الفصل التاسع: حكاية.. بلون السماء.

325 33 166
                                    

الواحدةُ بعد منتصف الليل..

من المؤكدِ أن عليها التخلص من عادتها السيئة هذه، تأخيرُ غسلِ الصحون إلى وقتٍ متأخرٍ من الليل.

تنهيدةٌ مرتاحةٌ صدرت عنها مع وصولها إلى المنظر الأجملِ لعيني أيةِ امرأةٍ " مطبخٌ مرتبٌ، حوضٌ خالٍ من أبسط الأشياء -ولو حتى ملعقة واحدة- "

عرجت إلى غرفتها، ملاذها الآمن من عبثياتِ الحياة.
وتحركت يدها لتعيد مرطب البشرة إلى موضعه أمام المرآةِ، الآنَ بإمكانها أن تبدأ محاولات النومِ..

ضغطت على زر تشغيل هاتفها لتتأكدَ من ضبط المنبه..
هنا تقع عيناها على إشعارٍ لرسالةٍ منذ ما يقارب الساعتين.

" أيمكنني الاتصالُ بكِ؟ "

منذ متى وهو يتصرفُ بلباقةٍ هكذا؟
خطر السؤال على بالها تلقائيًا، حركت المؤشر نحو مربع الرسائل وبدأت بإدخالِ الحروفِ تباعًا..

" أعتذرُ لم أرها، إذا كنتَ مستيقظًا يمكنكَ الاتصالُ الآنَ"

يا إلهي؛ هي بالفعلِ تراسلُ رجلًا في مثلِ هذا الوقتِ !

سرعان ما استحال الخطانِ أسفل رسالتها للونِ الأزرقِ، وأعقبَ هذا رنين الهاتفِ، ضغطت على زر الرد مقربةً إياه من أذنها، لم تقل شيئًا.. فقط صوت أنفاسهما العميقةِ هو ما يمكنُ سماعه.

الوضعُ غريبٌ ومربكٌ للغايةِ حقًا.

صمتها هذا جعل حق بدء الحوار من نصيبه، وكلماته غلَّفها الهدوء في قلب الليل حين قالَ: هل أزعجتكِ؟

-سأعترفُ أن لطفكَ الزائد اليومَ بدأ يخيفني.

-اليوم فقط ! قالها مستنكرًا لتجيبه هي دون تفكيرٍ: هل يجبُ أن أذكركَ بإبداعاتكَ السابقةِ؟

-حسنًا لا داعي، لنتجاوز الموضوعَ.. سكت لبضع ثوانٍ ليس إلا قبل أن يتابعَ: أنا.. تكلمتُ مع عمكِ.

-وماذا؟

-إذا كنتِ.. لم تغيري رأيكِ.. نبرته هنا جاءتها مرتعشةً حين أكملَ: غدًا.

-بهذه السرعةِ؟

-لنكسب وقتًا؛ حسب ما قال فريد.

-فهمتُ. لم يعقب هو، لا تدري كم من الوقتِ مضى وهما على نفس هذا الحال من الصمتِ، حاولت جمع أحرفها المتبقية في جملةٍ أخيرةٍ: إذًا، تصبحُ على خيرٍ يا دكتور.

قبل أن تنهي المكالمةَ وصلها صوته من جديدٍ -خافتًا هذه المرةَ فيما يتلفظ أحرفَ اسمها ببطءٍ - : نازلي.

-نعم.. ابتلعت ريقها في توترٍ ، ثم ها هي تتمة عبارته: لستِ مجبرةً على أي شيءٍ، تعلمينَ أليس كذلكَ؟

-ليس لأنني مجبرةٌ.. سكتت قليلًا ثم أكملت: أراكَ غدًا..

ليس لأنها مجبرةٌ، لماذا إذًا؟

للحكاية بقيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن