السيدة النبيلة

327 18 6
                                    

كانت أماليا تجلس على صخرة في حديقة غناءة مليئة بالزهور الملونة و روائحها العطرة ، وكان الجو هادئا حيث لا صوت سوى تغريد العصافيرونسمات الهواء اللطيفة تلاطم وجهها برقة فاصابها النعاس وبينما هي في تلك المرحلة قبل ان تترك تماما ارض الواقع وقبل ان تدخل ارض الحلم انتهى الى سمعها صوت اقدام تقترب منها .. خطوة تلو الأخرى حتى اذا ما اصبح صاحب تلك الاقدام امامها لا يفصل بينهما سوى مسافة صغيرة شعرت به وهو يجلس على ركبتيه ويمسك يدها ثم يطبع عليها قبلة رقيقة ، همس الرجل بصوت ساحر" لن تهربي مني ابدا .. لن اتركك أبدا يا أماليا "

أرادت أماليا أن تفتح عينيها وأن ترى من هذا الشخص لكنها لم تتمكن من ذلك فقد كان جفنيها اثقل من جبل .. من هذا الرجل الغريب ولماذا يقول انه لن يتركني ؟ كانت اماليا على وشك ان تتمكن من فتح عينيها أخيرا وترى محدثها ذلك حين استيقظت من نومها

صرخت أماليا حين نظرت حولها في غرفتها و أدركت ان كل ذلك لم يكن سوى مجرد حلم بينما ضحكت صديقتها ريوا حين اخبرتها أماليا بذلك

" انتهينا من احلامك التي تخص السفر إلى رافكا والان اصبحت تتضمن رجالا غريبي الاطوار .. ان ذلك مخيف جدا يا أماليا .. أحلامك اصبحت تأخذ منحنى مرعبا "

قالت اماليا " قلت لك لم يكن الحلم مرعبا يا ريواعلى الرغم من أنه قد يبدو بالفعل مريبا حين نتحدث عنه الان ولكنه لم يكن كذلك اطلاقا لم اكن خائفة وقتها بل شعرت بالدفء ..كان قلبي خفيفا لدرجة انه ربما لو اكملت الحلم لاستطاع الخروج من صدري والطيران بعيد ا جدا في السماء .. كان ايضا لدي شعور بأنني أعرف هذا الشخص وفي نفس الوقت لا اعرفه لذلك اردت بشدة ان افتح عيني لأراه .. أعلم ان كلامي غير مفهوم إذ كيف يمكنني ان اشعر بأنني أعرف ولا اعرف في نفس الوقت ولكن هذا ما كان عليه الوضع " تنهدت أماليا " إن عالم الاحلام غريب حقا يا ريوا "

قالت ريوا " لما كل هذا الاحباط يا أماليا لم يكن سوى مشهدا بسيطا اخبرك فيه شخص بطريقة مريبة انه لن يتركك "

قالت أماليا " قلت لك لم يكن مجرد مشهد ان هذا هو الجزء الذي أتذكره من الحلم ..لقد حدث شيء ما قبل هذا اعتقد .. او ربما هذا ما اشعر به لا اعلم ولكن أيا كان حتى هذا الجزء البسيط ..لقد شعرت فيه بأنني في الجنة "

" واو الجنة ؟"
"نعم الجنة ..ولا اعلم كيف يمكنني تقبل الواقع مجددا يا ريوا .. أريد أن اعود مجددا لهذا الحلم ولكنني لا اعرف كيف أنا مستعدة لأن أفعل أي شيء "

"يا فتاة ..انني اغبطك لماذا لاأحلم بمثل تلك الاحلام ايضا ، ان احلامي هي كوابيس في معظمها .."

قاطعتها أماليا و قالت "انتظري ..ما ذلك الذي هناك ؟"

توقفت ريوا عن المشي ونظرت إلى حيث تشير أماليا "ماذا تقصدين ؟ لا أرى شيئا"

"هناك ..امام ذلك المبنى الذي يقع على نهاية الشارع "

دققت شام النظر ،أعتقد أنه شخص .. امراة ..هل هي فاقدة للوعي؟"

أسرعت الفتاتان باتجاه المراة التي كانت راقدة في الشارع ، تحسست أماليا عنقها وقالت "انها تتنفس كما ان نبضها سليم "

"اذا ماذا نفعل الان؟"

قالت أماليا " حاولي رفع قدميها لأعلى يا ريوا " بينما قامت هي بمحاولة النداء على المراة وهز جسدها لكي تفيق

قالت ريوا " لا يبدو أن هذا يعمل يا أماليا أليس من الأفضل ان اطلب المساعدة ؟"

قالت اماليا انتظري ..هل لديك زجاجة عطر ؟"

"لا ..لما قد أحمل معي عطرا الان " بعد محاولات اماليا مع السيدة بدات السيدة تستعيد وعيها تدريجيا .. نظرت حولها وقالت أين أنا ومن أنتما ؟"

تنفست الفتاتان بارتياح وقالت ريوا " الحمد لله لقد أفقت "

قالت أماليا " لقد وجدناك فاقدة الوعي هنا يا سيدتي .. هل تشعرين بخير الان؟"

أومأت السيدة " نعم نعم شكرا لكما .. يا لكما من فتاتان طيبتان ليبارككما الله "

قالت ريوا " لكن ما الذي حدث لك يا سيدتي ؟ يبدو انك لست من هنا حتى ؟ كيف فقدت الوعي هكذا ؟ "

في تلك اللحظة كان قد أتى رجلا يبدو قريبا من عمر تلك المراة في الاربعين من عمره او ربما أكثر بقليل وبصحبته فتاة شابة ويبدو من ثيابهما انهما من الخدم ..قال " سيدتي ؟ ماذا حدث لك ؟ كيف جئت إلى مثل هذا المكان ؟ هل أصبت بسوء ؟"

قالت ريوا " لقد عثرنا عليها فاقدة الوعي هنا "

"فاقدة الوعي يا إلهي ؟..سامحيني يا سيدتي إن كل هذا خطأي ..عاقبيني لتقصيري في عملي فلولا ذلك لما حدث لك ايا من هذا "

قالت السيدة " كفى يا إيفان .. إنني أشعر بصداع الان .. خذني إلى البيت " نظرت السيدة إلى الفتاتان وقالت " اه ..وكافئ تلك الطيبتان ..انهما ملاكان ارسلهما لي الله بالتاكيد "

قالت أماليا " لا لا يا سيدتي لا حاجة لذلك .. لم نفعل سوى واجبنا ..لم نفعل اي شيء حتى .."

ركبت السيدة العربة ثم عادت ادراجها ..قالت ريوا لأماليا ..ما رأيك فيما حدث يا أماليا ؟ تلك السيدة لا تبدو عادية .. اعتقد انها ثرية ربما هي من تلك الطبقة ..تعلمين سيدات المجتمع الراقي كما يقولون "

قالت أماليا " نعم ربما ..ولكن ما الذي أتى بها إلى مثل هذا المكان ؟"

قالت ريوا " دعك من هذا .. لكن لما رفضت أن يتم مكافأتنا يا أماليا .. اه منك "

"مالذي تقوليه كيف يمكننا ان نقبل مكافاة لاننا قمنا برعايتها وهي فاقدة الوعي .."

وضعت ريوا يدها على كتف أماليا و قالت " أماليا يا عزيزتي .. لهذا نحن فقيرتان ."

"مالذي تهذي به ؟"

" نعم ..حين تأتي الفرصة عليك ان تنتهزيها ..نحن لم نعرف حتى اسمها يا أماليا ولا من تكون ..كان يمكن ان يكون لدينا علاقات مع مثل أولئك الاشخاص ..هل تعلمين كيف كان ذلك ليغير حياتنا ؟؟ من يعلم ..قد يمكننا حتى ان نتزوج من شباب أثرياء او شيء كهذا "

قالت اماليا " النوايا السيئة تجلب الخراب يا ريوا استجمعي شتات نفسك وهيا لا نريد أن نتأخر "

خفايا في رافكاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن