كانت تلك أخر كلماتها حين دوى الصمت المكان إلا من صوت مزعج كان مصدره جهاز القلب بجانبها، شلت الصدمة أطرافهم جميعًا ولم يتحرك أحد منهم سوا فايز من ركع على ركبتيه بصدمة، بدأ دخول الأطباء واحدًا تلوا الأخر والممرضين يحاولون إخراج الجميع من الغرفة؛ لكي يرى الأطباء عملهم، خرج الجميع حتى فايز من كان يسنداه كل من أليكس وجون، كان حال الجميع يرثى له، الصدمة تحتل ملامحهم والحزن يزينها هو الأخر، الجميع يقف أمام الغرفة على أحر من الجمر ورغد تقف بعيدة عنهم تحتضن أريان وتشد على أحضانه بقوة واهنة وكأنها تستمد منه القوة أو تحميه هي لا تعلم، مر الوقت عليهم كأنه دهر من الزمان، الجميع يدعي أن تكون بخير وأن لا يَصيبُها أي مكروه، وأثناء تفكيرهم ودعاءهم لها فُتِحَ الباب قطع خروج الأطباء حبل أفكارهم، كانت وجوههم تنذر عن حزن وخبر مفجع ينتظرهم، أقتربت لونا من رغد وضمتها بحزن وهي تهمس لها بكلام لم يسمعه أحد، أرتسم الحزن على ملامح رغد وتساقطت الدموع واحدة تلو الأخرى بصمت مخيف، أما فايز كان ينتظر حديث الطبيب وينتظره أن ينفي ما يفكر به وما يراه مرسوم على وجه كل الفريق الطبي ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه حيث نطق الطبيب بحزن: لقد فعلنا كل ما بيدنا ولكن إرادة الله أكبر من أي شيء، البقاء لله.
كانت تلك الكلمات الوحيدة التي نطق بها أحد الأطباء وغادروا تاركين الجميع تحت تأثير حديثه، بكت الفتيات بحزن شديد على تلك الملاك التي كانت تملك من اسمها نصيبًا حقًا، أما الشباب فأقتربوا من فايز من يقف مكانه بصدمة لم يستوعب بعد ما تفوه به ذاك الطبيب، كل ما يفكر به أن ذاك الطبيب يكذب عليه بالتأكيد هو كذلك، ملاكه لا زلت على قيد الحياة هي لن تتركه وحده هو وطفله، وحين آتى لتفكيره صغيره من لم يحمله إلى الآن، ذهب تجاهه هو ورغد بخطوات واهنة لا يستطيع تقبل تلك الصدمة هو لم يفقد زوجته فقط هو فقد روحه ومن كانت له الأم والأخت معًا، أقترب أكثر من صغيره وكانت تلك الخطوة الفاصلة حيث تساقطت دموعه حين رأى ملامحه تشبه والدته كثيرًا، أخذ كل تفاصيلها كم تمنى أن يفتح عينيه ليراهم، مد يده ببطء وأخذه بين أحضانه، ليشعر بشعور غريب لا يعلم أهو سعيد لأنه يحمل صغيره بين يديه أم يشعر بالحزن الشديد والألم على فقدان محبوبته أم بالشفقة على صغيره من لم يستطيع أن يحصل على دفئ وحنان والدته، لم يترك صغيره من بين يديه وذهب لملاكه وجلس بجانبها ربما كثيرًا من الوقت أم قليلًا هو لا يدري كم مر حقًا، فكل ما كان يريده أن يشبع عينيه وقلبه من رؤيتها، ألن يراها بعد الآن؟ ألن يستمع لها وهي توبخه على ما يفعله؟ أهكذا ستحتفي من حياته حقًا؟
كم أن الأمر صعب عليه كلما حاول أن يتماسك من أجل صغيره تعصف به الأفكار مرة أخرى لتهزمه، دخلت إليه رغد لتقطع خلوته مع ملاكه وصغيره وتقدمت منه بحزن شديد وحاولت أخذ أريان ولكنه رفض رفض قاطعًا قائلًا برجاء: لا تأخذيه؛ نحن بحاجة بعضنا البعض.
تساقطت دموعها بآلم تشعر بتأنيب الضمير يقتلها من الداخل ولكنها لم يكن بيدها شيء: ولكن فايز يجب أن أخذه فأنت بحاجة لأن تقوم بجميع الأشياء اللازمة لـ...لكي تدفن ملاك...
قطعت كلامها ببكاء على حاله وهو ينظر لها بتوهان، أخذت أريان منه وتركته مع ملاكه قليلًا، مر الوقت وتم دفن ملاك وسط أنهيار الجميع وحزنهم عليها، ذهبوا جميعًا عدا فايز من جلس بجانب قبرها يبكي بحزن شديد على ما ألت إليه الأوضاع، صار يبكي ويتحدث معها كثيرًا ووعدها أنه لن يضعف لأجل صغيرهما وتركها ورحل.
أنت تقرأ
الجحيم هي
Misterio / Suspensoبين الرحمة والقسوة خيط رفيع، حينما يتعلق الأمر بعائلتها وأصدقاءها ينقطع ذاك الخيط وتصبح هي للقسوة عنوان، لا تفكر بالعبث معها لأنها الجحيم، والجحيم هي. ملحوظة: تم تغير اسم الرواية من كبرياء عشق الطفولة إلى الجحيم هي.