أن الذكر يجمع المتفرق ويفرق المجتمع، ويقرب البعيد ويبعد القريب، فيجمع ما تفرق على العبد من قلبه وإرادته وهمومه وعزومه، والعذاب كل العذاب في تفرقتها وتشتتها عليه وانفراطها له، والحياة والنعيم في اجتماع قلبه وهمه وعزمه وإرادته.
ويفرق ما اجتمع عليه من الهموم والغموم والأحزان والحسرات على فوت حظوظه ومطالبه.
ويفرق أيضاً ما اجتمع عليه من ذنوبه وخطاياه وأوزاره حتى تتساقط عنه وتتلاشى وتضمحل.
ويفرق أيضاً ما اجتمع على حربه من جند الشيطان، فإن إبليس لا يزال يبعث له سرية، وكلما كان أقوى طلباً لله سبحانه وتعالى وأمثل تعلقاً به وإرادة له كانت السرية أكثف وأكثر وأعظم شوكة، بحسب ما عند العبد من مواد الخير والإرادة، ولا سبيل إلى تفريق هذا الجمع إلا بدوام الذكر.
وأما تقريبه البعيد فإنه يقرب إليه الآخرة التي يبعدها منه الشيطان والأمل، فلا يزال يلهج بالذكر حتى كأنه قد دخلها وحضرها، فحينئذ تصغر في عينه الدنيا وتعظم في قلبه الآخرة، ويبعد القريب إليه وهي الدنيا التي هي أدنى إليه من الآخرة، فإن الآخرة متى قربت من قلبه بعدت منه الدنيا، كلما قربت منه هذه مرحلة بعدت منه هذه مرحلة، ولا سبيل إلى هذا إلا بدوام الذكر.
أنت تقرأ
القرب من الله💎.
Randomالقرب من الله جنة لا يعرفه إلا من ارتوى قلبه بحب الله ♥ بقلمي، طويـلبة العِـلم💎.