الفصل الثاني
بيت محمد العرابي لندن:
تمر الأيام وتمضي ويبقى الألم في القلب والحنين في الروح لفراق لا أحد يعلم متى القاء بعده، مر شهر تقريبا على موت الجد محمد عاد الجميع إلى حياتهم الطبيعية مع غصة حزن لفقدان من كان رأس العائلة وأمانها، حالة السكون التي تغمر البيت إضافة إلى صمت ميا التي خالفت توقعاتهم ولم تنهار، وذلك الشعور السيئ بأن شيئا سيحصل بث جو الترقب والخوف في البيت.
على طاولة الفطور تجتمع العائلة بصمت رهيب اعتادوه في الفترة الأخيرة قاطعته ميا لأول مرة بصوت بارد حزين :
- أنا مسافرة غدا أردت إعلامكم.
توقف الجميع عن الأكل ليتكلم ياسر محاولا معرفة ما تضمره أخته:
- هل هي رحلة استجمام صغيرتي؟
لم ترفع عينيها عن صحنها و أكملت تناول فطورها قائلة:
- لا ...أنا سأستقر في روسيا .
صدمة ألمت بالجميع جعلتهم يفقدون القدرة على الكلام لبرهة و من ثم واحد... اثنان... ثلاثة، كما توقعت تماما هاج الجميع من إخوتها لأخوالها كل يلقي كلماته كرصاصة قاتلة؛ منهم من يهدد ومنهم من يرفض وآخر غير مصدق، لكنها لم تعد تهتم عليها الرحيل أو ستفقد آخر ذرة تحمل لديها ،ورغم هذا لا أحد يشعر بما تمر به ،ولا أحد عاش ما عاشته هي منذ الطفولة إلى الآن ،كل شخص استطاع التعبير عن ألمه على مر السنوات عداها ، من التزمت الصمت بعد غيبوبة دامت سنة لم يتوقع أحد استيقاظها منها لتعتزل الجميع بعدها ، كيف لا ؟ وهي من تمزقت روحها لأشلاء وغدت أحلامها مصبوغة بدماء والدها فكان التشتت مصيرها والضياع محيطها تخبطت فيه كأعمى لم يرى النور يوما. لذا كانت ذكرياتها متنفسها الوحيد تعيش في عالم من صنعها تنعم فيه بدفء أحضان والدها ... قبلات والدتها وضحكات جدتها ، أفاقت منه عندما توقفت عن تعاطي المهدئات.
لم تنطق بأية كلمة ولم تظهر أي رد فعل عما يحصل أمامها وكأن الأمر لا يعنيها ، تراقب كل واحد منهم خاصة خاليها أحمد وآسر من لم يظهرا أي رد فعل لما قالته. و مع آخر ذرة صبر استنزفتها كرصاصات فضية قاتلة أطلقت كلماتها، لا تهتم... لم تعد تهتم من تجرح...من تؤلم، فقد فاق ألمها الجميع قالت بغضب وألم نزفتهما نبرة صوتها:
- يكفي... يكفي لم أعد أحتمل لما هذا الشجار؟... أنا راحلة لست أسألكم السماح، أنا أعلمكم فقط لم أعد أحتمل... أنا أتألم ألا تشعرون؟ لست حجرا... لست جبلا... لست قطعة جليد...أنا بشر... أنا طفلة قد رأت جثتي والدتها و جدتها تسبحان في بركة دماء ،قد غادرتهما الروح حتى أصابهم البرد أنا طفلة قتل والدها حبيبها ، من كان أمانها... عشقها... لم يكن لها سواه، اعتبرته الحياة بأكملها ،ليقتلوه أمام ناظرها، و في الأخير جدي آخر ذرة صبر بقيت لي رحل أمام عيني ألا يكفيكم هذا أم تريدون موتي؟
أنت تقرأ
عشق شاهين
Romanceهي من عشقت عشقا لا حدود له هي ثمرة عشق تحدى العادات والتقاليد هي من أحرقت روحها لفراقه هي من أتت لتنتقم ميلانيا شاهين أسد العرابي