-7-

24 4 7
                                    

أجمل ما فعلته في حياتي أني قررت خوض غمار هذه التجربة - تجربة حفظ القرآن- وأكثر ما ندمت عليه في حياتي أني توقفت عن الحفظ لمدة سنتين ولكن في المقابل أقوى ما فعلته في حياتي هو العودة مجدداً للحفظ وقررت ألا أترك مجالاً للندم في هذا الموضوع.

لم تكن في السابق حياتي تتمحور حول القرآن ولكن الآن كل ما أُفكر به هو متى سأختم القرآن؟ متى سأحفظ؟ كيف أحفظ؟ أين أحفظ؟ أي صفحة أقرأ في صلاتي؟ ماذا أُراجع من محفوظي؟ وإن لم ألتزم وإن كانت الكمية قليلة وإن لم أحفظ وإن خذلت نفسي، عقلي وقلبي وروحي يجرون خلف القرآن للخلاص للتمسك بالعروة الوثقى، أسعى جاهدة لأُعبر عن حبي لخالقي أحاول أن أُقدّم له جهادي هذا كإجابة على أسئلةٍ أخاف الردَّ عليها، فالله خلقني بصحة ولله الحمد، فإن سألني عن صحتي هذه بما أضعتها أخاف أن أجيب أني أضعتها في سبيلٍ غير سبيله، وفي الحقيقة أنا أضعتها في الانتظار والترقب وأضعتها في بعض أعمال السوء والآثام، وإن سألني الله عن عمري فيما أضعته، فسأقف ساكنة فالله أحياني قرابة الثلاثين عاماً ولم أحقق شيئاً إلى الآن، وأنا أضعت عمري في الكسل والتسويف والعمل لكسب رزق بيد الله وأضعت عمري على اللهو والدنيا، أنا حقاً لا أملك أي إنجاز في حياتي، ولا أملك ما اعتز به في هذه الدنيا فهل أقف هكذا أمام الله؟ خالية الوفاض تماماً، دون سبب للحياة، أتسائل فقط لما يبقيني الله على قيد الحياة إلى الآن؟

لا أريد ذلك، أخاف هذا الوقوف أمام الله، وأخاف اسئلته، وأخاف قلَة حيلتي أمامه، وأخاف أجوبتي البائسة، وأخاف في النهاية أن يقول الله عز وجل لي " يا فلانة، لقد خلقتكِ ورزقتكِ وانتظرت توبتكِ لأغفر لكِ فنسيتيني وتعلقتي بغيري وأحببتي غيري وطلبتي الرزق من غيري فاليوم سأنساك كما نسيتيني في دنياكِ" وهذا في نظري قمة البؤس والخسارة، ولا مردّ لي ولا شفيع لذلك أحاول وإن كانت محاولات فاشلة ولكن أحاول، أحاول النهوض، أحاول الاستمرار، أحاول البقاء، أحاول الحمد والشكر، أحاول الدعاء، الصيام، القيام، الالتزام، ليشهد علي ربي أني لم أنساه رغم كل ما بي من ضياع وألم.

في نظري حفظ القرآن فريضةٌ فرضتها على نفسي، كمان أن الصلاة عماد الدين، فالقرآن هو ما يثبت ويدعم هذا العماد، أستحي من قراءة نفس السور في الصلاة، يصل الواحد منا إلى الأربعين والخمسين ولا يزال يقرأ المعوذات والكوثر في صلاته ويخطئ في البينة والبروج والتكوير، القرآن نهج كامل ولُبُّ الدين، عندما أُصادف مشكلة ما أصبح بإمكاني تذكر آية تحل لي المشكلة دون الرجوع إلى والداي والانترنت ثم إن القرآن يلجم الإنسان، من يحفظ القرآن من قلبه وبنية نظيفة لا تشوبها شائبة يتغير مهما كان فظاً وغليظاً وميؤوس منه سبحان الله يتغير، يغير الله قلبه الغليظ ليصبح قلبه كقلب طائر صغير، يغير تصرفاته وأسلوبه، يعزّه الله بين الناس، دون شهادة طب أو محاماة، فقط لأنك نويت من قلبك، ولا يهم كم تحفظ ستنال كل هذا في الدنيا وأكثر في الآخرة، المهم الاستمرار.

عزيزتي لا تيأسي ولا تتوقفي، ولا تقولي لم يعد أمامي مجال للعودة، فأنا أرى أن الله يبقيك على قيد الحياة لتعودي، صدقيني كل شيء صعب في البداية إلا أننا نعتاد كل شيء نعتاد الألم ونعتاد المشقة فكيف ان اعتدنا البِرَّ والسعي، إنه شيء عظيم وإن توفاكِ الله قبل إكماله، ولكن أقول لكِ ولنفسي لا تتوقفي.

في الأجزاء القادمة قد يتغير المحتوى، أردت بداية أن أحدثكم عن تجربتي ثم أردت تشجيعكم والآن سأحاول مساعدتكم على الحفظ، إن كان بينكم من تأثر بهذا الكتاب فأتمنى أن تخبروني ما يجول في خاطركم من شكوك وتساؤلات ومخاوف، هل تريدون أن أتحدث عن أمر ما يحصل معكم لم أذكره، أو في بالكم شيء ما تريدون أن أتحدث عنه.

أخبروني حتى أُحدد محتوى الجزء القادم.

يُتبع..

طريق سماوي (النسخة الثانية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن