نظره في شخصيه عبد الله بن العباس
هو عبدالله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن عم الرسول (صلى الله عليه وعلى آله و سلم)
ولد في السنه الثالثه قبل الهجره على قول البعض وقيل انه ولد بعد ذلك ، وكان له عند وفاة الرسول عشرة أعوام او ثلاثة عشر عاماً على الاكثر ..
واعتباره من الصحابه هو من قبيل التجوز والتوسع ..
ومن قبيله أيضاً السيدان الحسن والحسين سبطا الرسول الكريم ، فأولهما يصغر عبدالله بست سنوات ، والأخر يصغره بحوالي العشر ، وكلهم ذوو قرابة للرسول ومعدودون من صحابته ..
وإذن فلم يعش الرسول حتى يكبر عبدالله ويرشد ، ويبلغ مبلغ الرجال ، ويأخذ عنه ويتخرج عليه فقد مضى الى رحاب ربه وهذا في العاشره او الثالثه عشر على ما ذكرنا ، ومن ثم وفي هذه الحال لا يصح لصبى مثله أن ينظر إليه كمصدر للعلم ! روى عبدالله عن الرسول ما لم يسمع منه ، يقول ابن قتيبه عنه وعن أبي هريره وكان مع هذا يقول قال رسول الله (ص) كذا ، وأنما سمعه من الثقه عنده فحكاه ، وكذلك كان ابن عباس يفعل ، وغيره من الصحابه ولم يكن يذكر مصادره او الصحابه الذين سمع منهم او أخذ عنهم بل كان يجعل نفسه رأس السند فأهدر بذلك حق الباحثين والعلماء في التعديل والتجريح لوسطائه الذين تلقى عنهم ما حكاه من علوم وآثار وحكى عنه انه كان يصطحب معه من يكتب له ما يرويه الصحابه الذين يسألهم : .. عن عبيد الله بن علي بن ابي رافع قال : كان ابن عباس يأتي أبا رافع فيقول : ما صنع النبي يوم كذا ؟ ومع ابن عباس من يكتب ما يقول ، اما ابو رافع هذا وهو المصدر الوحيد الذي جاء الخبر عنه بشأن ابن عباس فهو أبو رافع القبطى مولى رسول الله (ص) على ما ذكره ابن حجر ، وذكر اختلافاً كبيراً في اسمه ، وزعم انه كان مولى للعباس بن عبد المطلب ثم وهبه النبي ...وابن عباس مذكور في مقدمة الآخذين عن ابي هريره عاشق الإسرائيليات وعلوم التوراة وكذلك فأن عبدالله قد تتلمذ على كعب الأحبار معلم الاسرائيليات الأول في الإسلام ، ولازمه وكان يستفتيه في تفسير القرآن وقصص الأنبياء .
وكان بعض الصحابه يتهم ابن عباس بالجرأة في الفتوى وخاصه فيما يتعلق بالقرآن فيقول عبدالله بن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه ولعن عمر) : لقد كنت أقول ما يعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن ...
على أن الشافعي صاحب المذهب يذكر ما يوحى بأن ابن عباس قد نسبت إليه أقوال في الحديث والتفسير أكثر مما صح عنه فيقول : (لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث) ولا شك أن هذا كمّ جدّ ضئيل بالنسبه الى ما يحمل اليوم على ذلك الرجل ...
على أية حال فقد جمع عبدالله بضاعته في الحديث والتفسير من أناس عديدين ومتنوعين ، وهو لا يعلم بما أندس فيما جمعه من الزائف والدخيل ! ورغم ذكاء عبدالله وفطنته ، ألا انه كان محدود الطاقه في الملكة النقدية ربما لكونه متحرزاً او لكونه في نقد الآثار ليس بالمتمكن الخبير الذي يملك المنهج والبينه ولا يتهيب من المواجهة والصراع
إليك هذا المثل الذى جاء في سيرته :
عن عبدالله بن شداد قال : قال لي ابن عباس : يا أبن شداد ألا تعجب ؟ جاءني الغلام وقد أخذت مضجعي للقيلولة ، فقال : هذا رجل بالباب يستأذن ! فقلت : ما جاء به ألا حاجه إيذن له
قال _ أى ابن عباس فدخل ، فقال : ألا تخبرني عن ذلك الرجل ؟ قلت : أي رجل ؟ قال : علي بن ابي طالب ، متى يبعث ؟ قلت : سبحان الله ! اذا بعث من في القبور !
فقال : ألا أراك تقول كما يقول هؤلاء الحمقى ؟!
فقلت : أخرجوه ، أو لأضربنه .
أرايت كيف واجه ابن عباس هذا المتشيع القائل برجعة علي !
ارأيت ماذا كان مبلغ جهده عندما ضاق بالرجل : أخرجوه ، أو لأضربنه ؟! المهم أن يخرج من دار ابن عباس كأنه يريد أن يأمن أن الرجل لن يسلبه داره ولن ينزع أبهته وجاهه !!
ومتى كان ذلك ؟ كان بعد وفاة الامام علي (ع) سنة ٤٠ للهجره بسنوات عديده ! أي بعد ان تربع ابن عباس على عرش الشهره ، والتفرد بفتوى بيت النبوه ! وهكذا كان حريصاً على أمنه وجاهه لا يبالي بعد ذلك بما يكون وكان يجعل من حصيلة علمه رصيداً يستمدّ منه جواباً على كل سائل فلا يرد أحداً بغير جواب ! قوله لا أدرى التي إذا نسيها العالم أصيبت مقاتله لم نسمعها قط عن ابن عباس ولا من ابن عباس !
إليك هذا الخبر في أنتقاد ابن عباس لعبد الله بن عمر لإفراطه في التحرز من الفتوى والتفسير بغير علم : عن سليمان بن يسار قال : (كنت أقسم نفسي بين ابن عباس وابن عمر فكنت أكثر ما أسمع ابن عمر يقول : لا أدرى ! وابن عباس لا يرد أحداً : فسمعت ابن عباس يقول : عجباً لأبن عمر ورده الناس ألا ينظر فيما يشك فأن كانت مضت به سنة قال بها وألا قال برأيه ؟! قال الراوي سليمان بن يسار : فسمعت ابن عباس وقد سئل عن مسألة فأرتج فيها فقال : البلاء موكل بالقول !
على أية حال : فأن مثل هذا الذي يعتزم أن يعطى عن كل مسألة جواباً ويستنكف من قوله لا أدرى يكون في أغلب الأحوال حريصاً على ألا يعرض للبضاعه الزائفه بأنتقاد لأنه يستشعر أحتياجه إليها في وقت ما فلا يصادر على نفسه وألا أنكشف أمره وهو يوهم الناس بأنه ذو علم لا ينضب له معين ؟! لقد كان ابن عباس مجدوداً مالأته الظروف ووافقته الأقدار .. كان من قرابة الرسول فهو ابن عم العباس بن عبد المطلب وهذه القرابه أعطته وجاهة عند الناس ورفعته في نظرهم فحسبوه لذلك يعلم أكثر من غيره أو خيراً من غيره وظنوا لذلك أن يكون النبي قد اسر لبعض ذويه علماً فهم يزيدون به على الناس وهذا منهم !
قال الامام : ما كتبنا عن رسول الله (ص) ألا القرأن وما في هذا الصحيفه ..
فأي علم إذن أختص به ابن عباس حتى يبلغ الدرجه العظمى من التوثيق عند المحدثين وهو ليس أكثر من سائر الناس في التقاط الحديث او الأثر من هذا وذاك ويعرض له فيما يجمع أن ينفذ إليه الكاذب والزائف والدخيل والمهجن وما الى ذلك مثله مثل غيره ! ولكن الناس وراء أهوائهم
ومع قرابة عبدالله من الرسول ظفر أيضاً بفضل تلك القرابه برعاية عمر بن الخطاب حيث اظهر شيئاً من الاجتهاد في الجمع والتحصيل في قضايا تتصل بفقه الأحكام والمعاملات فكان عمر يشجعه ويحضه على المزيد من التحصيل .وكذلك العامل الخطير أن خلفاء الدوله العباسيه كانوا من نسله وكان من أثر ذلك أن عملاء العباسيين من باعة الضمائر وسفاحى القيم ورأوا أن يتملقوا له ليمجدوا الدوله العباسيه
وكما بينت سابقاً ان الحكومه العباسيه السائره على نهج بني العباس تحكم مرتان فالاولى قد حصلت وكان عدد الحكام حينذاك ٣٧ حاكم والثانيه هي السائره الأن ومنها يظهر الحاكم العباسي او الشيصباني عبدالله ذو العين الذي يقاتل وفد انصار الامام المهدي ويقتل النفس الزكيه الاولى بظهر الكوفه بسبعين من الصالحين وهي الدوله الأخيره قبل قيام دولة العدل الألهي دولة الامام القائم خلافه على منهاج النبوه .