كانت داخل الحمام تمسح الدماء التي نزفها أنفها بعد تعرضها لصداع قوي ينخر جمجتها ...... كان الألم فظيع لكن إعتادته فرغم كونها طبيبة جراحة لم تجد علاجا لحالتها غير أن تعتاد .... كانت قد أرهقت نفسها في عملية أجرتها دامت 20 ساعة متواصلة دون أن ترتاح .... تعتقد أنها خلقت فقط لتكون جراحة .... وأبدعت ....فأصبحت أهم الجراحين في العالم كله وعمرها لا يتعدى 30 .... كانت حقا بحضورها في غرفة العمليات يتم تأكيد أن المريض سينجو ...... وإنها حقا تتكفل بكل أصعب الحالات الطبية ... جعلت نفسها بكلتا يديها أهم جراحة ...... رغم ذلك هناك نقص داخلها ..... هناك فراغ تحاول ملأه بوقتها تعالج المرضى ...... عالجت أصعب الحالات وجدت أمل لكل من فقد الامل في الشفاء ...... إلا أنها لم تجد شفاءا لنفسها ..... فصنعت ذاك الحل ألا وهو الاعتياد على هذا الفراغ .....
بعد ان مسحت تلك الدماء وغسلت وجهها بالماء البارد وهي تنظر للمرأة لترى إنعكاسها فيه ..... تلك الاعين الخضراء التي تتوسطها أسهم ذهبية وكأنها سقطت من الشمس لتتوسط عينيها رغم تعبها وقلة نومها ورغم أنها كانت تنزف وتتألم من نخير جمجتها إلا أنها كانت أجمل أعين ..... وشعرها البني القصير المنسدل على كتفيها ..... وتلك الشفاه الكرزية ...وانفها الصغير المحمر ...... كانت أجمل فتاة ..... أخذت منديل ورقي لتجفف يديها ووجهها إلا أن جهاز الاتصال الداخلي للمشفى إهتز ألقت نظرة عليه ثم ذهبت مسرعة تركض في رواق المشفى ..... الكل كان يبتعد ما إن يروها تركض فهي لا تركض إلا في حالتين .... إما مريض قد توقف قلبه أو إنها تريد المشاركة في أحد العمليات التي ليست تحت إستشارتها وياويل الذي يقف في طريقها بالخطاء.... لأنها بمعنى الكلمة كانت كل حياتها عبارة عن إنقاذ أكبر عدد ممكن وتعلم أكبر قدر ممكن ...... ما إن وصلت لوجهتها وجدت فتاة بعمر 8 سنوات قلبها توقف بعد أن تم إجراء العملية لها ليلة أمس وقد كانت أم الفتاة تبكي بهستيريا خوفا على إبنتها وهي بأحضان زوجها الذي يحاول تهدءت زوجته ونفسه لكن ما إن رأو الطبيبة المعجزة وكأن قلبهم إطئمن لإنها ما إن وصلت اقتربت منها مخاطبة الممرضين بصرامة
"اشحن الاداة .... اين الحقنة؟"
حقنة الممرضة الفتاة وبعد ان تم شحن الاداة أخذت الطبيبة كلتا الكفتين وصعقت صدر الفتاة .... نظرت الى الجهاز ورأت تخطيط دقات القلب مزال خط مستقيم وقالت
"زد في الشحن"
صعقتها مرة اخرى لينكسر ذلك الخط المستقيم ويعود القلب لينبض مجددا ..... عادت الفتاة لوعيها لتنظر الى طبيبتها مبتسمة بارهاق
"هل انت هنا طبيبة ايلينا؟ أعقد انني تغلبت على المرض"
ابتسمت ايلينا ابتسامة دافئة قائلة "نعم انت كذلك أيتها الذئبة الصغيرة ..... إنك حقا قوية لولا قوتك لما إستطاعة التغلب على المرض "
تقدما كل من الام و الاب ليحضنا ابنتهما ويتشكرا ايلينا بعد ان أومئت لهم برأسها وخرجت من الغرفة بعد ان نبهت على الممرضة بإعطائها دواء معين كل مدة زمنية والتنبيه إذا حدث أي تطور أن يتم الاتصال بها ليرن هاتفها كانت أمها التي اتصلت 201 مرة اضافة الى 139 رسالة ..... لحظتها ادركت انها نست الموعد المدبر مع ابن صديقة امها
