4_ بداية التغير

85 17 0
                                    


عندما وصلت إلى المنزل، كان كل شيء يبدو ضبابياً، مشوشاً. تجاهلت كل ما كنت أفعله يومياً وكأنه بلا قيمة.

دخلت إلى غرفتي وألقيت بنفسي على السرير، لكن النوم كان بعيدًا عني مثل سرابٍ في صحراء قاحلة.

تدور أفكاري بلا توقف، وكأن عقلي أصبح ساحة معركة لا تنتهي. لماذا ظهر في حياتي فجأة؟ ماذا يريد مني؟ هل كان مجرد شخص يحاول استغلال نفوذ والدي، أم أن هناك شيئاً آخر يجذبني إليه؟ أسئلة بلا إجابات تجعلني أكره الليل أكثر.

كلما أغمضت عينيّ، رأيت وجهه أمامي، ذلك الوجه الذي بات يطاردني حتى في أحلامي.

كانت تلك الليلة أصعب من أي ليلة مرت عليّ. حاولت جاهدًة أن أهرب من أفكاري، لكنني لم أتمكن من ذلك. كأنني كنت سجينة داخل عقلي الخاص.

في صباح اليوم التالي، استيقظت بعد ساعاتٍ قليلة، أشعر وكأن الليل لم ينته بعد. انعكست ملامحي على المرآة أمامي، وشعرت بثقل السر الذي أحمله وحدي.

كنت أعلم أنني لا أستطيع مشاركة هذا السر مع أمي، فقد كانت ستفعل المستحيل لحمايتي. فكرة البوح لها كانت تُرعبني، فكيف يمكنني إخبارها بأن ابنتها أصبحت مطاردة بمشاعر غامضة تجاه رجل غريب؟

قطع أفكاري صوت والدي وهو يقول لي: "استعدي يا سويون، سنذهب معًا اليوم." كانت كلماته تحمل مزيجًا من الإثارة والقلق.

وصلنا إلى الجامعة، حيث طلب مني والدي أن أعود إلى المنزل بمفردي. شعرت بالوحدة تتسلل إليّ من جديد، ومعها تتراكم الأسئلة في رأسي. هل أخبر بوك جو بما يحدث لي؟ هل ستفهمني أم ستظن أنني أتوهم؟

رنين الجرس أعلن بداية الدرس، ودخلت إلى قاعة المحاضرات وأنا أشعر بأن التعب كان واضحًا على وجهي. وضعت رأسي على الطاولة، متمنية أن يمر الوقت بسرعة. لكن عندما دخل المعلم وبدأ بالكلام، استيقظت من ركودي.

"صباح الخير جميعًا... بدون إطالات، أخرجوا مشاريعكم وأحضروها إلى مكتبي فورًا." قال المعلم.

صدمت من هذا الإعلان، أدركت أنني نسيت تمامًا المشروع. عندما خرجت تلك الكلمات من فمي، عم الصمت في القسم.

"ما بكِ يا آنسة بارك؟" سألني المعلم.
"أنا... نسيت المشروع، لم أقصد ذلك." أجبت بصعوبة وأنا أشعر بضغط أنظار الجميع.

"لا بأس، ليس من شيمك أن تنسي أمرًا كهذا، لذا سأتغاضى عن الأمر." قال المعلم.

لكن حينما نطق زميلي بسخرية: "يا معلم، أنا أيضًا نسيت المشروع"، تغيرت نبرة المعلم بسرعة: "أيها الأحمق، أخرج من الصف."

لكنني كرهت تلك النظرات والهمسات التي انتشرت بين الطلاب، "يعاملها بشكل خاص لأنها ابنة رئيس الوزراء." شعرت بالغضب يغلي في داخلي
وقفت من مكاني وضربت الطاولة بيدي بقوة، ولكن فجأة دخل شخص أنقذني من هذا الموقف المحرج.

"يا إلهي، إنه وسيم!" سمعت همسات الطلاب تتغير حين دخل تاي مون إلى القاعة.

كان وجوده مفاجئًا لي. من أين ظهر؟ ولماذا هو هنا؟

جلس بجانبي، وكأن الأمر طبيعي، لكنني كنت مرتبكة للغاية. انتهت الحصة، وقررت أن أواجهه.

"أنت، مالذي تفعله هنا يا تاي مون؟" سألته بغضبٍ مكبوت، غير مدركة أنني ناديت باسمه الحقيقي.

نظر إليّ بنظرة مفاجأة، ثم أمسك بيدي وسحبني خارج القاعة بسرعة. "إلى أين تأخذني؟" سألته بغضبٍ لم أستطع السيطرة عليه.

توقف فجأة، ونظر إليّ بغضبٍ خافت: "لماذا ناديتني بهذا الاسم؟"

شعرت وكأن العالم يتوقف للحظة. بلعت ريقي وأجبته: "لقد أخطأت، اسمه يشبه اسمك، لم أقصد ذلك."

فجأة، بدأت علامات الغضب تختفي من وجهه ببطء. "هل أبدو لك غاضبًا؟" سألني بنبرة أقل حدة.

"نعم، لماذا جذبتني بهذا الشكل؟" سألت بدهشة."آه، كنت أرغب في الابتعاد عن الصف." أجاب بتردد.

"ولماذا جلبتني معك؟" تساءلت بفضول."أردتُ أن تكوني بجانبي." أجاب ببساطة.

هل كان يكذب أيضًا؟ تساءلت في حيرة، وأنا محتارة بين الثقة والشك.

"هل تسمحين لي بمرافقتك؟" سأل تاي مون بابتسامة. "إلى أين؟" "ما رأيك في زيارة حديقة الألعاب؟"

"هل هذا صحيح؟ أحب ذلك، لم أزرها منذ فترة طويلة."

ذلك اليوم كان من أجمل الأيام التي قضيتها، حتى وإن كانت الأمور تبدو غير عادية.

نسيت كل همومي واستمتعت بكل لحظة، وكأنها اللحظة الأخيرة في حياتي

لعبنا معًا في حديقة الألعاب، وركبت معه الألعاب التي كانت تخيفني في السابق.

لم أكن أدرك لماذا كان يشتري لي العديد من الأشياء، لكن الأهم بالنسبة لي كان الاستمتاع باللحظات التي قضيناها معًا.منذ ذلك اليوم، بدأت مشاعري تتغير تجاهه، لكنني لم أدرك ذلك في الوقت. ربما كان هناك سبب آخر يدفعه نحو التقرب مني، لكنني لم أكن أعرف ما هو.

يتبع ...

أحببت صاحب الظل الوسيم /  Handsome shadow حيث تعيش القصص. اكتشف الآن