الحدوتة الرابعة♡

40 7 1
                                    

"كُلُّ لحظاتِ الحُزنِ كانت هيّنة على منزل "آل الوكيل" إلا أن يُمَس ابنًا لَهم بسوءٍ؛ لذلك وفي هذه الأوقاتِ تحديدًا كان المنزل مُغلّفٌ بكآبةٍ غيرِ طبيبعيةٍ، الجَد وكَبير العائلة يتكأ على عصاهِ راجيًا مِن الله أن ينجُ حفيدُه المسكينِ، والذي يُكابد الآن غالقًا على نفسِه غُرفتِه وأصواتٍ غيرِ طبيبعيةٍ بالمرةِ تردد صداها في المنزل، إنكمش على نفسِه أخيه الأصغر "عمرو" وهو يبكي بصوتٍ مكتومٍ على ما آل إليه أمر أخيه، وأبيه الثاني!

بينما في جانبٍ آخر تقدّمت "هَنا" تجاه الغُرفة بعينين حاولت جاهدةً ألا تبكي أمامهم، ثُم طرقت الباب وهي تنوي الدخول لكن منعتها يد أحد أبناء تلك العائلة الذي قال:

-"هَنا" لو سمحتِ! بلاش تُدخلي عندُه وهو في الحالة دي، أنا مش محتاج أوضحلك أد إيه الموقف حرِج وشوية والشيخ هيوصل ويطمنّا عليه!

نفضت يده بقوةٍ قبل أن تتوجه بكلماتها إليه.

_والله مش إنتَ اللي تقولي أعمل إيه ولا غيرُه، أنا هدخُل واللي يحصل يحصل!

دلفت إليه وبالفعل وجدته ليس بالطبيعي أبدًا، مُستلقي أرضًا، ويحيط بِه الحطام بينما جسده يهتز بطريقة عنيفة، مُرعبة! أسرت رعشة الخوف في أوصالها بالفعل، إتجهت ناحيتُه بينما لسانها لا يكُف عن ترديد آيات من سورة "الإخلاص" والمعوذتيْن، وبعض الآيات من سورة البقرة، لكنّ ذلك جعل الأمر يبدو أكثر سوءًا، حينما أبصرها بنظرةٍ علمت منها أنها هالكة لا محالة!

-"يوسف" يوسف أرجوك خليك معايا، معلش حاول عشان خاطري أنا، محاولة كمان معلش!

ضرب يده ثلاث مرات مُتتالية في أرضِية الغرفة قبل أن يلتقط أنفاسه محاولًا الإعتدال في جلستِه، وجلس محاذيًا إليها وأمسك مصحفه وبدأ في ترديد آيات القرآن الكريم، وتوقف عند آية مُعينة فيها إنقلبت عينيه بنظرةٍ لم ترها أبدًا "هنا" في حياتها، ليتها كانت وهي ولم يكُن هو!
هذا كُله ما كان يشغل بالها، رأته في أسوء حالاته فعليًا من دمار نفسي وجسدي، وقبل أن يطولها بيديه التي تشنجتا كما باقي جسده كانت فرّت هاربة قبل أن يقابلها شيخٍ كبير أمام الباب!
...........

-أنا آسف على اللي حصلّك بسببي والرُعب اللي سببتهولك، لكن أكيد انتِ عارفة أن مش "يوسف الوكيل" اللي يإذي اللي منُه أبدًا!

طالعته بعينين تلتمعان وكأنه المطاف الأخير الذي تصله وتُغمض عينيك براحةٍ، أو لا تستطيع النوم!

_أنا اللي اسفة أني كُنت السبب في اللي حصلك، لو مكنتش في حياتك مكانتش "تمارا" عملت كدا!

ابتسم بإقتضابٍ فور سماعه لاسم تلك الفتاة، والتي كانت سببًا رئيسيًا في جعلِه يُعاني ويمُر بأسوء فترات حياته.

حواديت عائلة الوكيلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن