
" يا بختك يا عم زياد دكتور خالد معاك على طول مش زيينا بنجري وراه " قالها احدهم اثناء تدافع بسيط داخل اروقة المبنى المؤدي لقاعة المحاضرات و قد سمعها زياد و لم يهتم أو يعقب ، لحظات حتي فرغت ساحة و أروقة المبنى الحديث من تواجد الطلبة( مدير القسم ) لوحة معدنية صغيرة تتوسط أعلى الباب الزجاجي للغرفة التي خرج منها دكتور خالد الهامي متوجها بشغف معتاد إلى قاعاة المحاضرات ممسكا بطرف نظارته الطبية ليضبط وضعها على أنفه ، كانت أناقته تتحدث عنه و عن أصل تربيته و نشأته فهو اخر عنقود عائلة الهامي الكبيرة و صاحبة أكبر مجموعة مستشفيات استثمارية في مصر و الشرق الأوسط ، تسلسل أعضاء تلك العائلة بمختلف أقسام و تخصصات كليات الطب البشري و الصيدلة حتي آتي خالد بمطرقته الفكرية و كسر تلك السلسة المعقدة ، فقد نبغ منذ صغره بالكمبيوتر و برامجه حتي استطاع إقناع العائلة بالخروج عن سربهم ، سرعان ما نبغ في دراسته و لم يكن صعبا علي الاطلاق الإلتحاق بهيئة التدريس مباشرة ثم التدرج منها الى رئاسة قسم التصميم الرقمي ، إبتسامته تعكس ثقة و تشير إلى طيبة و حسن خلق فطري تجلى في تعامله مع العاملين في الممر المؤدي للقاعة و تحيتهم الحارة له حتي فتح أحدهم باب القاعة مشيرا له للتفضل بالدخول قائلا :
![](https://img.wattpad.com/cover/345482961-288-k99555.jpg)
أنت تقرأ
السوق الأسود
Mistério / Suspenseجريمة قتل غامضة قلبت حياته رأسا على عقب فهل سينجو دكتور خالد؟ و كيف تغير اثناء رحلته في البحث عن ذاته و عن المجرم الحقيقي؟ إذا إنكسر شيئا ما عظيما بداخلك فقد تتوقف حينها أمامك الحياة تعيش كما يعيش الآخرون و لكنك بعيد تماما عن تلك الحياة تصنع نفسك ل...