-9-

12 3 13
                                    

تختلف طرق الحفظ والجداول والبرامج من شخص لآخر ولطالما سمعنا أموراً وخطوات للحفظ باتت بديهية لنا الآن، كتكرار المحفوظ القديم وتكرار المحفوظ الجديد ومنهم من يقول ان تكرر كل آية جديدة عشر مرات ثم تحفظ الآية التالية وتكررها عشر مرات ثم تكرر الآيتان معاً عشر مرات، ولكن يبقى السؤال هنا هل تفلح هذه الطرق حقاً؟ هل كل من يحفظون القرآن يتبعون كل هذا؟ هل يزيدون شيئاً او هو ينقصون؟

من وجهة نظري أنا أرى أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها فلا تكلفوا أنفسكم فوق طاقتكم، كما أرى أيضاً أن قليلٌ دائم خير من كثير منقطع، والهدف الأمثل الذي يجب أن نصل إليه ليس كمية الحفظ ولا الوقت وإنما الالتزام، الالتزام مهم جداً جداً، بل هو أساس كل شيء وليس فقط في مجال حفظ القرآن، إن كنت تريد خسارة الوزن تحتاج إلى الالتزام، إن كنت تريد دخول تخصص معين تحتاج للدراسة والالتزام، أي هدف مهما كان بسيطاً أو كبيراً يحتاج إلى الالتزام، ودون الالتزام لن نصل إلى أي مكان مهما عملنا جاهدين، وسيذهب هذا العمل الجاد هباءً.

لذا لنبدأ أولاً بالحديث عن الالتزام، قيِّمي نفسكِ بنفسك، هل أنتِ ملتزمة بأي شيء؟ هل جربتي الالتزام من قبل؟ هل تستطيعين الالتزام؟ هل تحتاجين إلى مساعدة على الالتزام؟ كيف تعرفين إن كنتِ ملتزمةً أم لا؟
اسألي نفسك، هل تصلين صلواتك الخمسة دون قضاء؟ هل تستيقظين على صلاة الفجر؟ هل تمارسين هوايةً مُعينة كل يوم؟ هل لديكِ روتين معين بغض النظر عما إذا كان صباحياً أم مسائياً أم للعناية أو أي شي ولكن هل لديكِ روتين معين؟ هل لديكِ ساعة معينة لأي شيء يخصك؟ إن كانت معظم أجوبتك لا فإذاً تأكدي تماماً أنكِ لن تكوني قادرة على الحفظ لوحدك أو في منزلك، لذا بداية لنلتزم نحتاج مكاناً للحفظ إما المسجد وحلقات الحفظ أو عند بعد عن طريق الانتساب لأي مجموعة - بعد التأكد من خلفية هذه المجموعة - ولكن أنا أُفضل المساجد دائماً، أو يمكن أن تتفقي مع معلمة قرآن تذهبين إلى منزلها وتتابعك هذا جيد أيضاً، ولكن لا تبدئي لوحدك فلن تكملي ولا تحزني لمعرفة هذا فكل شيء قابل للتغير والإصلاح.

إذاً خطوتك الأولى هي البحث عن مكان يساعدك على الالتزام.

ثانياً، لا يمكنك أبداً أن تبدأي حفظ القرآن دون سبب، يعني لا يمكنك أن تقولي أن ابنة خالتي حافظة للقرآن وأنا أيضاً سأحفظه حتى لا تتم مقارنتي بها، هذا ليس سبباً وقد تحفظين القرآن كاملاً ولكن صدقيني لن تشعري ببركة القرآن لأن سببكِ كان سطحياً ودنيوياً، مهما كان سببك بسيطاً طالما أنه يتصل بإيمانكِ ويتصل بالله بطريقة ما فلا بأس، مثلاً لنرجع إلى المثال السابق الخاص بابنة الخالة، مثلاً ابنة خالتي ختمت القرآن وأنا أكبرتها وأكبرت ما فعلته وأردت أن أكون مثلها وأن أنال ما نالته من أجر وصواب وعزة وحظ جميل والتوفيق والرضى من الله في الدنيا والآخرة، فهذا الآن لم يعد سبباً سطحياً فأنتِ رأيتي الآثار على شخص في محيطك وهذا شجعك للبدء وهذا أمرٌ عظيم.

طريق سماوي (النسخة الثانية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن