الفصل الثاني

58 13 29
                                    

ذهب "ريان" لأحتساء فنجان من القهوة على أحد المقاهي العتيقة في وسط البلد بالقاهرة وأثناء جلوسه وانشغاله بقراءة كتاب باللغة الفرنسية، جذب أنتباهه فتاة فاتنة شديدة الجمال في الطاوِلَة المقابلة له، فقد كانت تنظر نحوه بتركيز قوي وتبتسم، وبعد لحظات وقفت لتتقدم نحوه وتقترب منه أكثر ثم أمسكت بكوب القهوة الخاص به لترتشف بعض القطرات منه، ومن ثم أمسكت بيده فوقف وذهب معها دون ابداء أي اعتراض كالمغيب تمامًا عن الوعي، جسده يتحرك كالميت الذي عاد للحياة دون عقل، تجولت معه في الشوارع أسفل مظلتها وتحت المطر دون حديث.

وفجأة أختفت الشوارع والمباني وكل المحيط من حولهما، ليجد نفسه يسير معها إلى بحيرة غريبة لونها وردي وتنمو الكثير من الزهور بمختلف أنواعها حولها وقد كانت خالية من البشر وجميع المخلوقات الأرضية كصحراء الربع الخالي، وفجأة تعرت الفتاة أمامه وفور رؤيته لجسدها بدأ هو الآخر بالتعري ثم جذبته من يده للدخول إلى ماء البحيرة وأرتمت بين أحضانه.

قالت الفتاة ذات العيون الحمراء اللامعة كالزمرد بصوت هامس يداعب رقبته:

«يبدو أنك أشتقت إلى عزيزتك "ميرا" كثيرًا» ثم ضحكت وزادت من عناقه لتتابع «أنا ايضًا أشتقت لك».

ثم فوجئ "ريان" بعودته داخل المقهى ولا يزال جالسًا في نفس المكان فأعتقد أن ما حدث كان مجرد حلم يقظة وليس حقيقي، ولكنه انتبه لأثار أحمر الشفاه الموجود على فنجان القهوة خاصته وبدأت حيرته تزداد، هل ما رأه وهم من نسج الخيال أم حقيقة لا يستطيع تفسيرها!

تنهد وهو يفكر في تلك الهواجس والأحداث الغريبة المستمرة في مطاردة عقله واحدة تلو الأخرى ومن ثم قرر المغادر للعودة إلى شقته التي كانت بالقرب من نهر النيل، وعندما عاد وجد فوكس في انتظاره امام الباب مثل عادته اليومية.

«مرحبًا "فوكس" هل أشتقت إلى والدك؟»

ثم ذهب لإحضار بعض الطعام له في وعاءه الخاص وبدأ يتحدث إليه:

«لقد رأيت اليوم "ميرا"، تلك الفتاة التي أخبرتك عنها سابقًا، ظننت أن هذه المرة لم يكن حلمًا أو وهمًا بل حقيقة أستطيع الشعور بها ولكن لقد خاب ظني وكانت مجرد سراب» ثم تنهد بإبتسامة هائمة وتابع «لقد كانت جميلة أكثر من المرة السابقة، لا أعلم هل الوحدة من تجعلني أتخيل وجودها أم قد أصابني الجنون! ولكن كان هناك ذلك الأثر لأحمر الشفاه على الكوب الخاص بي، هل من الممكن أن كوب القهوة لم يغسل جيدًا قبل تقديمه ليِ! اهه حقًا أنا سأجن، أنا بحاجة لزيارة أخصائى نفسي».

ثم تنهد مرة أخرى وتحدث من جديد:

«"ميرا" هل أنتِ شيطانة وقام أحدهم بإرسالك لإزعاجي أم أنه سحر سفلي قد أصابني بالهلاوس والجنون، أصبحت تائه لا أعلم شيء سوى رغبتي في رؤيتك مرة أخرى حتى وإن كنتِ مجرد خيال ووهم»

بوابة دِوُاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن