6_الغيرة
هي الدنيا تفرق ساكنيها
وفي الذكرى تزيدهم اقتربا
ألا لا تعجبي لي من نحيبي
فإن أمامنا العجب العجابا
( محمود شاكر)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتأججت نيرانُ الغيرة في قلب إسراء، نيران راحت تأكل قلبها الخافق بين ضلوعها، وتملكها خوفٌ عظيم وضيق تفاخم في نفسها حتى ملأ كل حناياها، وغابت بنظرة شاردة على راحته التي تضم كف الفتاة في حنان وعتاب، وتجمع دمعٌ غزير في عينيها.
لم تدرِ جم تلك المشاعر الغريبة التي تجتاحُها.
غريب أمرها ومحير.
هل وقعت في حبه بتلك السرعة؟!
لقد أرادت أخذه جسر تمر عليه وتتوقف قليلًا متوارية فيه عن والدها، فتتعثر في قلبه؟
لم تنتبه إليهما عندما دخلا الدار ودار بينهما حوار حاد، بل لم تفق من شرودها إلا على صوت أميرة التي قفزت إليها وامسكت بها وهي تهتف وقد طار صوابها:
_ إيه ده .. إيه ده؟ الممثلة إسراء بنفسها هنا؟! بتعمل إيه عندنا؟
فدفعت إسراء يديها عنها في عنف بيَّن وكره نما على ملامح وجهها، وهي تصيحُ فيها متراجعة للوراء:
_إوعي كده أبعدي عني.
فذهلت أميرة من ردة فعلها الحادة العدائية، وتلاشى مرحها سريعًا وتجهمت، وهُنا علا صوت بلال، هاتفًا في صرامة:
_اتكلمي مع اهل البيت اللي آوينك حلو، وإياكِ وأميرة عشان مش هسمح لك.
فتساقطت الدموع على وجنتيها و ولت مغادرة المكان، فعاتبته سهير على قوله، وتبعتها لداخل الغرفة وهي تقول:
_إسراء، متزعليش من بلال هو بس مبيحبش حد يزعل حد فينا، اللي بيزعلنا يزعله وأميرة دي أخته اللي محدش يقدر يهوب لميها بحرف وحش.
فوثبت إسراء عن الآريكة، وبعينين برقاتين، هتفتت متهللة:
_أخته.. البت اللي برة دي اختكم، غريبة محدش قلي.
فجذبتها سهير من معصمها وجلست بها على الآريكة وهي تغمغم:
_هي بنت خالتنا، وتبقى أخت بلال في الرضاعة.
فتنفست إسراء الصعداء، وأشرقت أسايرها، بالفرح.
في الخارج كان بلال يدلف إلى سيارته وما كاد يشغل محركها، إذ ارتفع رنين هاتفه برقم زوج أخته، فنفخ بضيق وهو يتذكر شجاره معه ليلة أمس عندما اخبره دون حياء إنه يود بعد الزواج من اخته أن يسكن معهم، متعللًا من أين له بشقة في هذا الغلاء، فجذبه بلال من تلابيب ملابسه ونشب بينهما شجار فكه المارة.
وحينها لم ينس صرخته له وهو يقول:
_خلاص ياخويا خلي أختك تعنس جنبك وشوف مين هيرضى بيها، بذمتك انت اخ؟! هو الأخ يكسر قلب أخته ويحرمها من اللي بتحبه!؟
وذهب بلال إلى المجسد حين ذاك بكل الهم الجاثم على قلبه، وهناك ناجا ربه وفكر طويلًا. قبل أن يتخذ قرار الموافقة.
لا يمكنه كسر قلب أخته..
لن يحدث ويكون سبب تعاستها..
سيقوم هو بإستئجار شقة لهما ويتولى دفعها لا بأس من أن يحرم نفسه مما يريد في سبيل راحتها، ولا ضير من التعب لساعاتٍ إضافية لسعادتها.
هو من الأساس لم يقبل بهذا الرجل زوجًا لأخته، لم يرآه يومًا الرجل الذي يستحقها، هو لن يكون زوجًا جيدًا يعلم هذا وربما قد تعاني أخته لكن ما باليد حيله..
فحين رفضه عندما تقدم لخطبتها ثآرت وماجت وخاصمته وقضت أيامًا لا تبرح غرفتها، والدموع لا ترقأ من عينيها، فعلى مضض تقبل الخطبة، كان يدرك أن أخته مثلها كمثل باقي الفتيات تفرح بقدوم العريس دون أن تفكر بالعواقب.
لكن أخته ليست مثلهم فقط تخطت الثلاثون ولم يتقدم لها أحد فشاء القدر أن يأتي ( عماد) ويكون هو النصيب.
ثم تذكر وهو يغتصب نفسه اغتصابًا ويتحامل عليها ويذهب إليه موافقًا بإنه هو من سيتكفل بالشقة ولن يعيشوا معهم هو لن يقبل بغريب يسكن منزله وأمه موجودة، وإنه سيشاركه مصاريف الزفاف.
انتشل بلال نفسه ليرد على عماد الذي لم ينفك من الرن دون كلل، فجآه صوته البغيض قائلًا:
_مرحب بأبو نسب، اخبارك إيه؟ واخبار مراتي؟
فرد بلال بصوت حانق ولم يقاوم إخفاء ضيقه:
_خير يا عماد، عايز إيه؟
صكت مسامعه ضحكت عماد فأبعد الهاتف عن اذنه وسمعه يقول:
_بقول بلاش تأجيل اكتر من كده ونعمل الفرح، بس آه أنا يا بلال يا خويا بقول نعمل الفرح على الضيق كده بلاش نعزم ناس كتير ونصرف الفلوس على الفاضي، ولو عايز تعمل فرح كبير وتعزم كل الحبايب يبقي كل حاجة عليك، قُلت إيه؟
فأغلق بلال الهاتف في وجهه، ولكم قبضته في عجلة القيادة، وهو يكبح غضبه ذاك عماد لا ينفك عن رأسه، رغم إنهما حددا يوم للزفاف إلا إنه يحاول أن يقدمه اكثر..
وهو لا يريد..
لا يريد لأخته من الأساس أن تتزوج.
في ذاك الوقت كانت إسراء تراقبه من النافذة بقلق حقيقي تشعب في روحها وهي ترى ضيقه وغضبه الواضحان وضوح الشمس، فلم تستطع على ذلك صبرًا، وجزعت وهي تتحرك مبتغية الحديث معه، وما أن فتحت الباب وكادت تعبره حتى رأته ينطلق بسيارته، فشيعته بقلبٍ واجف، وعينين حزينتين، ثم عادت أدراجها للجلوس برفقة سهير و.. أميرة التي لم تستطع منها فكاكًا.
أنت تقرأ
والتقينا
Romanceممثلة مشهورة في مواجهة الموت كل فنية والآخرى لسببٌ مجهول، ومن قاتل مجهول.. فمَ اقترفته؟ وما الذي جنته؟ وذات مرة ينقذها سائق سيارة متدين، وتدعي الممثلة أمام الضابط إنه خطيبها وتذهب قسرًا للعيش معه و وسط عائلته .. مجنونة هي أمام شاب صارم متدين ذا...