' تولَد المصالح في العلاقات... و تُبنى العلاقات على المصالِح، حقيقة ليس مِن الصعب إنكارُها '
_
مر يومان مُنذ تلك الليلة مع أصدقائها القُدامى، كان من المُفترض بميو أن تستنزفها تماماً في التحقيق حول المُختبرات و المشافي و المصانع و مذاخر الدواء، في مُحاولة لجمع أدنى دليل قد يُقلّص من دائرة البحث أكثر، فلم يكُن بوسع الشُرطة أن تُحقّق في جميع مرافق اليابان.
و هو ما كان دماراً لذهنها بمُجرّد تخيّله، أياً كان من هو وراء تلك الصناعة فقد كان يُجيد طمس الخيوط و الأدلّة ورائه، دون ذكر أنّهم لم يتمكّنوا من تعقُّب جميع النشاطات لجميع تلك الأماكن المُتناثرة في كُل مكان على الخريطة.
لكن من كان يتوقّع منها القيام بهذا الهراء العقيم؟ أياً كان ذلك فهو سخيف، كانت مصانع و مشافي اليابان و ما إلى ذلك كثيرة للغاية مثل مُستعمرات النمل على هذه الأرض، لكن المقابر في اليابان كانت أقل.
لم تكُن تلك الأخرى مُهمّة سهلة إطلاقاً، لكننا هنا نتحدث عن ساكورابا ميو التي تخصصت في جعل الأمور تبدو أبسط رُغم تعقيدها.
و بالرُغم من أنّه كان عشوائيّاً تماماً، إلا أنها قد زارت المقبرة في موستافو.. مدينتها.
كان النومو عبارة عن جثث مُعدّلة جينيّاً تحتوي على أحماض نوويّة، لذا فلا بُد من أنهم قد نبشوا المقابر للحصول عليها، بالرغم من شدّة القرف النابع من هذه الفكرة فلا بُدّ من أنّها كانت حقيقة.
سارت من بين القبور و ألقت نظرة خاطفة على التُربة التي دُفِنَت تحتها جُثث الموتى، بدا كُل شيء طبيعيّاً حتى مرّت بقبر مُعيّن، حيث بدت التُربة مُقلّبة حديثاً.
إقتربت و إنخفضت على رُكبتيها، بدا كما لو أنها قد تجمّدت لعدّة لحظات بينما تمسح عينها الإسم المنحوت بشكل مُتقن، لكنّها في النهاية مدّت يدها بِبُطئ للمس شاهد القبر و أغمضت عينيها.
تمكّنت من رؤية السماء تتحوّل بِبُطئ إلى اللون الأسود، و الشمس تتحرّك في الإتّجاه المُعاكس، و الغُيوم تتسابق إلى الخلف، ثم سار بعض الأشخاص بالعكس مُقتربين من القبر، كانوا جميعاً يرتدون الملابس السوداء و يبكون.
بدا الأمر كما لو أنّه تسجيل معكوس لوجهة نظر الشاهِد الحجري.
توقّف التسجيل في مرحلة ما، كان هُناك أصوات نحيب خافتة حول القبر، فتحت ميو عينيها و تنهّدت بعُمق، لم تجد أي شيء مُفيد حول هذا القبر، لقد تم دفن هذا الشخص بالأمس لا أكثر.
تابعت السير مُجدّداً، لمُدّة نصف ساعة كانت تُشاهد القُبور حتّى مرّت بقبر أحدهم، توقّفت عندما مسحت عيناها الأحرُف المنحوتة بعناية على الشاهد الحجري، لا تزال تذكُر ما حدث هُنا قبل أربعة عشر عاماً مِن الآن كما لو أنّه كان بالأمس فحسب.
أنت تقرأ
WHITE TEETH [BNHA]
Fantasyوقفت بين الأشجار، أضاء النور الخافت المُتسلل من بين الأغصان إبتسامة تَهُز الأبدان.. و الطريقة اللتي أمالت بها رأسها قليلاً، مع كُل تلك الدماء الجافّة على رقبتها و أجزاء من ملابسها، جعلته يشُك في سماعه لصوت صرير حاد مؤلم للأُذنَين. عندما أطلقت تلك ال...