الفصل الثالث
روسيا بيت ميا:
تقف أمام النافذة شاردة في الماضي، ذكريات رسمت البسمة على ثغرها كتلك النسمات الباردة التي تداعب وجنتيها وتتلاعب بخصلات شعرها الطويل، بينما رائحة مشروب الشوكولا الساخنة تداعب أنفاسها ترتشف من الكوب بين الفينة والأخرى غارقة في ذكريات طفولتها.
تركض وتركض في أنحاء الغرفة محاولة الهرب ممن يحاول إمساكها، طفلة في الثالثة تهوى اللعب والضحك ولا تعلم أن ضحكاتها الطفولية السعيدة تبث الأمل في قلب عشقها منذ الولادة، انتظرها أياما وشهورا حتى أتت تلك اللحظة التي حملها بين يديه، لم تكن سوى دمية صغيرة أوقعته في عشقها لحظة فتحت عينيها ليضرب قلبه ذلك اللون الغريب المسروق من لون الشفق القطبي ... منذ الوهلة الأولى وقع العشق.
عشق مختلف ليس كغيره، مقدس بقدسية النقاء والطهر عشق خالد لا ينتهي، عشق رجل قد غزى الشيب شعيراته السوداء وذقنه النامية لطفلة هي الأم والأخت والابنة، ثمرة حب وعشق تحدى المقاليد والأحكام.
ضحكاتها تصل لعنان السماء بينما هو يحاول إمساكها تهرب هي بكل دلال ونعومة طبيعية تجعل دقات قلبه تركض معها تحيطها من كل جانب خوفا من سقوطها، رجل وسيم قد غزى الشيب شعره الأسود كليل دون نجوم وانتشر بين جنبات ذقنه النامية بملامح رجولية ساحرة، عينين بلون الزمرد الأخضر كغابة خضراء ندية بشرة سمراء وأنف متوسط معقوف قليلا، جسد رياضي وشفاه حازمة، من يراه لا يصدق أنه يبلغ الثامنة والأربعين، بينما يقابلهما طفلان قد بلغا الثامنة أو أكثر، هادئان كالعادة يتابعان لعبة أختهما الصغيرة مع والدهما عائلة متكاملة أب محب أم حنون، ولدان توأم وأخت صغيرة هي أميرة العائلة بلا منازع.
أفاقت من ذكرياتها على صوت مدبرة منزلها تعلمها بوصول نيكولاي وأندريا لتجيبها بهدوء:
- حسنا سيدة ماريا دقيقة وأكون معهما، استقبليهما من فضلك.
ردت عليها السيدة ماريا بالإيجاب بنبرة هادئة رزينة نابعة من شخصيتها واحترامها الشديد لهذه الآنسة الصغيرة التي انتشلتها مع عائلتها من الضياع تتذكر ذلك اليوم جيدا فقد كان أسوء يوم في حياتها وفي آن آخر السبب في انقلاب حياتهم من المعاناة للراحة؛ فذلك اليوم أبدا لن يمحى من مخيلتها، عندما وقع شجار بين ولديها أحمد ويوسف مع أحد الجيران الذي تعرض لابنتها ياسمين العائدة من العمل كعادتها في أحد المطاعم، تعرض لها شاب معروف بسوء أخلاقه ولأنهم عرب عوقبوا بالطرد من الحي وسجن ولديها لتهجمهم على مواطن روسي.
نار الذل والظلم اللذان ألما بهم مع حالتهم المزرية جعلهم كالمتشردين على قارعة الطريق، لم يكن باستطاعتهم العودة إلى منزلهم مع تهديد جيرانهم بالقتل وحقيقة كان خوف الوالدين على ابنتهما فلذة كبدهما من الأذى فيكفي احتراق نصفه على الآخرين.
أنت تقرأ
عشق شاهين
Storie d'amoreهي من عشقت عشقا لا حدود له هي ثمرة عشق تحدى العادات والتقاليد هي من أحرقت روحها لفراقه هي من أتت لتنتقم ميلانيا شاهين أسد العرابي