قام جاسر الساعة الخامسة صباحا ،أخذ حماما دافئا فصلى الفجر ثم ارتدى ملابسه وذهب تاركا ورقه للأولاد بألا يحدثوا الفوضى حتى تأتي المربية.....
تن تن ....تن تن....
ردت اسماء : الو!
صفاء : اسماء انتِ لسه نايمة؟
اسماء: لا صاحية من الفجر صليت وقاعدة ، في حاجه ؟
صفاء : يا بنتي مروحتيش ليه؟
اسماء : الساعة ٦ صباحا!!
صفاء : مهو المعاد من ٦ صباحا لحد ٥ العصر...
اسماء: ايه؟، ليه؟
صفاء: عشان مواعيد شغل باباهم يا بنتي...
اسماء: حاضر حاضر انا قايمة اللبس اهو...
أغلقت اسماء الخط وقامت مسرعة ترتدي ملابسها ...
--------------
تيك تيك تيك تيك......تيك تيك تيك.....
صوت طرق على باب الشقة، جعل روز تقوم من النوم بتكاسل وهي تفرك عينيها بنعاس ، نزلت من على السرير وتقدمت نحو الباب ووقفت على الكرسي الذي خلف الباب ونظرت من العين السحرية...
- اوه، دي سوسو ...
نزلت وفتحت الباب و تركت اسماء وذهبت للسرير مرة اخرى ...
ابتسمت اسماء وهي تغلق باب الشقة خلفها وتدخل لتطمئن على الأولاد فوجدتهم جميعا لازلوا نائمين...
دخلت للمطبخ و بدأت بأعداد الفطور ، البيض المسلوق و قطع الجبن مع الخضراوات المقطعة ، القليل من البطاطس المقلية و الحليب الممزوج بالعسل الابيض....
- يا ولاد ، يلا الفطار....
فتح مصطفى وهاني عيونهم بكسل ونظر هاني لاخوه و قال
- فطار؟؟
- باين كدا هنفطر لأول مرة في حياتنا....
- يا آنساتي الصغيرات يلا الفطار...
قام الاولاد في تكاسل متوجهين نحو طاولة الطعام يقاومون النوم إلا أن شكل السفرة المحملة بأطباق الفطار اللذيذ جعل النوم يطير من عيونهم و تبدأ معدتهم في الكركرة معلنة عن الكتاكيت الصارخة للطعام...
- استنوا هنا، مفيش حد يأكل غير لما نروح نغسل أيدينا الأول...
- يا سوسو أيدينا نضيفة والله..
- مفيش نقاش يلا على الحمام بسرعة...
- قام الاربعة مسرعين نحو الحمام يتسابقون على غسل أيديهم بسرعة قبل أن يبرد الطعام وكانت تقف مبتسمة وهي تنظر لهم وهم يسرعون واحد تلو الآخر نحو سفرة الطعام و يأكلون بشراهة وجوع...
جلست معهم و تناولت الفطور ولكن تناولت القليل ، كانت تشعر من داخلها أن والدهم ليس مسؤول عن اطعامها وأن تناولها لطعام اولاده حرام ، لا تعلم لما فكرت بهذا الشكل ولكنها هدأت جوع بطنها بالقليل الذي يكفيها حتى تعود لمنزلها...
بعد أن انتهوا من تناول الطعام وضعت أمام كل واحد منهم كوب الحليب بالعسل وهي تقول
- لازم نشرب اللبن بالعسل عشان الاسنان و العظم ...
روز: انا مش بحب اللبن...
اسماء : معلش يا حبيبتي اعتبريه علاج و اشربيه، أحسن ما يحصلك حاجه و نضطر ناخد علاج و حقن....
نظرت لاخواتها الذين بدأوا بالشرب فعلا ، فامسكت بالكوب مضطرة وشربت وهي تعتصر عينها من الاشمئزاز....
ثم وضعت الكوب وهي تتنفس الصعداء...
سقفت أسماء وهي تقول : برافو ، شاطرين، يلا بينا كل واحد يروح يأخد هدومه و يدخل ياخد دش و يتوضأ عشان يخرج يصلي....
قام الأولاد بهدوء ليتحركوا نحو غرفهم وبالفعل مرت ساعة كاملة وقد انتهوا من الاستحمام و الصلاة فجلست أسماء على الأرض وربعت أقدامها واجلست الفتاتين وبدأت بعمل قصات لطيفة لهما ووضعت رابطات شعر مزرقشة ...
قامت ريماس وروز و بدأوا بالنظر نحو المرآة وهما يضحكان بسعادة وكلا منهما تنظر لتسريحة شعر الأخرى وبتبتسم....
ترن.....ترن.....ترن....ترن....
صوت رنين الهاتف...
امسكت روز بالهاتف وصمتت قليلا وهو يرن في يدها فنظرت لها اسماء مترقبة ولم تعلق....
- دي ماما ...
هاني : طب ردي...
تنهدت روز وردت على الهاتف وفتحت مكبر الصوت...
- اي كل دا عشان تردي عليا؟
عقدت اسماء حاجبيها ، لسببين أولهما انها تشعر بمعرفتها لتلك النبرة وهذا الصوت ولكن لا تتذكر من تحديدا، وثانيهما هو أسلوبها في الرد..
- معلش يا ماما، التلفون كان معطل...
- فين ابوكم؟
- في الشغل ده..
- وانتوا لوحدكم في البيت ..
قال الأربعة : اه...
جحظت عين أسماء وهي تنظر لهم لكنها التزمت الصمت...
- ازاي يعني يسبكم لوحدكم ، ايه الإهمال دا؟
- انتِ هتيجي يا ماما؟
- لا طبعا مش جايه، أنتوا اللي هتيجوا القاهرة...
مصطفى : لا مش هنرجع، احنا عايزين نفضل هنا...
صرخت به قائلة: ولد قليل الادب مشفتش تربية صح، هو أنا بستأذنك، دا أمر وهيتنفذ ، أنت فاهم...
مصطفى: لا ، وهقول لبابا أننا مش عايزين...
- طبعا ، مهي دي أخرت دلعه ليكم، عيال مش متربية ، أنا غلطانة إني اتصلت، اصلا لا عايزة أسمع صوتكم ولا أشفكم، خليكم معاه، في ستين داهية...
تيت تيت تيت...... إغلاق الخط...
تركت روز الهاتف وجلس الأربعة على الأرض بجوار أسماء، كان أسلوب تلك السيدة قاسي جدا مع الأطفال ، لربما يوجد مشاكل زوجية ولكن هذا لا ينفي كونها قاسية وصارمة بشكل مبالغ فيه....
صمتت أسماء لمدة عشر دقائق احتراما للأولاد ثم تحدثت في النهاية قائلة: انتوا ليه كذبتم؟
- علشان كانت هتمنعنا عنك، واحنا بنحبك اوي.
- وهتمنعني ليه؟
- معرفش، هي ديما بتمنع المربيات عننا و الشيف والدادة....
- يمكن عشان بتخاف عليكم...
- لا هي بتكرهنا، وبتفضل حبسانا في الأوضة و بتمنع عننا الناس ، بتخرج هي مع أصحابها و تسبنا في الأوضة محبوسين....
- ليه؟
- علشان بتكرهنا....
- مفيش أم بتكره أولادها صدقوني...
- أنتِ متعرفيش ماما.....
نظرت أسماء للأولاد بتمعن، نظرت لعيونهم الدامعة ، نظرت القهر في أصواتهم أن أمهم ليست مثل كل الامهات ، شعورهم بالاحراج من معاملة امهم لهم واهانتهم امامها ونظرة الخزي و العار في نفس كل واحد منهم....
تحبو ننزل نتمشى على البحر...
لمعت عيون الأطفال وقالوا : بجد يا سوسو!!
اسماء مبتسمة: بجد، بس لازم نرجع قبل ٣ عشان نحضر الغداء قبل ما بابا يجي...
قفز الأولاد وهم يصرخون فرحا و يسرعون لغرفهم ليرتدي كلا منهم افضل ما لديه....
ابتسمت أسماء ولكنها تذكرت أن هذا الأمر ممنوع واذ علم والدهم بهذا سيقتلها ثم ستقتلها صفاء وخطيبها....
ولكن بجب هذا الاولاد محطمون نفسيا...
فليذهب والدهم وصفاء للجحيم....
