رمَــادِي 21

10.3K 745 1.1K
                                    

أستـغفِر اللّـه العظِيــم وأتُـوب إلَيــه

🥀

فِي هذِه الحيَاة، يولدُ الشّخصُ مرّةً واحِدة. لكن، ليسَ
كلّ شخصٍ قد تولدُ الحيـاة بِداخِله!

كذلِك هِيَ، يُؤسِفُها أنّها مُجرّد عابِر سبِيل
مُندثِر لا مكَان لها بينَ الكُلّ، بينمَا كان بالنّسبة لهَا
هوَ الكُلّ. يُولِمُها أنّهُ لَم يُحبّها أبدًا، بل كانَ قاسِيًا جدًّا
علَى رُوحِها، غير مُبالٍ لِما صنعهُ بدَاخِلها مِن دمَار.

يُؤلِمُها أنّ من أحبّتهُ يَومًا وَضعهَا فِي متاهةِ شكٍّ وَحيرَة.
يؤلِمُها أنّهُ هوَ بالذّات كانَ السّبَب في أن يتوَلّد بِداخِلِها
ألفُ شعُورٍ جمِيل، وبعدَها آلافُ أخرَى بشِعة!

يُؤلِمُها كيف أنّهُ السّببُ في خِنقتِها، وفي الكثِير مِن
الدّموع إلَى أن إحترَقت خُدُودُها. يُؤسِفُها أنّها إنتظرَت
مِنه الكثير، وَلَم يُبادِلها وَلَو بالقَلِيل. هي لا تَزالُ تشعُر
وكأنّها تبتلِعُ مِئات السّكاكِين الحَادّة!

«لِم كلّ هذا يا ربّ! لِم؟! أنا حتّى لَم أعُد أتذكّرُ
أيّ السّكاكِين كانت أحنّ»

فِي لحظاتٍ يغشُوها الصّخبُ وقتَ الفُسحَة،
توَجّهَت يُـوث بِخـطوَاتٍ هادِئة نَحوَ المَقـصف، حيثُ
تَأرجَحت لِوَقتٍ هيّنٍ مِن التّفكِير أمامَ المَدخـل المُزدحِم بِالطّلاّب المُستعجلِين لِنيلِ وَجبَتِهم السّرِيعَة.

كانَ يتنـاثرُ علَى وَجهِها آثارُ الإرهَاق، لكِنّها
كانَت كجُثّةٍ هامِدة. لم تجد لذّةً فِي تِلك الأطعِمة
السّرِيعَة التِي تُقدّم فِي صِينيّاتٍ بِلا لمسةٍ إنسانية،
فبَدلاً مِن أن تجلِس لتحظَى بِبضعِ لُقَيمات تسُدُّ
جوعَها، اِتّجهَت مُباشرةً نَحو مُبتغَاها.

حيثُ كانَ البُندُقِيّ جالِساً هُناكَ برِفقةِ آيلا، الفتـاة
التِي صادَف أن تكُون الحَسنة الوحِيدَة بِحياتِه، مِن بعدِ
شقيقتِه يـوث، والتِي لطَالَما بدَت عَلى وجهِها طاقةٌ
إيجابِيّة تجعلُ أيّ شخصٍ يرغبُ بالبقَاء بِرِفقتِها.

توَقّفت يـوث لِلَحظة وَهيَ تُشاهدُ ضحكَة أخيهَا
الصّندُوقيّة المُحبّبة لِقلبِها، كانَت تِلك لحظةً مُؤثرةً تَحمِل
فِي طيّاتِها عَواطِفَها المَسلُوبة. أخذَت نفساً عميقاً
تجمَعُ قِوَاها قبل أن تتّجِه ناحهُما.

لَم تلبَث آيلا أن لاَحظَت تِلك الهَيئة المُرهَقة
التِي تتقَدّم باتّجاهِهِما. وبِالرّغم مِن عَدمِ مَعرِفتها
بِالتّفاصِيل، شَعرت بأنّ هُناك قصّةً خلفَ تِلك العُيونِ
البَـاهِتة. خاصّةً بعدَ إنهِيارِها بِالمحكَمة، أيُعقلُ
أنّها كانَت علَى علاقةِ حُبٍّ معَ جِيمـين؟

Grayحيث تعيش القصص. اكتشف الآن