مجرد أمنية (جحيم الشيطان)

1 1 0
                                    

فوق فراشها... كانت أمنية تجلس محتضنة جسدها بذراعيها في محاولة يائسة لمنحه الدفء الذي افتقدته منذ وفاة والدتها، رفعت بصرها تنظر للتقويم بعينين غائرتين تشكلت تحتهما هالات سوداء، اطلعت على تاريخ اليوم قبل أن تعود إلى تحديقها الشارد بالفراغ كما كانت تفعل طيلة الأيام السابقة... فتح الباب فجأة ليدخل الفاعل دون طرق أو ربما فعل و هي لم تسمعه، اقترب الشخص الذي لم يكن سوى جارتها وداد من مكانها، نظرت وداد للطبق الذي لم يمس منذ البارحة بيأس-"لم تأكلي طعامك اليوم أيضا، ستمرضين إن واصلت عزوفك عن الأكل."

تجاهلتها أمنية و بقيت على حالتها لا تحرك ساكنا فتنهدت الجارة بتعب-"سأعود إلى المنزل الآن يا بنيتي، و أحظر غدا... تركت لك طعاما في المطبخ، تناوليه إن شعرتي بالجوع."

ثم اتجهت ناحية الباب تلج من خلاله إلى الخارج و أغلقته خلفها بعد أن رمقت أمنية بشفقة.
__________
بعد ما يقارب ساعتين، انتفضت أمنية في جلستها على صوت الباب الخارجي و هو يغلق بعنف، و خطوات الفاعل الذي لم يكن سوى والدها تقترب من غرفتها ليقتحمها بقوة، وقف الرجل أمام فراشها يرمقها بحقد و نظراته تطلق شررا، لم يهتز لها جفن و تجاهلت وجوده كأنه لم يكن من الأساس. كتمت شهقة متألمة كادت تفلت منها عندما قبض بكلتا يديه على ياقة قميصها المنزلي يهز جسدها الهزيل صارخا بعنف-"ماذا تفعلين هنا يا حقيرة؟؟ ألم أخبرك صباحا بأن تذهبي للعمل، أحتاج مالا."

أزاحت يداه بصعوبة تلتقط أنفاسا الهاربة قبل أن تهمس بتهكم-"لا مال لدي، إن أردته فاحصل عليه بنفسك، فمن كانت تدفعني لكسب المال لم تعد معنا."

ترك ثيابها يغرس أصابعه الخشنة بين خصلاتها يجذبها بقسوة-"أطيعيني و إلا ألحقتك بأمك..."

ارتخت أطرافها على عكس ملامحها المتشنجة ألما ترد بحروف يغلفها الصقيع-"لا يهمني ما ستفعله بي، لكنني لن أحظر لك نقودا تتجرع بها سمومك القاتلة."

يئس الأب من إقناعها فلفضها من بين يديه بعنف أدى إلى سقوطها من الفراش، ثم غادر الغرفة صافعا الباب خلفه، تاركا أمنية تعدل من وضعها على الأرض الصلبة تتحسسها بيدها تستشعر برودة الموت المنبعثة منها، تكورت على نفسها تضم ركبتيها إلى صدرها تسند ذقنها بينهما تحدق في الفراغ أمامها بعيون خاوية من مظاهر الحياة....
__________
كان جالسا على مقعد خشبي بأحد المقاهي الشعبية عندما أبصر ذلك الرجل يسير في الطرقات بثياب غير مهندمة، يصرخ في المارة بجنون يدل على عدم اتزانه، أشار لأحد الصبية أن يناديه ليحضر، و بعد دقائق كان الرجل يجلس أمامه ينظر له بسخط... اعتدل وليد في جلسته عندما سمع قوله المتذمر-"ماذا تريد يا رجل؟؟ ألا ترى أنني في حالة سيئة؟"

سحب وليد نفسا عميقا من أرجيلته يزفره ببطء مخرجا سحابة الدخان الأبيض من جوفه، ارتفع جانب شفته ببسمة خبيثة-"لقد جئتك بصفقة العمر يا سيد جلال..."

ضحاياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن