الرابع.

305 42 22
                                    


نظرَت جوارها لتجده اتخذ مجلسًا على كرسيّ لا تعلم من أين أتى به ويبسط ساقه مستندًا على السور المهترئ للطابق العلوي..

ذراعه اليُمنى موضوعٌ ثقلها بأكمله على كفّه التي تستند على عصاه بينما تسقط أنامله واحدةً تلو الأخرى عليها مصدرةً ما يشبه صوتًا خافتًا لطقطقة حوافر أحد الأحصنة على أرضٍ يابسة.

يده الأخرى تداعب أظافرها السوداء شفتيه الحمراوتَين، يمكنها الجزم بأن هذه حركة لا إرادية اعتاد عليها جسده حينما يفكّر..

لوهلةٍ تناسَت كلّ شيء، بل فقد عقلها القدرة على التفكير تمامًا، كلّ ما تفكّر فيه الآن هو كيفَ له أن يكونَ وسيمًا لهذا الحد!!

أليسَ شيطانًا؟ أليسَ من المفترض أن يكون بشعًا كالمسخ الذي هو عليه؟!

ما به إذًا يبدو كأجمل مخلوقات الإلـٰه؟!

"لنرَ ما هو أكثر ما تهابه دُميتنا الصغيرة هنا.."

قال محدثًا ذاته دون النظر إليها لتفيق من شرودها ولم تمرّ ثوان حتى نظرَ إليها بابتسامةٍ مستمتعة قائلًا:

"الأفاعِ والغَرَق.. ها نحن ذا."

وجّه أنظاره إلى الشاب الذي يكاد يبكي لشدة ذعره بالطابق السفليّ فقد حاول الخروج من هذا المصنع المهجور إلا أنّ قدميه لا تتحركان..

نظرت إليه هي الأخرى لتجده سقط على ظهره وذراعاه مرتفعتان وكأنّه يطلب العون والمساعدة، لكن مِم؟ هي لا تعلم..

لم تمرّ ثوانٍ حتى وجدَت بعض المياه تخرج من ثغره ويمسك هو رقبته بأحد كفّيه وباليد الأخرى لا زال يحركها في الهواء، كما يحرك ساقيه بهستيريّةٍ بالغة وكأنّه يحاول النجاة من الغَرق..

نقلَت نظراتها المندهشة إلى القابع جوارها وتكاد تقسم أنّها رأت عينيه القانيَتَين تلمعان لشدة الإثارة حينما قال ولم تُرفع نظراته عن الذي يتعذب بالأسفل:

"يظنّ ذاته في أعماق محيطٍ مظلم ذاكَ الأحمق."

علَت ضحكاته المستمتعة وكأنّه يشاهد أحد الأفلام المضحكة، ليسَ وكأنّ شخصًا يعافر طلبًا للحياة أمامه..

وللحقّ، أصوات صراخه كانت تبعث شيئًا من الرضا داخلها، تشعر بالخوف مِمّن يجاورها، لكنها لا تشعر بالشفقة أبدًا تجاه ذاكَ الشاب..

رأت جسده يستريح ع الأرض بينما استمر في السّعال والشهيق بقوة محاولًا التقاط كلّ الهواء الذي يحيطه فقد كان على وشك خسارة حياته منذ قليل..

صَـفـقَـةٌ مَعَ الشّـيـطـان. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن