الفصل الثاني

15.4K 279 1
                                    

سرت السيدة سكوت والدة شيلي بقرار ابنتها بالرحيل عن هذا الغريب الذي لم تحبه يوماً .
- انه نصف انجليزي ! .. اجابتها شيلي وهي تجهش بالبكاء .
- و نصفه الآخر يوناني ! لقد سبق و حذرتك ! انهم معرفون بعنفهم مع النساء . أوه ! يا عزيزتي المسكينة عندما ارى هذه الاثار الزرقاء على ذراعيك .. بامكاني ان اقتله ! لماذا ؟ لماذا لم تتزوجي بول ؟
لم تجبها شيلي و ندمت لأنها غادرت منزل زوجها بسرعة و لكنها كانت متأكدة ان نيك سيأتي اليها لأعادتها معها الى منزل الزوجية
- سانام قليلاً .. قالت لأمها .. واذا جاء نيك ..
- سأرسله الى الجحيم !
- لا, امي ارجوك .. سيعتذر اعلم ذلك و سيستمع لي .. ايقظيني عندما يصل ..
لكنه لم يأت , لماذا لم تفكر بكرامته, كبريائه الذي ورثه عن والدته اليونانية . لابد انه ينتظر ان تقوم هي بالخطوة الاولى ,و مر الوقت دون ان تحاول والدتاهما ان تقربا بينهما . لكن ما تجهله شيلي هو ان امها, امها فقط هي المسؤولة الوحيدة عن طلاقها .
استيقظت شيلي في اليوم التالي . حزينة و متعبة ,لكنها كانت قد حزمت امرها على ان تغير قرارها بالنسبة للاهتمام بديكور قصر الالشويك .
كانت شيلي و ستيفن يتصفحون البوم عينات من ورق الجدران و فجاة نظرت الى ساعة يدها .
- يجب ان اذهب و الا ساتأخر عن موعدي مع السيد لونغفورد .
- لقد نسيت تماماً ذلك ! هيا اسرعي ! احسست من خلال حديثي معه انه رجل اعمال يهتم كثيراً بدقة مواعيده .
تركته شيلي بسرعة واتجهت نحو سيارتها ,و بعد قليل كانت تترك ورائها ازدحام السير و تتجه نحو مقاطعة كلوستسر, كانت تفكر بشيء من القلق انه لم يعد بامكانها التراجع , فالسيد لونغفورد ينتظرها ,و ينتظر بالتأكيد اقتراحها, دائماً تبدأ الامور هكذا, بزيارة اولى للموقع ثم بنقاش طويل .

اوقفت سيارتها امام القصر ,ولاحظت انه لا يزال مهملاً و يبدو انه غير مأهول منذ اكثر من سنة . تأملت شيلي الحديقة المليئة بالاعشاب البرية,و احست باتقباض في قلبها, فقط النهر الصغير لا يزال يتلألأ تحت اشعة الشمس, كانت قد وصلت قبل موعدها بربع ساعة, فاتجهت نحو المياه و انحنت و اخذت تلعب بالماء بيديها فجأة سمعت صوتاً يناديها فتجمدت مكانها ! هذا الصوت العميق القوي ... ثم التفتت.
- آنسة سكوت ؟... ياالهي ! ... انت ؟ و تأملها نيك بدهشة .. كنت على موعد مع آنسة سكوت و اعتقدت ان هذه مجرد صدفة .. ثم سكت من جديد .
- سيد لونغفورد .. جئت لأرى السيد .. لونغفورد ... اجابته متعلثمة و قد شحب وجهها و ادركت ان ستيفن اخطأ بين اسماء زبائنه من جديد.
- لونغفورد ؟ من يكون ؟ سألها نيك .
- "انه زبون آخر .. لابد ان مديري قام بخطأ جديد ,انه فوضوي جداً" .
ماذا تفعل الآن ؟ اتركض بين الاشجار ؟ اتهرب ؟ لماذا قبلت بهذا العمل ؟
- اذا انت استعدت اسمك الاول ؟ سالها نيك بجفاف .
- هذا افضل .. همست بصوت ضعيف و كان نيك لا يزال يتأملها .
- لقد نضجت .. و اصبح جسمك ممتلأ ...
- انت ايضاً .. نضجت و اصبح جسمك ممتلأ .

- اتعملين في الديكور ؟ ... سألها مبتسماً.
لم تجبه على سؤاله هذا و سألته بصوت ضعيف جداً .
- انت اشتريت هذا المنزل .. رغم كل شيء ... ؟
- نعم, من اجل زوجة المستقبل و من اجلي .. اية سخرية جعلتك انت بالذات من يجدد ديكوره لنا !
- هذا غريب بالفعل ان نلتق هنا, و لكن لست انا من سيهتم بتجديده, لقد جئت من اجل العقد المبدئي, وبعد ان تقولي لي عما ترغب به سيهتم السيد ستيفن وندفورد بكل شيء .
- اهكذا تعملين دائماً .
- لا لقد غيرت رأيي, لا اريد ان اعمل لديك .
- اذا كنت قد فهمت جيداً .. قال بابتسامة خفيفة .. لولا هذا الخطأ بين الاسماء لما كنت ستأتين ؟
- لا
- تعالي .. قال لها اخيراً بعد صمت قصير .. هيا لنزور المنزل.
- اعتقد .. اعتقد من الافضل ان لا نفعل .. طالما انني لن اهتم بالعمل, فنحن نضيع وقتنا ...
- لا ابداً ! لماذا ازعج نفسي بدون جدوى ؟
انه دائماً متكبر متسلط تأملته شيلي قليلاً, لقد تغيرت ملامحه ولكن فمه لا يزال مثيراً و عيونه التي تعلوها رموش سوداء طويلة لا تزال تملك نفس البريق ، لم تنس ابداً هذا الوجه ولكن مع السنوات ازداد سحر نيك اكثر, ولم يعد نحيفاً اصبح جسده رياضياً ممتلأ .
هزت كتفيها و تبعته نحو المنزل .
- لدي مفتاح واحد الآن .. قال نيك ساضع منه نسخة ثانية لك .
- تقصد لمديري ! .. صححت له كلامه و تبعته الى الداخل, و تركت باب المدخل مفتوحاً, يا له من وضع غريب ! نيك و هي ، بعيدين غريبين .. و تذكرت لياليهما الحارة, و قبلاتهما الحنونة العنيفة في نفس الوقت و غلى الدم في عروقها و جف حلقها .
- لقد ترك كل شيء على حاله ...
- نعم .. و بحال اسؤ من قبل !
لماذا جاء وحده ؟ تساءلت و ارتعشت لفكرة انها كان بالامكان ان تجد نفسها وجهاً لوجه مع السيدة وايت الجديدة , الحمدلله .. تفحص نيك المكان و مر من غرفة الى غرفة و هو يحدثها عن التغيرات التي يرغب بها, كزبون غني جداً ,كان معتاداً على الامر و النهي و كان يعاملها كأنها مجرد عاملة دون اقل شعور دون أي تلميح لماضيهما, هذا ما جعلها تشعر بجرح جديد في كرامتها .
كانت الشمس تشرف على المغيب عندما انهيا زيارتهما الاولى و اتجه كل واحد منها نحو سيارته وهو مالك سلسلة فنادق في اليونان ووريث لثروة والده الانكليزي الكبيرة, كان يملك سيارة مرسيدس بيضاء, اما هي و بسبب عزة نفسها لم تكن قد طلبت منه أي مليم و اكتفت بسيارة قديمة اعتادت عليها .
- سأناقش كل شيء مع مديرك . قال بكبرياء .. يجب ان تنتهي الاعمال الداخلية بنفس الوقت مع الترميمات الخارجية و تنسيق الحدائق ..
- كل هذا لا يهمني ولا يعنيني ، السيد ستيفن سيهتم بكل شيء .. فتأملها قليلاً بحدة ثم دخل سيارته و صفق الباب بقوة .
- هذا ما سوف نراه ...
--------
- انا آسفة لا استطيع ان اهتم بهذا العمل !
- لكن السيد وايت مصر على ان تجديد ديكور قصر الالشويك يعهد اليك انت .. والا فلن ينفذه احد آخر .
لم تكن ابداً تعتقد ان نيك قادر على مثل هذا, و اخذت ترتجف من الغضب, لكنها حافظت على هدوئها و تبعت ستيفن الى مطعم السوهو حيث سيتناولان العشاء, ما ان جلسا حول الطاولة حتى قالت له من جديد .
- لن اقوم بهذا العمل !
- لقد سبق ان قلت لي ذلك . و تنهد بانزعاج و لكنك لم تشرحي لي لماذا, هذا غريب ! انا لم ارك هكذا من قبل !
- انا لا احب هذا الزبون هذا كل شيء !
- هذا ليس سبباً, هيا ! لقد سبق ان عملت مع زبائن لم يكونو يعجبونك ابداً!
- ليس اكثر من هذا !
- انا اكيد ان هناك سبب آخر, شيلي لقد شعرت بذلك, انا متفق معك على انه متعجرف و لكننا التقينا بأسوء منه بكثير !

روايات احلام/ عبير: ومرت الغيومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن