اِبْــنَـةٌ الــدُوق 23

3.7K 141 59
                                    

*** فجأة وقع (فرانز) على الأرض وتدحرج على الدرج. حينها أدركت بأن (لوسيو) اطلق النار على (فرانز).
هرعت إليه و صرخت:
"لا (فرانز)!!" ***

ركضت نحو (فرانز) الذي كان ينزف على الأرض. لم أستطع إدراك ما حدث للتو. كانت ساقاي ترتجفان و لم أستطع الوقوف عليهم. جلست بجانب رأس (فرانز) و وضعت رأسه على ركبتي لكي اتحقق مما إذا كان لا يزال مستيقظاً . كنت أتسأل عما إذا كان لا يزال بإمكانه سماعي... وضعت يدي على خديه و نظرت إليه. كان لا يزال مستيقظا و يبادلني النظارات بعينيه البنيتين الداكنتين ثم حاول فجأة أن يقول شيئا. فأوقفته و قلت :
لا تقل أي شيء! سوف تؤذي نفسك! "

حاولت أن لا أبكي. كنت خائفة جدا من فقدان شخص أحبه مرة أخرى. لم أكن مستعدة لتقبول شعور الفقدان مجدداً. لكن عندما رأيت ثقب احمر في صدره، لم استطع التحكم بمشاعري و بدأ الخوف و الحزن يسطر عليي. سالت الدموع مثل قطرات المطر على خدي. كانت الطلقة قريبة من قلبه و تحول قميص (فرانز) من اللون الأبيض إلى الأحمر. بعد دقائق بدأت استيقظ من دوامة الصدمة و الحزن الذي كنت فيها و رأيت رجل يحمل بيده اليمنى حقيبة كبيرة يركض إلينا. و فور وصوله فتح حقيبته و بدأ يخرج الأداوت. اكتشفت حينها بأنه طبيب لذا تركت له المجال لكي يكشف عن (فرانز).
نظرت من حولي و رأيت الحراس مجتمعين حولنا و كان الضيوف النبلاء بالقصر يخرجون و يتوقفوا مصدومين امام باب الدخول و يقولو :~ يا إلهي! ~
ثم يمتلئ الصمت بينهم و يتجه عيونهم بفضول نحونا.
فحص الطبيب نبضات قلبه و بعدها حاول الإستماع إلى أنفاسه و من ثم كشف عن الجرح. كان شفتيه ملتوية وينظر إلي بشكل يائس. قال الطبيب بصوت خافت :

"إنهُ يتنفس بصعوبة.. لا يمكننا الأنتظار حتى نرسله إلى المشفى وضعه خطير.."
ثم استدار و نادى الحراس بصوت عالي بعدما انتهى من فحص (فرانز) :
"ادخلوه إلى الداخل! و اجلبو لي قماش و مياه و...."

جائو اثنين من الحراس لحمل (فرانز). افسحت لهم المكان و نهضت من على الأرض. رفعوا (فرانز) من على الارض و اتجهو إلى الداخل. كان واحد يمسك (فرانز) من كتفه والآخر من ساقيه. كنت امشي ورائهم بمسافة قريبة و كأنني ظلهم و كنت انظر بين الحين والآخر إلى (فرانز) و اتحقق ما إذا كان لا يزال عينيه مفتوحتين. شعرت بالخوف عندما رأيت عينيه مغلقتين. كان دقات قلبي تتسارع و يداي ترتجفان شعرت بشيئ ثقيل على رئتاي، كنت بالكاد  اتنفس...
توقفوا الرجال عند طاولة في منتصف الغرفة و وضعوا (فرانز) بكل حذر عليه. كان الطبيب قد اخرج معداته و بدأ بتمزيق قميص (فرانز) لكي لا يعيقه عند العميلة. و قبلما أن يبدأ أمر الرجل:
"فل يخرج الجميع و يبقى فقط شخص لمساعدتي!!"
رأيت بعض الأشخاص الذين تبعونا نحو الداخل يخرجون من الغرفة ثم بقينا انا و الحارس مع الطبيب. تذكرت عندما تشجعت و أخرجت الرصاصة من كتف (لوسيو) لذا ذهبت عنده و بدأ كل تركيزي على (فرانز) و كلام الطبيب. طلب الرجل مني أن اعطيه الأدوات الذي وضعه على قماش نظيف على إحدى الكراسي في الغرفة. ثم كان يطلب مني بعد كل خطوة أن اتحقق من تنفس و نبضات قلب (فرانز)...
مر ساعة كاملة على العملية و كان (فرانز) لا يزال يتنفس لكنه كان فاقد للوعي. استطاع الطبيب بفضل خبرته في إخراج الرصاصة و خيط الجرح. طلب الطبيب من الجنود أن يرسلو (فرانز) إلى أقرب مشفى. أخرجوا (فرانز) من الغرفة و توجهوا به إلى الخارج و بينما كنت الحقهم عبر الممر رأيت (لوسيو) يخرج من احدى الغرف في القصر.كان ينظر إلى (فرانز) بغضب عندما رآه مع الجنود. كان في داخلي الكثير من المشاعر و الكلام اريد أن اقوله لـ(لوسيو) لكن قررت تأجيله و ان الحق (بفرانز). لكن اتجه هو نحوي بعدما رأني خلف الجنود و قال:
"انا... اعرف بأنكِ قلقة بشأنه لكن.."
قاطعته و صرخت عليه:
"لكن ماذا؟ هل نفعك الانتقام بشيئ؟ هل استطعت إرجاع عائلتك؟"
صمت (لوسيو) قليلاً ثم أجاب :
"انا حقاً لم اعد اعرفكِ.."
حاولت أن اسيطر على مشاعري. كان عيناي مليئة بالدموع:
"انا الذي لم تعد تعرفك! أصبح هدفك القتل بدلاً من إرجاع العرش. ألم اقل لك  بأن (فرانز) سيوفي بوعده؟ كنا على وشك إنهاء هذا الحرب! "
لم يتأثر (لوسيو) بكلامي او اعطى ردة فعل بل اجاب قائلاً:
" لا بل أتى (فراند) إلى هنا ليستولي على هنغاريا ايضاً.. لقد كان ينوي أن يقتل جميع من في القصر!"
نظرت إلى عيونه و بدأت ابكي و اصرخ عليه. اودت إفراغ غضبي و حزني به لكنني كنت اشعر بالضعف. كل ما كان بإمكاني فعله هو الصراخ:
" هل انت مدرك عن ما تقوله؟!"
اخرج الهواء من انفه و أجاب بنبرة غاضبة:
" إن لم اكن مدركاً لما كنت أصدق كلام والدة (فرانز)! "
" إذاً صدقت كلام تلك الشريرة ولم تصدقني... لقد كانت تعذب إبنها طوال تلك السنوات، لم اتعجب إذا حرضتك لقتل (فرانز).. "
صمت (لوسيو) و كان يبدو عليه الندم. نظرت إليه و الدمعة تخرج من عيني ثم لحقت بالجنود إلى الخارج. لكن فجأة امسك (لوسيو) بيدي. توقفت ولم أرغب في  النظر إليه مجدداً. همس بنبرة حزينة:

اِبْــنَـةٌ الــدُوق - the duke's daughterحيث تعيش القصص. اكتشف الآن