الأرض تبدو كالدرهم كما وصفها سلمان الفارسي
(عليه السلام ) ... وليس كره تائهه في الفضاء !روي عن سلمان الفارسي (رضوان الله عليه) قال : كنّا جلوساً مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه بمنزله لمّا بويع عمر بن الخطّاب ، كنت أنا و الحسن و الحسين و محمّد بن الحنفيّة و محمّد بن أبي بكر و عمّار بن ياسر و المقداد بن الأسود الكندي .
فقال له ابنه الحسن صلوات الله عليه : يا أمير المؤمنين ! إنّ سليمان بن داود سأل ربّه ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه ذلك ، فهل ملكت ما ملك سليمان بن داود ؟
فقال صلوات الله عليه : و الذي فلق الحبّة و برء النّسمة ! إنّ سليمان بن داود سأل ربّه تبارك و تعالى الملك فأعطاه ، و إنّ أباك ملك ما لم يملكه بعد جدّك رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أحد قبله و لا يملكه أحد بعده .
فقال له الحسن صلوات الله عليه : نريد أن ترينا ممّا فضّلك الله عزّ و جلّ به من الكرامة .
فقال صلوات الله عليه : أفعل إن شاء الله .
فقام أمير المؤمنين صلوات الله عليه و توضّأ و صلّى ركعتين ودعا الله عزّ وجلّ بدعوات لم نفهمها ، ثمّ أومى بيده إلى جهة المغرب ، فما كان بأسرع من أن جاءت سحابة فوقفت على الدار و إلى جانبها سحابة اُخرى .
فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : أيّتها السحابة إهبطي بإذن الله ، فهبطت و هي تقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، و أنّ محمّداً رسول الله ، و أنّك خليفة الله و وصيّه ، من شكّ فيك فقد هلك ، و من تمسّك بك سلك سبيل النجاة .
قال : ثمّ إنبسطت السحابة في الأرض حتّى كأنّها بساط موضوع .
فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : إجلسوا على الغمامة ، فجلسنا و أخذنا مواضعنا .
فأشار إلى السحابة الاُخرى ، فهبطت و هي تقول كمقالة الاُولى ، فجلس أمير المؤمنين صلوات الله عليه عليها منفرداً .
ثمّ تكلّم بكلام و أشار إليها بالمسير نحو المغرب ، و إذا بالريح قد دخلت تحت السحابتين فرفعتهما رفعاً رفيقاً ، فتأمّلت نحو أمير المؤمنين صلوات الله عليه و إذا به على كرسي و النور يسطع من وجهه فيكاد يخطف الأبصار .
فقال له الحسن صلوات الله عليه : يا أمير المؤمنين ! إنّ سليمان بن داود كان مطاعاً بخاتمه فبماذا أمير المؤمنين مطاع ؟
فقال صلوات الله عليه : أنا عين الله في أرضه ، أنا لسان الله الناطق في خلقه ، أنا نور الله الذي لا يطفى ، أنا باب الله الذي يؤتى منه ، و حجّته على عباده .
ثمّ قال : أتحبّون أن اُريكم خاتم سليمان بن داود ؟
قلنا : نعم .
فأدخل يده إلى جيبه فأخرج خاتماً من ذهب ، فصّه من ياقوتة حمراء ، عليه مكتوب : محمّد و علي .
قال سلمان : فعجبنا من ذلك .
فقال صلوات الله عليه : من أيّ شيء تعجبون ؟ و ما العجب من مثلي ، أنا اُريكم اليوم ما لا ترون أبداً .
فقال الحسن صلوات الله عليه : اُريد أن تريني يأجوج و مأجوج و السدّ الذي بيننا و بينهم .
فسارت السحابة فوق الريح فسمعنا لها دويّاً كدويّ الرعد ، و علت في الهواء و أميرالمؤمنين يقدمنا حتّى انتهينا إلى جبل شامخ في العلوّ و إذا شجرة جافة قد تساقطت أوراقها و جفت أغصانها .
فقال الحسن صلوات الله عليه : ما بال هذه الشجرة قد يبست ؟
فقال صلوات الله عليه له : سلها فإنّها تجيبك .
فقال الحسن صلوات الله عليه : أيّتها الشجرة ! مالك قد حدث بك ما نراه من الجفاف ؟
فلم تجبه .
فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : بحقّي عليك إلاّ ما أجبته .