الفصل الحادي عشر: ولو لمرة !

330 26 203
                                    

" الحب ليس مشكلةً، كما أن العربةَ ليست مشكلةً.. وحدهم السائقون والركاب والطريق هم المشكلة "

فرانز كافكا.
............................................................

بالعودة للخلفِ -عشرة أيامٍ من هذه اللحظة-، ليلٌ قارس البرودة، وأمام مبنى سكني في أحد أحياء القاهرة القديمة..

صفَّ سيارته أسفل إحدى الأشجار ثم ترجل منها، وأخذ يعبثُ بهاتفه يتأكد أن الموقع صحيحٌ..

تنفس ببطءٍ فيما يصعدُ الدرج المتهالكَ نحو الأعلى، توقف أخيرًا أمام أحد الأبواب وضغط على زر الجرس.

رجلٌ قارب الستين على ما يبدو، ملامحه معتادةٌ لا توحي بأيةِ غرابةٍ.

جلس في الغرفة وحيدًا ينتظرُ الشاي - الذي كان مجبرًا على طلبه مع إصرار الرجلِ-
ربما بإمكانه استغلال الوقتِ في محاولة ترتيب ما بجعبته من كلامٍ..

لم يمضِ الكثير، والآنَ ها هو يجلسُ برفقة.. عم نازلي، وابنه الشاب المقاربِ له في العمر تقريبًا، والذي لم تعجبه هيئته إلى حدٍ ما.

صمتٌ لم يَطُلْ ، تلاه إفصاحُ كريم للرجلِ عن رغبته الجادة في الاقترانِ بابنة شقيقه الراحلِ.

ثم.. الخطوةُ الأصعب، إيجادُ مبررٍ منطقيٍّ لإقناع الرجلِ بالتعجيلِ بعقد القران !

سكت كريم قليلًا يراقبُ الانفعالات الظاهرةِ فوق وجه الشابِ، تخمينُ السببِ ليس بالأمرِ الصعبِ؛ نازلي ابنةٌ وحيدةٌ لوالدينِ راحلين، لا بُدَ وأن فكرة الزواج منها.. والاستيلاءِ على الميراثِ كاملًا قد خطرت ببالهم - ولو لمرةٍ على الأقل-

عاد لوعيه مع هذا السؤال المستنكرِ من الرجلِ: وما الداعي لمثلِ هذه العجلة؟

-لحظة لحظة يا أبي، السؤال الأهمُ هنا.. من أينَ يعرفُ الأستاذ ابنة أخيكَ في الأصل؟

بالكاد تمكن كريم من السيطرة على انزعاجه حين أجابَ: ألم أخبركم أنني طبيبٌ؟ أليس واضحًا أننا تعارفنا في المشفى؟

-وما نوعيةُ العلاقةِ بينكما.. كي يستدعي الأمرُ عقد القران بكل هذا الاستعجال؟

-لا ليس إلى هذه الدرجةِ، إن لم يكن من أجلي.. من أجل ابنة عمكَ حتى !

منحه كريم نظرةً مشمَئزةً.. قبل أن يعود بناظريه نحو عم نازلي ويكملَ بضيقٍ واضحٍ: أنا أتجاهلُ تلميحاته هذه احترامًا لحضرتكَ فقط، وإلا فأنا أعرفُ جيدًا كيف أمنحه الجواب الذي يستحقه..

حافظ الرجلُ على جمود ملامحه فيما يربتُ فوق كتف ابنه محاولًا تهدئتهُ، ليعود بعدها نحو كريم مكملًا: ولكنكَ مجبرٌ على التبرير لنا يا دكتور، أعطني سببًا يدفعني لعقد قرانكما في الغد !

ابتلع كريم ريقه في ترددٍ، هذه المرة ليس مجرد ارتجالٍ، لقد قضى عدة ساعاتٍ في محاولة اختلاق هذه الكذبة..

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 30 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

للحكاية بقيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن