الفصل الثاني عشر

173 2 0
                                    

الفصل الثانى عشر
كانت حياء جالسة فوق الفراش بوجه شاحب كشحوب الاموات واضعه يدها فوق فمها المرتجف تراقب باعين متسعه بالخوف عز الدين الذى كان يزرع ارضية الغرفة ذهاباً و اياباً بوجهه محتقن من شدة الغضب فقد كان كالبراكن الذى على وشك الانفجار باى لحظة..
انتفضت فازعة بمكانها عندما توقفت خطواته امامها فجأةً امسك بيدها بحده ناظراً اليها بصمت عدة لحظات مروا عليها كالدهر رفعت عينيها ببطئ تنظر اليه بتردد لكنها شعرت برجفه من الذعر تمر اسفل عمودها الفقرى فور رؤيتها للنظرة الشرسة التى تشكلت بعينيه تمتم بصوت حاد كالسكين و هو يضغط على يده بحزم
=فين الخاتم....؟!
اخفضت حياء نظرها الى يدها التى لازالت بين يده ليشحب وجهها اكثر عندما وجدته قد اختفى من اصبعها تمتمت بصوت مرتجف
=مش...مش عارفة
حاولت جذب يدها منه لكنه احكم قبضته عليها بقوة و عينيه تعصف بالغضب مما جعلها تبتلع لعابها بخوف هامسه بصوت مرتبك
=شش...شكله وقع منى تحت اصله كان واسع و....
لكنها اطلقت تأوه منخفض عندما ازداد ضغط قبضته على يدها بقوة و هو يتمتم جازازاً على اسنانه
=وقع منك...؟!
همست حياء و هى تراقب غضبه المشتعل هذا بعينين دامعتين وقد بدأ جسدها بالارتجاف فهى تعلم بانه يعتقد بانها قد شجعت الشخص الذى حاول الاعتداء عليها بالحديقة..لكن يجب عليها ان توضح له ما حدث بالاسفل و ان ليس لها ذنب فيما حدث همست بصوت مرتجف ضعيف
=عز و الله انا ماليش دعوة هو اللى هج...
ابتلعت باقى جملتها بذعر عندما ترك يدها التى كان يقبض عليها ينفضها بحده و قد اشتعلت النيران بعينيه اكثر متمتماً بحده قشعر لها بدنها
=انا شوفت كل حاجة بعينى....
بدأت شفتى حياء بالارتجاف اكثر من قبل وقد انهار تماسكها و اصبحت على حافه الانهيار فلم يعد لديها القدرة على التماسك اكثر من ذلك خاصةً و ان اسوء مخاوفها تحدث امامها فهو لم يصدقها ويظن بها مجدداً اسوء الاشياء كالسابق اى سوف تعود معه من جديد الي نقطة الصفر.. و فور تذكرها معاملته القاسية لها فى السابق و فقدانها حنانه الذى لايزال جديداً عليها انفجرت فى البكاء تشهق شهقات حادة واضعة يدها فوق فمها تحاول كتمها...
اقترب منها عز الدين قائلاً بنفاذ صبر و هو لا يزال يشعر بالنيران تتأكله من الداخل كلما تذكر يد ذلك الحقير التى كانت تحاصرها يرغب بالعودة اليه مرة اخرى لنزع رأسه من فوق جسده
=بتعيطى ليه.... ؟!
لم تجيبه حياء بينما ازداد نحابها بشدة لتتراجع الى الخلف بذعر فور ان رأت يده تقترب منها ظناً منها انه سوف يؤذيها...
تجمدت يده في الهواء يلعن بصوت منخفض قبل ان يهتف بغضب وقد اعماه غضبه
=حياء... انا على اخرى انطقى فى ايه ؟!
همست بصوت مرتجف من بين شهقات بكائها الحادة
=علشان انت مش مصدقنى..والله هو اللى اتهجم عليا و انا ك....
لكنها ابتلعت باقى جملتها بصدمه عندما جذبها بين ذراعيه و هو يزفر بغضب
=مين اللى قال دلوقتى انى مش مصدقك ؟!
همست حياء وهي ترفع اليه وجهها تنظر اليه بعينين باكيه مرتبكه
=انت لسه بتقول انك شوفت كل حاجه بعينك و ان.....
تنفس بعمق محاولاً تهدئت الغضب المشتعل بداخله فور علمه بانها قد اساءت فهمه معتقدة ان سبب غضبه هى و ليس ذلك الحقير الذى كاد ان يعتدى عليها..
قاطعها بحنان وهو يحيط وجهها بيديه مزيلاً بيده دموعها العالقة فوق وجنتيها
=لا طبعاً مقصدتش اللى انتى فهمتيه ده ...
ليكمل وهو يضع بحنان خصلات شعرها المتناثرة خلف اذنها
=انا اقصد انى شوفته و هو بيتهجم عليكى.........
ليكمل بقسوة و هو يبعدها عنه و قد اشتعلت نيران الغضب فى صدره من جديد
=و دينى لأندمه على اليوم اللى اتولد فيه....
اقتربت منه حياء عندما رأت تحفز عضلات صدره والتى كانت تشير بانه علي حافة الغضب تدس يدها في الفراغ بين سترته وقميصه تضم جسده اليها بحنان فى محاوله منها لامتصاص غضبه ..
وقف متجمداً بين يديها عدة لحظات وهو لا يستوعب الامر فهذه هى المرة الاولى التى تبادر حياء بلمسه من تلقاء نفسها فدائماً كان هو الذي بتخذ الخطوة الاولى احاطها هو الاخر بذراعيه يضمها اليه بقوة وهو يقبل شعرها بحنان متنفساً رائحته التي كانت مزيج من رائحه الزهور الخلابه التى اصبح مدمناً عليها..لا يعلم ما الذى كان سوف يحدث لها لو لما يكن يبحث عنها فبعد ان هدأ غضبه الذى كان قد اشتعل بسبب طلب منير يدها للزواج منه علم بانه قد تعامل معها بجفاف اثناء وضعه الخاتم بيدها كانها هى التى اخطأت وليس هو الذى قصر بعدم شراء خاتم زواج لها حتى الان اخذ يبحث عنها لكى يطمئن عليها لكن فور رؤيته لنهى تقف مع سالم بمفردها شعر بالقلق لذلك ذهب و سألها عنها و قد اجابته بانها قد سبقتها للحديقة للتمشيه و انها سوف تلحق بها بعد قليل لكنه لم يستطع الانتظار و ذهب يبحث عنها و هناك رأى ذلك الحقير و هو يحاول التعدى عليها تشددت يده حولها بقسوه وهو يتذكر ذلك المشهد..تأوهت حياء بصوت منخفض هامسه باسمه وقد تشددت ذراعيه حول جسدها بقوة مؤلمة...
انتبه على الفور مما جعله يخفف من قبضته حولها منحنياً مقبلاً جبينها بحنان ثم اخذ يلثم كل انش بوجهها برقه هامساً معتذراً
رفع رأسه يسند جبهته فوق جبينها وهو يحيط وجهها بيديه متأملاً عينيها بعمق فبعد ما حدث اليوم قد تأكد مما كان ينكره منذ مدة فقد وقع بحبها و اصبحت كالهواء الذى يتنفسه لا يمكنه تخيل حياته بدونها.. لقد انكر ذلك و بشدة بذلك اليوم الذى كان سوف يفقدها به مبرراً لنفسه بان المشاعر الذى شعر بها ما ان رأها ملقية فوق ارضية الغرفة تختنق ليست الا مشاعر طبيعيه قد يشعر بها لو كان اى شخص اخر مكانها و رأه بهذا الوضع الصعب...
لكن بعد الجحيم الذى عاش به الليله لا يمكنه انكار ضربات قلبه التى تخفق اضعاف مضاعفه فور رؤيته لها او المشاعر التى تضربه بقوة عندما تكون بين يديه و التى لم يشعر بها من قبل فهو ليس صاحب خبرة قليله مع النساء...كما لا يمكنه انكار شغفه وتعلقه بكافة تفاصيلها كضحكتها التى تجعل قلبه يذوب من جمالها...رفرفة رموشها عندما يفاجئها بشئ..تورد خديها عند خجلها..عصبيتها و غضبها عندما يقوم باستفزازها...
زفر عز الدين بقوه و هو يضمها بحنان الى صدره. اكثر دافناً رأسه بعنقها محاولاً الهرب من تلك الحقيقة التى ضربته كالصاعقه....
بعد مرور اسبوعين ...
وقفت حياء ترتدى فستان الزفاف الذى قام عز الدين باهداءها اياه فقد جعلً اكبر مصمم ازياء فى العالم يقوم بتصميمه لها خصيصاً..
ارتسمت ابتسامة حالمة فوق وجهها فور تذكرها ذلك اليوم الذى اصر عز الدين به ان يأتى معها اثناء ذهابها لاختيارها الفستان لكنها اعترضت بشدة ان يأتى معهم حتى لايراها به قبل الزفاف لكنه اصر ان يأتى متحججاً بانه لا يريد ان يتفاجأ يوم الزفاف باختيارها فستان عارى او مبتذل وافقت حياء على مضض و هى تشعر بالاحباط لكن فور دخولهم المكان شهقت حياء بصدمه عندما رأت فستان اقل ما يقل عنه اسطورى يحتل المكان اخذت تبحث بعينيها فى ارجاء المكان بارتباك الذى من المفترض ان يكون ملئ بفساتين زفاف اخرى لكنها لم تجد سواه حيث كان يتوسط الغرفة التى كانت ارضيتها مغطاه باكملها بالورود البيضاء...
التفتت تنظر الى عز الدين باعين متسعه وهى لا زالت غير مستوعبه ما يحدث لكنها فور رؤيتها للابتسامه المرتسمه فوق وجهه فهمت الامر فقد طلب خصيصاً ان يتم تصميم هذا الفستان الاسطورى لها مفاجأً اياها به ارتمت سريعاً بين ذراعيه تحتضنه بقوة ليحيط ذراعيه حولها بحنان و هو يهمس باذنها بصوت اجش لا زالت تشعر بجسدها يرتجف فور تذكرها اياه
=قطتى مينفعش تلبس اى فستان
تنهدت حياء بسعاده وهى ترجع الى الواقع فور انتهاء متخصصة التجميل من شعرها ومكياجها نهضت حياء تلتف حتى تستطيع نهى ان تشاهد مظهرها الاخير...
وضعت تلك الاخيرة يدها فوق فمها وهى تتأمل مظهر حياء الخلاب و قد التمعت عينيها بالدموع تتمتم بعاطفة
=زى القمر يا حبيبتى ..زى القمر
ثم اقتربت منها حاضنة اياها بخفه حتى لا تخرب لها مظهرها..
لتكمل وهى تبتعد عنها بعد ان اطمئنت على كمال مظهر صديقتها
= هروح انا اجهز و اجيلك على طول
عايزاكى تهدى كده و متقلقيش كل حاجه هتبقى تمام
اومأت لها حياء و هى تزفر ببطئ تحاول تهدئت توترها..
اتجهت نهى نحو الباب وهي تهتف بمرح لباقى الفتيات بالغرفة
=يلا يا حلوين تعالوا معايا ..علشان نجهز احنا كمان..خلوا العروسه ترتاح شويه من الصداع يلااااا
ثم غمزت لحياء بعينيها ترسل لها قبلة بالهواء قبل ان تغادر الغرفه ومعها جميع الفتيات الاخريات...
فور ان اصبحت حياء بمفردها فى الغرفة وقفت تتأمل نفسها وهى تشعر بالسعادة تغمرها تناولت هاتفها و جعلته يصدع باحدى الاغانى التى كانت تتمنى دائماً ان ترقص عليها بليلة زفافها ارادت ان تطلب ذلك من عز الدين لكنها لم تستطع فقد شعرت بالحرج خاصة وان كلمات الاغنية عاطفية للغاية ..اخذت تردد كلمات الاغنية بفرح و على وجهها ابتسامة حالمه سعيدة تتخيل رقصها مع عز الدين على انغامها غافلة تماما عن ذاك الى واقف مستنداً الى باب الغرفة يتأملها بعينين تلتمع بالشغف والعشق يتابع حركات جسدها المتمايل بخفه فى فستانها الخلاب و ضربات قلبه اخذت تزدادد بعنف..
و عند انتهاء الاغنية وضعت حياء يدها فوق صدرها وهى تتنهد متمته بصوت منخفض و على وجهها لازالت الابتسامة الحالمه مرتسمه فوق شفتيها
=اهو يبقى اسم رقصت عليها حتى لو لوحدى
اعتدلت فى وقفتها تعدل من تسريحة شعرها ومكياجها
لكنها شهقت بخفة عندما شعرت بذراعى عز الدين تحيط بخصرها من الخلف جاذباً جسدها نحوه ليستند ظهرها الى صدره العريض انحنى يقبل كتفها ثم عنقها بخفه..
ثم ادارها بين ذراعيه برقه حتى اصبحت تواجهه انحبست انفاسه داخل صدره فور رؤيته مظهرها الخلاب فى ذلك الفستان الذى جعلها كالاميرات شعر بمعدته تنعقد عند رؤيتها فها هي اخيراً كما تخيلها باحلامه شعر بدقات قلبه تتسارع بشدة حتي ظن ان قلبه سوف يخترق صدره من قوة دقاته فاخذ يتشرب تفاصيلها بشغف مركزاً انظاره عليها بفستانها الخلاب الذي جعلها الفستان كاحدى الاميرات الخيالية مبرزاً جمالها و وبياض بشرتها الرائعة و اضاف عليها براءة فوق برائتها..
كما شعرها كان منعقداً في تسريحة رقيقه اظهرت جمال وجهها و عنقها تنفس بعمق محاولاً تهدئت النيىان التى ضربت جسده...و فور نجاحه فى ذلك انحنى مقبلاً جبينها بحنان وهو يتمتم بانفاس منقطعة
=جميله يا قطتى...
اشتعل وجه حياء بالخجل وهى تتمتم بارتباك متأمله مظهره فى بدلته الرسميه الرائعه التى زادته من وسامته اضعاف مضاعفه
=وانت كمان جميل..
ضحك على كلماتها تلك مما جعل صدره يهتز بخفه
همست حياء بغضب
=بتضحك على ايه يا عز ؟!
لتكمل بحنق وهى تعقد حاجبيها بغضب عندما وجدته لايزال يبتسم
=برضو مصر تضايقنى حتى ف يوم زى ده
مرر اصبعه على حاجبيها فاككاً تقضيبته بحنان وهو يهمس بمرح
=ما انتى اللى كلامك غريب فى واحدة تقول لواحد انت جميل
اشتعل وجهها بالخجل تمتم بارتباك
=اومال تقوله ايه ؟!
وقف متأملاً غضبها هذا باستمتاع ثم انحنى فوقها هامساً لها فى اذنها بصوت اجش مما جعل اشتعال وجهها يزداد
=تقوله وسيم..جذاب
همست حياء بخجل وهى تخفض وجهها
=طيب ما انت كده فعلاً
انطلقت ضحكته الرجوليه فور سماعه كلماتها تلك..دفعته حياء فى صدره بغضب محاوله الابتعاد عنه وهى تتمتم بتذمر
=طيب ابعد بقى كده ...انت مش كل شويه تتريق عليا
شدد من ذراعيه حولها مقبلاً رأسها بحنان متمتاً
=خلاص..خلاص والله..انا بس فرحت لما سمعتك بتقولى كده
استكانت حياء بين ذراعيه على الفور تدس رأسها بصدره و على وجهها ترتسم ابتسامه مشرقة
وهى تشعر بالسعادة من معرفتها مدى تأثير كلماتها عليه..
اقيم حفل الزفاف فى افخم القاعات التى كانت تعد قطعة من الحكايات الخيالية...
ظل كلاً من حياء و عز الدين يتلاقيان التهنئه من الجميع..
كانت حياء تشعر بالسعاده تغمرها حيث كان حفل الزفاف كما كانت تتمنى دائماً فلم يعكر صفو فرحتها سوا عندما تقدم كلاً من والدتها و والدها يقدمان التهنئه اليهم اجابتهم حياء وقتها باقتضاب بوجه جامد بارد..
غير ذلك فقد مر اليوم بسلام..
فى منتصف الحفل اتجهت حياء نحو الحمام حتى تعدل من زينتها و قد صاحبتها نهى حتى تساعدها مع فستانها العملاق الذي يصعب عليها التحرك به بمفردها لتتفاجأ بتالا واقفه بغرفه الحمام بعينين متورمتين حمراء اقتربت منها حياء قائله وهى ترسم على وجهها ابتسامه مغيظه
=يعنى مقولتليش رأيك يا تالا فى الفستان ؟!

نيران ظلمهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن