مقيدين إلى الأبد

1.4K 105 2
                                    



وقفت هناك بيدي تتدلى على جانبي. صدمت تماماً حيث حاولت أن أفهم حقيقة أن الشخص الذي كان يتنمّر عليّ قبل بضع دقائق الآن يعانقني.

كان جسده الدافئ وذراعاه القوية ملصقتين بجسدي الأصغر، مما جعلني أدرك أنني أقصر من هذا الرجل ذو الشعر الفضي بكثير.

"ما الذي تفعله؟ اتركني!" صرخت بهمسٍ وأنا أحاول أن أتخلص من ذراعيه.

"لا تتحركي! العناق الدافئ يمكن أن يشفي نصف توترك وألمك. أحاول أن أشفيك، فأنتظري." قال ريلان مع احتضانه لي بشدة أكثر.

"......"

لم أستطع العثور على رد مناسب، وهكذا انتهى بي المطاف وأنا ما زلت أقف بين ذراعيه لبضع دقائق أخرى.

بطريقة ما، نجحت طريقتة بالفعل. بحلول الوقت الذي ابتعدت فيه عن ذراعية عدت إلي ذاتي العادية.

"استديري وأريني ظهرك"، قال ريلان بينما بدأ يبحث عن شيء في حقيبة الظهر التي كانت موضوعة على الكرسي خلفه.

على نحو ما، كان هذا الكرسي هو الأثاث الوحيد في هذا المخزن الصغير بأكمله الذي لم يكن مغطى بالغبار.

"هاه؟"

لو قلت أنني لم أكن أعرف مطلقاً عن ما كان يتحدث، لكان ذلك تقليلًا للأمر.

كل ما استطعت معرفته الان كان حاجتي إلى الخروج من هذا المخزن في أسرع وقت ممكن.

لقد تأكدت الان، هذا الفتي ذو الشعر الفضي ليس عاقل. كان لدي شعور بأن وجوده بجانبي يمكن أن يؤدي إلى مشاكل لا حصر لها ولم أكن اتحمل وجود أي نوع من المشاكل في ذلك الوقت.

توقف ريلان عن التقليب في حقيبته ليطلق نظرة مستاءة عليّ. كان واضحاً من تعابيره أن صبره قد نفذ.

"أأنتي أصمه أم ماذا؟ قلت لك أن تستديري وتريني ظهرك. الآن، افعل ذلك. ليس لدي اليوم كاملاً لأضيعه عليك."

وبعدما قال ذلك، بدأ مجدداً بالبحث في حقيبته ربما بحثاً عن الشيء الذي ربما كان مدفوناً بعمق داخلها.

"لماذا يجب عليّ فعل ذلك؟" سألت مع وضع يدي أمام صدري لأبدي ثقتي بنفسي بعض الشيء بالرغم من عدم شعوري بالثقة في ذلك الوقت.

في نفس اللحظة التي انتهيت فيها من سؤالي، رمى ريلان حقيبته على الكرسي قبل أن يتوجه نحوي بخطوات ثابتة.

تمكنت من تمييز خطوط جرة صغيرة من الخزف في يده اليمنى حين اقترب مني وبقوة، جعلني أواجه الحائط.

توقفت المعارضة التي كنت على وشك الإبداء بها قبل أن تموت داخلي بينما شعرت بيده تسحب قميص مدرستي من تحت السترة الخاصة بي.

ضرب هواء الغرفة الصغيرة ظهري العاري وأرسل قشعريرة تجري في جسدي كله.

"م-ماذا تفعل؟" سألت بصوت عالٍ بصدمة شديدة حيث حاولت الالتفاف وإخفاء ظهري من الصبي.

"يا إلهي، أنتِ لا تستطيعين الجلوس بسكوت؟ لا تسألي أسئلة لا فائدة منها! أحاول مساعدتك هنا، فقط ابقي هادئة وستنتهي الأمور بسرعة"، هكذا تكلّم رايلان ، وهو يمسك بكلتا يديّ بيده اليسرى ويتعمّد فتح الجرة التي كان يحملها في يده اليمنى.

"أنت...!"، مات الاعتراض عندما انطلقت نظرته الحادة إلي، مما جعلني أبلع اللعاب لعلاج حنجرتي الجافة فجأة.

بمجرد التأكد من أنني لن أسبب المزيد من المشاكل له ولن اقاوم، عاد انتباهه إلى جرة الخزف في يده.

كنتُ أريد الابتعاد عنه، لكنّ الخوف الذي كان ينبعث مني جعلني أكتفي بالبقاء هادئة، فقد كان يدلّني على أنّ القيام ب أي حركه لن تسفر عن شيءٍ إلا الألم الشديد.

لا أعرف ما إذا كنتُ في قائمة الأشخاص الجيّدين بالنسبة إليه، لكن على الأقلّ لم أفعل شيئًا لكي أغضبه.

في هذه الأثناء بدأت أشعر بالبرودة التي تمرّ على ظهري.

تلاشى قليلاً من الألم..

"هكذا، انتهى الأمر. يمكنك...ماذاااااا؟"، لم يتمكّن رايلان من إكمال جملته، فقد غادرت المكان دون إعطائه فرصةً لتفسير أي شيء، ولم يبدو وكأنّه كان سيتبعني.

بمجرد انتهائه ووجدت فرصة مناسبة للهروب منه، استغليتها فورًا. كانت معجزة حقيقية أنني نجحت في الفرار من المخزن وربما كان ذلك بسبب عدم محاولة ريلان مطاردتي.

لقد صرخ ورائي بضع مرات ومن ثم وجدت نفسي على الطابق الأول، بعيده جدًا لسماع صرخاته في الوقت الذي وصلت فيه إلى الردهة التي تقع بها خزائننا، كانت فترة الغداء على وشك الانتهاء.

لحسن الحظ، لم أصادف رايلان خلال باقي اليوم ولكن ذلك لا يعني أنني كنت أستمتع بيومي.

بحلول نهاية يومي الأول في الصف الثانوي في مدرستي الجديدة وأنا أتجه نحو سيارة جاكسون، كنت أبدو طبيعية وهادئة بقدر الإمكان.

في ذلك الوقت، كنت بالكامل غير واعية لحقيقة أنني لم أعد قادرة على الهرب من رايلان، فنحن تورطنا معًا بشكلٍ ما لبقية حياتنا، وهذا لم يكن سوى بداية.

****

وتم تغير اسم الرواية وايضا الغلاف

الغلاف بواسطة:  


ندوب الماضي الجزء الثانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن