ما جعل الأمر يبدو مُريبًا قليلًا بداخلي هو أنني بدأت أتناسى فكرة البحث عن الكنز مؤقتًا مع مرور السنوات، علمتُ أن السبب الذي أدى إلى ذلك هو توالي الخيبات واحدة تلو الأخرى، فلم يكن قد ظهر أي أمل بعد؛ لأكمل ما بدأته منذ طفولتي، ولم يساعدني أحد على ذلك، كلما أخبرت إحدى زميلاتي عن الأمر كانت تقابله بسخرية كبيرة، وتخبرني أن أعمال الرجال لا نقوى عليها نحن الفتيات، رأيت وقتها أنها مُحقّة فيما تقوله نوعًا ما، فعلى أرض الواقع يبدو الأمر أشبه بالمستحيل فعليًا، ما لم يستطع أن يفعله أحد مُنذ سنوات طويلة سواء كانوا أُناس عاديين أو حُكام كيف أستطع أن أفعله أنا وحدي إذن؟!
***
كل تلك الأفكار كانت تدور بداخلي يومًا بعد يوم، عندما كنت أجلس بمفردي في حديقة هذه المدرسة قبل أن أُودعها وأذهب إلى المدرسة المتوسطة، الأمر أشبه بأن أتعلق بخيط صغير رُبما قد يوصلني إلى ما كنت أسعى إليه، أو يتمزق أثناء تأرجحي مع خيبات الأمل فيهوِي بي.
***
بعد أن التحقتُ بالمدرسة المتوسطة، وجدتُ أنني لست وحدي من يمتلك أحلام شبه مستحيل تحقيقها، فقد تعرفت على صديقة لي في المدرسة المتوسطة تُدعى ''مِسك''، تعددت لقاءاتنا، وكنا نجلس ونتحدث عن عدة أشياء معًا، وجدت أنها تشبهني إلى حد كبير في الطريقة التي أفكر بها، وعندما كُنا
نجتمع سويًا في مكتبة المدرسة كنت أراها تستعين ببعض الكتب التي تتحدث عن الطب.بعد انتهاء أحد أيامي الدراسية جلست أنا وهي بالمكتبة وبدون أي سابقة، تظاهرتُ بأنني متفاجئة من نوع الكتب التي تحملها حتى يتسنى لي أن أسألها عن حلمها، وكأن الفضول كان شخصًا واقفًا خلفي، ويدفعني أن أسألها ذلك السؤال في ذلك الوقت، أخبرتني أنها تمتلك حُلمًا يصعب تحقيقه، وهو أن تقوم باكتشاف علاجًا لبعض الأمراض المستوطنة في إقليمنا، والتي لم يستطع أحد أن يجد لها علاجًا حتى الآن، تحدثت ضاحكة، وبدا على وجهها ابتسامة محملة بالكثير من الحزن بداخلها، وقالت أنها تعلم أن الأمر يبدو صعبًا إلى حد يبدو مستحيلًا لكنها لم تستسلم بعد.
لم تفعل كما فعلت أنا، عندما وقعتُ في فخ الاستسلام مع أول سُقوط، ثم سألتني عن حُلمي أيضًا، لكني لم أُرد أن أُخبرها أنني أسعى للعثور على الكنز الذي لم يقوَ أحد على العثور عليه، خشيت أن تقابل حديثي بالسخرية كما فعلت غيرها من زميلاتي، ثم أخبرتها أنني لم أجد حُلمًا مناسبًا لي بعد، اقترحت مسك عليّ أن أهتم بتعلم الطب مثلها أيضًا، ونحاول أن نكتشف العلاج لتلك الأمراض سويًا، ونخوض تلك المغامرة نحن الاثنين بعد أن ننتهي من سنوات الدراسة بالمدرسة المتوسطة الثلاث.
الأمر كان غريبًا إلى حد كبير في البداية بالنسبة لي، لكني كنت أعشق مثل هذه التحديات الصعبة، بدأتُ بالدراسة بعام التخرج الأخير الذي يلي سنوات المدرسة المتوسطة الثلاثة، وبدأت أهتم بالكتب التي تتحدث عن الطب مثلما كانت تفعل مسك.
أنت تقرأ
مانتينيا -رواية ورقية-
Fantasy"لا يوجد فينا من لم يُطلق العنان يومًا لخيالاته الجامحة؛ ليغوصَ في البحث عن مغامرةٍ قد تنتهي بالعثور على الكنز المدفون مُنذ سنين! إن إيجاد كنز مانتينيا يتطلب الكثير من البحث والحفر بعمق من أجل العثور على الدفائن المخفية، لا أقصد من الحفر بعمق هو أن...