02| أَمَــاي.

202 22 2
                                    


أَندِريَا جَايـْـمزْ

بلَمحِ البَصَر وقفتُ بزاويَة نائِية أُراقبُها تسِير باتجَاهٍ أجهل حَاليا ولحِقت بها والبُعدُ بيننا أمتَار قَليلة وتَوقَفتْ عندَ مَحلٍ ووقفتُ أنا أنتظِرُها بالخارج ولكنها لم تَخرج.

أغلَقتُ عينَي وقَبل أن ألجأَ الى قواي حتى سمِعتُ صوت صرَاخِها وهَرَعتُ الى الداخِلِ أجِدها أسفَل رَجُلٍ طاعِنٍ بالسِن على طاولة كان فوقها عُلب التونة أضْحَتْ أرضًا.

ركَلتُهُ بقَدمِي وبات هو أيضا أرضًا وأجزمُ أنه وقعَ على علبِ التونة تلك، التفت الي متألمًا يشتُمني بلُغتِهِ الأم، والتَفَتتُ الى بلوم وسَحبتها من رُسغا أحمِيها خلفي.

لم تسنح لي الفرصة لتعَامل مع ذلك العجُوز لأنها سحَبتنِي تخرجُ من المحل.

وسِرنَا جنبًا الى جنب هي تبكي وأنا أراقبهَا بصمت ثم وفجأة ظَهَر ثلاث رجال يرتدون بدلات سوداء وتحدث أحدهم:

- أَمَايْ سان.

وردت هي بِكلِمات لم أفهمها ثم سارت معَهم تاركةً اياي أتساءل عن وجودي.

عدتُ الى منزلي وتفْكيرِي مَشغُول بهَا.

أيُعقل أن تكُون هي حقًا.

وكيف لم أجِدها من قَبل؟

ولما وجَدتها اليوم بالتَحديد؟

قَصدتُ مكتَب أمي وجلَستُ على الأرِيكة في حين سألتنِي هي عن الحَفلة وأنا متيقِنة أن دانيال لم يكُف عن الحَديث عنها منذ مغَادرتِنا الصالة وكانت اجاباتي هادئة كالعادة ثم ووسط حديثها قاطَعتُها أقول:

- رأيت اليومَ شخصًا غريبًا، شخص غريب أعرف طباعَهُ ولونهُ المفضَلَ وشرابهُ المميز، أعرفُ كم تحِبُ الموسيقى وكم تكره شقيقها، أعرفُ أنها ضَحت من أجلي وأعلم أكثر ما يسعدها ويحزنها، أوقن خيارتها الأولى بالحياة وأدرك طريقة تفكيرها...الأمر غريب أن ترَيْ غَرِيبَا تَعرفِين الكثير عنه وكأنهُ ليسَ بغَرِيب.

صمتت هي ونَاظرتنِي ولمْ تتفاجأ فقط اقتَربت تَجلس بجِواري تقول:

- أنت بالتَأكِيد مُخطئَة، بلوم لَم تُولد بعدْ.

التفتتُ اليهَا بغضَب هَادر أصرخ:

- وما أدراكِ بلُوم حَبيبتِي لا حَبيبتُكِ.

ولم ترُد عليَ فقط وقَفت تعُود الى عَملِها واختَفيتُ أنا أظهَرُ بمكتَب دانيال وقد كَان بالمكتب شابٌ أشقَر الشَعر هَلع بمجرد رؤيتي ووقف دانيال يُفقِدُهُ الوعي كي ينسى رُؤيتي.

وضَع دانيال ذلك الشَاب على الأريكة واقتربَ مني يقول معاتبا:

- كان عليك تَنبِيهي على الأقَل.

وجَلس على كُرسيه بينما وقفتُ أنا أقول:

- لقد رأيتُ بلوم اليوم.

- حقا؟

رد بعدم تصدِيق يَقِفُ من كرسيه مقتربًا مني وأكدتُ أنا.

- أين؟

- اليابان، طوكيُو.

- هل أنت متَأكِدة؟

- نعم.

- وهل تَحدثتِ معها؟

- كانت تتعرَض لتحرُش وأنقذتهَا.

وصمت هو ينتظر مني اكمال حَديثي ورفعتُ أنا نظَري الى السَقْف أقول:

- وما الذي عليَ فِعلُه الآن؟

وصمت هو الآخرُ فلا أحدَ منَا يمتلكُ خطةً رغم عِلم كلَانا أن انتقالي الى اليابان نقطةٌ لا نقَاش فيهَا.

الباب الأَسْـوَد الجُزء ٢ : لِمَ عَلَى كُلِ خَاتِمَةٍ أَنْ تَكُونَ وَاجِمَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن