III

127 16 40
                                    

أصوات أحاديث كثيرة، كثيرة جدًّا.
كُمٌّ من الضّجيج والناس بلباسٍ واحد.
تخبّطات، أقلام، شيء يسقط، شيء يُلقى،
حفيف أشجار، أصوات ضحك، خطوات خفيفة
وبعض الصّرير.

-إلهي..

ليته جلب سمّاعة أذنه، يشعر بالنّعاس هُنا.
يعرف.. يستحيل أن يتأقلم في هذا الصّرح العظيم،
المدرسة.

يوليو، اثنا عشر عامًا.

لم يوافق، والدته من أرادَت هو يُقسم،
لكنه الصّيف، هو مضطرّ لارتداء الأكمام الطّويلة،
لكنه معتاد بالوقت ذاته.

على يساره يوجد تلك النافذة وهي ما جعل صبره
متوازنًا، يستطيع رؤية الباحة والبعض يلعبون،
بدأ النعاس يزاوله.

-مرحبًا، هل أنتَ الطالب الجديد؟

جفل مع صوت قادم مِن مَن توسّط بضع فتيان،
أومأ إيجابًا بهدوء، فقط بهدوء ولم يضف شيئًا،
فلِم يتجمّعون حوله الآن؟

-ما اسمكَ؟

-هل كانت مدرستكَ السّابقة سيّئة؟

-إلهي، لم أرَ عيون حمراء من قبل!

-هل تنضمّ لنادي التّنس؟!

-بحقّك، ألا يُشعرك هذا بالحرّ؟

أمطرَت عليه الأسئلة من حيث لا يدري وما أجاب هو على أحدها، كان يُظهر فقط تعبيرًا ضائعًا ويستمع لحديثهم ومحاوراتهم على أسئلة بعض، كما لو أنه فضائيّ ما.

كانّ كلّ شيء سينتهي لو أجاب باختصار أو أظهر أنه ليس بابًا مفتوحًا لأحد، لولا نطق تعليق أحدهم الأخير
و سحبه المفاجئ طرف قميصه.. ليرتجف.

انتشر الصّمت في أرجاء الصّف مع تفاجؤهم لاصطدام أحد زملائهم بالأرفف في الخلف، ليسقط مصدومًا من تصرّف طالبهم الجديد.

هو قام بدفعه، هذا ما همس الجميع به.

نظرات عدم الاستيعاب كانت واضحة في عينَي رِيان، مثلهم تمامًا. خُيّل له همس صوتٍ غير محبّب في الأرجاء، فقط في رأسه.

تلبّك عائدًا للواقع مع رؤية عيونهم الثاقبة إليه،
تشبهها، تشبه خاصة والدته لكن بأعيُن غير معدودة.
أيّ جُرمٍ ارتكب الآن؟

البعض ساعد ذلك الفتى الذي تأوه بتقطيب،
كان إثبات صورته أهمّ من سلامته بالنسبة له.

-ما خطبك؟
لِم تدفعني هكذا؟!

رؤوسهم جميعًا حملت علامة الاستفهام ذاتها،
انخفض بصره لحظاتٍ بينما يراقب تراكم الفوضى
والأسئلة، يعدّل كُمّه كتصرّف تلقائيّ، فعلى كلّ حال، ذهولهم من تصرّفه هذا خير من خلق شائعات لو رأوا رضوضًا ما عليه، ألَيس؟ هذا ما قالته روري، أهمّ شيء أن يحرص على أن لا يكون محور حديث ما.

Mullerحيث تعيش القصص. اكتشف الآن