تنهدت واعادت الهاتف الى جيبها ليست مستعدة لدراما امها التي تمثلها كل مرة بأنها لن تجد زوجا وهي فقط بالمشفى طوال الوقت وكيف ستنجب اطفال ....و ان الزواج اهم من العمل ... يااللهي كم الامهات يقدسن الزواج الى أن قاطعها صوت رجولي خلفها ما ان سمعته ابتسمت ملتفتة
داني:"امك اتصلت بي البارحة منبهت لي أن لا أسمح لكِ بالدخول لأي عملية .... لكن لم أكن مستعد لتضحية بحياتي لأني أعرف إن لم أسمح لكِ سأكون ميت لا محال"
ضحكت على ما قاله مكملة
ايلينا: "لكن سنموت كلانا على يديها ما إن نعود الى المنزل ....... ارى أنك غيرت ملابسك انتظرني لأغير انا ايضا ونذهب"
داني:"حسنا سأنتظرك عند مدخل المشفى"
غمزت ايلينا قائلة :"حسنا سأكون هناك بعد دقائق"
داني وايلينا صديقين منذ الجامعة حتى ان كليهما جراحين مختصان في القلب والجراحة العامة .... عندما تعرف داني على ايلينا لم تكن هاته الاخيرة بأحوال جيدة ... كانت فارغة جامدة وكما سموها مملة باردة ..... إلا أن داني أحبها .... لم يكن يرى ما فيها ممل أو أحد عيوبها بل رأها كاملة ..تطورت علاقتهم من كونهم زملاء إلى أصدقاء مقربين وقد اختار تخصص الجراحة في القلب والجراحة العامة فقط ليكون بقربها .... رغم أنه حاول ملء الفراغ الذي بداخلها إلا أنه كان منطقة محظورة ليس له فقط اوحتى لغيره بل كان محظور حتى على طرف ايلينا بحد ذاتها ..... على الرغم من أنها صارمة وباردة بالنسبة للغير لكن كل ما اقتربت اليها رأيت فتاة صغيرة حلوة بداخلها بريئة وكأن برودتها وجمودها كان حصان فقط لحماية تلك الفتاة ..... لطالما والدة ايلينا أحبت داني وأرادته ان يكون زوجا لابنتها ورغم معرفتها مشاعر داني الذي يحاول إخفاؤها إلا أنها لم ترد التدخل في ما بينهم خوفا من إفساد صداقة إبنتها الوحيدة ....
خرجت ايلينا بيدها حقيبة يدها وحقيبة فيها نسخة عن حالة مرضها ويدها الاخرى حاملة الهاتف لتتحدث لكن ما ان رأى داني كيف أبعدت الهاتف عن أذنها وكأن طبلة أذنها كادت أن تنفجر ضحك لأنه علم أن المتصل السيدة جورجيت والدة ايلينا .... فتح باب السيارة لايلينا لتدخل وساعدها في حمل الحقائب ثم انتقل لطرف الثاني من السيارة ليدخل وينطلق وهو يسمع صراخ امها عبر الهاتف وحديثها الذي لا ينتهي
ايلينا:"امي انا حقا متعبة اريد الراحة ارجوك..... سوف اصل بعد قليل دعيني انام او سوف اذهب للبيت الجبلي"
لكن هذا زاد حدة الصراخ الى ان وضعت ايلينا الهاتف في أذن داني لان لا احد حرفيا يهدء غضب أمها منها غير داني فقد كان داني نجاتها الوحيد من أمها وكم حمدت السماء لوجود داني كعلاج لامها
داني:" انه انا سيدة جورجيت كيف حالك.....انا بخير ..... اوه انا ايضا اشتقت لك .... اعلم انا اسف حقا حاولت ولكن انت تعرفين ابنتك ..... نعم طبعا سأتي .....بالتأكيد سنكون هناك بعد دقائق"
واعاد الهاتف لايلينا ابتسمت ايلينا بسخرية كيف له أن يهدئها هكذا وكأنه هو ابنها وانا الشريرة ما ان وضعت سماعة الهاتف على أذنها تغيرت نبرة أمها فقد أصبحت تتحدث بطريقة طبيعية وكأنها لم تكن ستسبب لها الصم قبل لحظات.....
أنت تقرأ
بين أمواج الحب
Poetryيمكن للعقل ان ينسى .... لكن اليدين لن تنسى ملمسك .... ولا الانف ينسى رائحتك ..... ولا الاذنان تنسى صوتك الرنان ...... ولا القلب ينسى سلطانه ومالك عرشه ..... ولا الروح تنسى مكملها ..... فحتى ان نسى عقلى ومحا كل الذكريات ...... إلا أنا كل ما فيّ لم ي...