الثاني.

358 42 42
                                    


قابعة على ركبتيها أمامه ترتعد خوفًا من هالته التي لا تتمكن من إدراكها بينما يجلس هو على كرسيّه الذي يبدو كالعرش المَهيب..

تستريح إحدى يديه على عصًا سوداء تشكّلت رأسها على هيئة رأسَ نمرٍ ويده الأخرى تداعب الوحش القابع جواره وكأنّه كلبٌ أليف لا يخضع سوى لسيّده كمثيلِه بالناحية الأخرى..

"أطلبُ منكَ أن تقبض أرواح ثلاثة أشخاص بأبشعِ طرقٍ خُلِقَت وأريد أن أشهدَ فعلتكَ بعيناي، لكن.. "

ابتلعَت ما في حلقها ناظرةً للأرض بخوفٍ من مواجهته لتُضيف:

"أريد أن يُقتَلوا على فتراتٍ مختلفة مع تركِ اسم كلّ منهم بجوار جثة سابقه، أودّ أن أستمتع بالرّعب في عيني كلّ منهم حتى يحين موعده."

حرّكَ أظافره السوداء المدبّبة على شفاهه برويّةٍ بينما يدقّق النظر في هذه المراهقة التي تحمل من الحقد الكثير، ثم نهض واقفًا ليفعلا أليفاه المِثل، كلّ منهما على أربعٍ بينما اقترب هو منها مجيبًا:

"والمُقابل؟"

"أيّ شيء، يمكنكَ أن تقبض روحي حتى إن أردت."

انحنى كمَن يجلس القرفصاء دون لمس الأرض ليرفع ذقنها بأطراف أنامله المدبّبة بينما تتنقّل عيناه الحمراوان على محياها الهادئ سائلًا بنبرةٍ غائرة:

"أتقوين على عقد صفقة مع الشيطان يا صغيرة؟"

نبرته خرجَت كعاصفةٍ ثلجيّة قبضَت على أوصالِها التي ترتجف خوفًا منه رغم هدوءه إلا أنّها ابتلعَت غصّتها لتومئ برأسها مؤكدة على ما طلبَته..

ابتسامة جانبيّة زيّنَت شفتَيه وظُلمةَ عينَيه غلّفها البريق مستمتعًا بوسيلته الجديدة لقضاء الوقت؛ فاللُعبة قد بدأَت..

وما أحبّ لقلبه من اللّعبِ بالبشر والتحكّم بهم كالدُّمى المُتنقّلة حِبالُها بين أنامله..

نظراته تُثير شعورًا غير محبّبٍ إليها، وكأنّه قادر على سلبِ روحها بنظراته فقط، هل تسرّعَت ربّما؟

"روحكِ مُظلمة، لا مُتعة في سلبِها."

قال لينهض مُبتعدًا بخطوَتين كي يرى خلالها جيدًا لتقعا عيناه على نُطفةِ نورٍ صغيرة بقلبِها لتتّسع ابتسامته المُستمتِعة جاعلًا من الخوف يستمتع في العزفِ على أوتار الراكعة أمامه بالرغم من أنها لا تتمكن من تبيّن ملامحه بوضوح..

"المُقابل سآخذه مُستقبلًا حين يصدر أمري أنا، هل توافقين؟"

الكراهية التي تغلّف فؤادها تجاه متنمّريها كانَت أقوى من ارتجافة دواخلها خوفًا منه لذا أومأت برأسها موافقة بسُرعة دون التفكير مرّتَين..

"ستعودين إلى غرفتكِ الآن، حينما يحين الوقت يمكنكِ دعوتي فقط."

قال بذات النبرة الغائرة جالسًا على كرسيّه شبيه العرش ثانيةً لتجيب:

"أتقصد أن أنادي باسمك فقط؟ لوسيريوس؟"

ابتسامة ساخرة رسمَتها شفتاه ثم داعبَ أحد أليفَيه بأظافره المدبّبة ليوضح:

"بل أنا الأفضل بين هذا النّسل، وبين الأنسال الأخرى جميعها لا نظيرَ لي.. "

مرّر أنامله الطويلة بين خصلاته التي لم تستطع حقًا إدراكَ لونها ليُكمل:

"تايهيونغ أكون، لوسيريوس تايهيونغ."

لم تمر ثوان حتى وجدَت نفسها على ذات البُقعة في غرفتها وبذات ثيابها المبللة لتسحب أنفاسًا عميقة وكأنّ أنفاسها سُحبَت من قبل ذاك الشيطان..

لا تعلَم أنّها وافقَت على عقد صفقة مع شيطانٍ يُثير الذُّعر في أوصالِ أشباهه، وكانت تجلس هي بكلّ سذاجةٍ أمامه ترفع عينيها في عينيه منذ ثوان معدودة..

هي مَن عقدَت الصفقة، وهو وحده من سيُنهيها.

----------------------------------------------------------

----------------------------------------------------------

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
صَـفـقَـةٌ مَعَ الشّـيـطـان. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن