لَقد عانيتُ في فَترة مِن حياتِي مِن الوسوَاس القهري؛ كُنت بِعُمْر الرابِعة عَشر تَقريبًا، كَانت تِلك أسوَأ فترات حياتي بِدون مُبالغة حَقًا كانت تِلك الأسوأ على الإطلاق، لَكِن بِفَضل اللّه تعالى هَذه الفترة التي لَم أتخيل أنها تَمُر بِسلام لَقد مَرت بالفعل حَمدًا لله.
فِي الرابِعة صباحًا بِتَوقيت الصيف، كُنتُ نائِمة على الأريكة في بَيت جَدتي رَحمةُ الله عَلَيها، غَفوت قَليلًا لِدرجة كِدت الغَرق في النَوم كُليًا وَلَكِن فجأةً قد سَمِعتُ صَوت في أُذُني...صَوت يَهمِس قائلًا لِي:
«سَوفَ تَموتين.»
قَد أرعَبَني ذَلِك الصَوت حِينها لِدرجة أنني أنتفضت مِن على الأريكة أنظُر يَمينًا ويسارًا عَسى أن يَكُون هَذا أخي يُمازُحني أو شيء مِن هَذا القَبيل، لكِن كانت المُفاجأة أن لا يوجد أحد مَعي وبِالفعل كُل فَرد في البيت كَان نائم...لا أحد يَشعُر بالآخر.
وَضَعت يَدي على خافِقي حِينها وتسائلت يا تُرى مَن الذي هَمَس في أُذُني؟، لا يُوجَد جواب..لأنه لا يُوجد أحد..
وَقتَها أخذتُ الوسادة التي كُنت نائمة عَليها والغِطاء ثُم ذَهبتُ لِغُرفة أبي وأُمي وفَرشت الغِطاء عَلى الأرض ونِمت بِجانب السَرير، الخَوف كَان يُحاوط جَسدي مِن كُل ناحية كُنت أرتعش بِشدة كأنني كُنت في فَصل الشتاء لَكِن بالفعل كُنا في شَهر أغُسطُس ما كَان ذَلك السَقيع الذي حاوطني ونحنُ في الصَيف؟
حِينها أيقَظتُ أمي أخبَرتُها أنني أشعُر بالبرد فقاست لي حرارتي لعلها تِلك الرَعشة التي بِجَسدي تَكون مُجرد حرارة وستذهب، لَعلني أخذت بَرد حيِنها..كُنت أُقنع نَفسي بِذلك، لَكِن حرارتي كانت طَبيعية؛ بعد ذلك خَلدت أمي للنوم وقد نَصحتني أن أُدفيء نَفسي قليلا وألا أتعرض للِهواء، ثُم ذَهبت لأخلُد للنوم وقَسمت الغِطاء الذي كُنت أنام عليه نصفين، نِصف لِأنام عَلَيه ونِصف آخر ليُشعرني بالدِفء، قَرأت المَعوذَتَين وأخذتُ أردد في نَفسي سُورة الفاتِحة إلى أن خَلدت للنَوم.
لَكن الرُعب كَان يُحاوط قَلبي والإضطراب سَيطر عَلى عَقلي.
أرَق، إكتِئاب، ورُبَما ماتت كُل المشاعر إلا المشاعِر السَلبية والحزينة، لأنه لَم يَكُن مُجَرد يَوم أو لَحظات مِن الخَوف لَقد كانت أيامٌ وَشهور...
عِشت في لَحظات مُرعِبة مُتَرَقِبة قَابِض الرَوح، كَانت تعاسَتي تَزداد يَوم عَن الآخر، كُنت لا أنام إلا بِحلول الصباح، حَتى أنني عِندما أصِل لأعلى درجات المتعة مِن النَوم كان يوقظُني كابوس أرى نَفسي فِيه مَيتة...ومرات أُخرى أرى أشخاص أعزاء عَلي أموات، كُنت لا أذوق طعم النَوم ولا مُتعة الحياة.
أعتَرِف أنني كُنت في تِلك الفترة بَعيدة عَن رَبي سُبحانه وتعالى، لَكِني أُقسِم أنني حَاولت جاهدة أن أقتَرب مِنه...كانت مُحاولة صَعبة، كُنت أتألم كُلما سَمِعت خَبر عَن شَخص توفاهُ اللّه، كُنت أُردد في نَفسي حينها:
«يالله أنا أهابُ المَوت لا تَقبض رَوحي أنا خائفة.»
أنت تقرأ
مَشاعِر سَجِيَّة
Randomهُنا كُل ما يُؤرق تفكيري. مَشاعِر مِثِل أوراق الأشجار المُتساقِطة فِي الخَريف.. وإن ذَبِل رَبيع مَشاعري مَن سَيسقي الحنان لِخريفي سوى بعض الكلِمات التي تخرج من رَوحي وأكتُبها؟