00:04

98 11 14
                                    

أيفيريست

في يومٍ ممطر شديد البرودة و الرطوبة ، مشيتُ في الرواق الواسع و عيناي مثبتة على الباب المزدوج الكبير في نهايته بينما شددت على معطفي البني الذي ارتديه و الكتاب في يدي أحتضنه بين أصابعي في كل عناية و قد لمعت عيناي ببريق لهفة و حماس كلما اقتربت من الباب أكثر ، استطعتُ سماع نبضات قلبي بينما تتسارع حتى باتت كقرع طبول الحرب.

مشاعري كانت متضاربة و غير مستقرة بينما شعرت بهالة دافئة و قوية تجذبني ناحية الباب لاسرع في خطواتي حتى بتُ أهرول و الكتاب بين اصابعي قد قربته الى صدري أحتضنه بقوة شادة اليه صوبي.

ارتجف بؤبؤ عيناي على تفاصيل الباب كلما ركضت أكثر و في اللحظة التي مددت بها يدي الفارغة اليه لأدفعه شعرتُ بأنفاسي تسلب بعدما أن أطلقتُ زفيراً أخيراً فور توقفي أمام العتبة و انطلق البخار من فمي مندمجاً مع الهواء.

توسعت عيناي بخفة مثبتتة على كيان واحد لا تتزعزع بينما ارتجفت شفتاي بخفة أشعر بجسدي يسكن و يغدو اثقل بسبب كم المشاعر الهائل الذي سقط علي ، رغم الضجيح الذي كان في القاعة الا أن عقلي قد قام بحجب اي صوت قد يقطع افكاري و لحظات تأملي بينما لم تقوى عيناي على الازاحة عنها أراها تقف هناك مكلمة لأحد الفتيات بعيون متحمسة و ابتسامة سعيدة و لطيفة على وجهها أرسلت الدفئ الى قلبي و كأن طمئنينة العالم و أمانه كله حولي.

لساني اتجه الى شفتاي ليمر و يبللها بينما رمشت مرتين لا استوعب الأمر ، لقد كانت هنا ، و أنا هنا ، معاً لا تفصلني عنها غير مترات قليلة.

قطبت حاجباي أمنع الغصة التي تكونت في حلقي و أظافري حفرت أثرا في غلاف الكتاب اثر حشري لها هناك بينما سافر عقلي مغادراً الى ذكرى بعيدة ، قبل سنوات.

ولجتُ الى المنزل ببطء وملامح هادئة مع عيون باهتة أشعر بالارهاق و التعب ينتاب كل مفصل في جسدي يكاد يصيبني بالشلل ، الدوار في رأسي كان يزداد مع الطنين يقود عقلي لرسم خيالات للأشياء و المواقع تتحرك عن اماكنها المعتادة لأرمش مرتين في محاولة لإيقافها الا ان هذا قد زاد منها فحسب لذلك حاولت تجاهلها رغم صعوبة الوضع و التمسك بالجدار حتى لا أفقد توازني شاقةً طريقي الى الغرفة لأرتمي على الفراش و أغط في نوم عميق.

يدي امتدت الى المقبض و لم أتعب نفسي لإلقاء التحية على أي أحد ، جميعهم كانوا في غرفهم و الصداع الذي يكاد يقسم رأسي لنصفين لا يساعدني على تحمل اسالتهم حول يومي ، أنا لا أطيق نفسي حتى و هم فقط لن يتفهموني أبداً.

تجمدت في مكاني متصنمة و شعرت بتوسع عيناي و ارتجاف اصابعي على المقبض عندما رأيتُ منظراً لم أضعه في الحسبان في حياتي.

لأنه مع كل ورقة كانت واقعة على الأرض شعرت بروحي تتمزق معها الى أشلاء هي الأخرى ، افترقت شفتاي أرمش بينما ارتفع بصري بذعر الى من وقفت تقابلني بعد ان انتهت من تمزيق كل ورقة من أوراق دفاتري الثمينة تدفع القطع الى الجانب ناطقة «أتيتِ؟ أهلا بعودتكِ ، كنتُ أنظف درج مكتبك و وجدت الكثير من الاشياء عديمة الفائدة ، كم مرة أخبرتكِ ان لا تحتفظي باوراق لا تحتاجينها؟» تنهدت والدتي بينما تقوم بإخراج حزمة اوراق اخرى كنت قد وضعتها في ملف خاص كتبت عليها اسم الفكرة المخصصة بينما رمته بعد ان مزقته الى نصفين لتفترش الأوراق أرضاً و مع اقترابها من الأرض شعرت باقتراب آمالي و شغفي معهم أيضاً.

رصاصات رمادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن