8. إلـيـكِ مـنـي - الـجـزء الـثـانـي

39 5 2
                                    


اتسعت حدقةُ عينِ روبي بدهشةٍ من تصرفِ كيران الغريب لكن ذلك لم يحبس سد دموعها من الجريانِ وهي تشاهدهُ، نظر كيران إلى ناحيتها بكدرٍ وهو يلملمُ خُصل شعرهُ المتناثِرة في يديهِ من على الأرضِ، تقدم إليها وأمسك يدها بدفءٍ واضعًا فيها شعرهُ، بينما أنفاسها تتقطعُ مع صوتِ نحيبها قال لها

" وعدٌ مني إليكِ؛ مُنذ الآن ما دمتُ حيًا لن أسمح لهاتين المُقلتين بأن تذرف الدمع، وفي كلِ مرةٍ يطول فيها شعري سأقطعهُ؛ عِقابًا لأنني تأخرتُ عليكِ .. فهل تسامحيني؟ "

عض كيران شفيته لأنه أراد بشدة لو أنهُ يستطيعُ أن يحتضِنُها حالًا إلا أنه لم يفعل فهو يعلمُ علم اليقين أنها ليست لهُ؛ أكتفى بمسح دموعها بيديهِ حتى هدأت وكفت عن البكاء، حينها سألتهُ روبي سؤالًا كان يدورُ في ذهنِها أكثر من أسبوعينِ، كان سؤالها صادِمًا كصاعقةٍ أصابتهُ، لم يتوقع قط أنْ تسألهُ سؤالًا كهذا وفي هذا الوقت تحديدًا وهي تبكي! . 

" يبدو … أنك تعرِفُني… فهل لك أنْ تخبرنيِ … بأ..سمي!"

أمال كيران حاجِبهُ العريض وارتسمت ملامحُ الحيرة على وجهه، لم يتفوه بعد أن سماعِ سؤالها بأي كلمةٍ من شدةِ صدمتهِ؛ فكيف لها أن لا تعرِفُ أسمها؟، أمسك كتِفها بتوترٍ وهو ينظرُ إلى مُقلتها

" ماذا تقصدين؟! ألا تعرفين أسمكِ! "

أومأت برأسها " كانت تناديني … واحد "

عمَ السكونُ في الأرجاءِ لبرهةٍ حتى تلاشت ملامحُ الحيرة من عليهِ واستبدلها بنظرةٍ تسمى الأسى؛ التي تبينت ورُسِمت على ملامحِ وجهه كلوحةٍ مهجورةٍ، تحدث بعدها في ترددٍ شديد فكان يقولُ في نفسهِ " هل أُخبرها أم لا،لا لا داعي لذلك " ودون أن يدرك نطقت شفتاهُ سهوًا

" أسمُكِ هو سارينا .. "

اغلق كيران بيديهِ بعدها شفتهُ بقلقٍ، بينما روبي كانت تشعرُ بالغرابةِ بعد أن سمعت كيران وهو يقولُ لها سارينا فكررتهُ، كأنها دميةٌ تردُدِ الحديث بوجهٍ كان يخلوُ منْ التعابيرِ

" سارينا.. سارينا .. سارينا "

(مملكة جيلان)

في تلك الأثناء وبالتحديد في قصرِ الإمبراطور، كان جين  لايزالُ باقيًا بمفردِه في عزلةٍ خلفَ حدائدِ الزنزانة الموحشة، زنزانةٌ مظلمةٌ لا أشعة الشمس تدخلُ إليها ولا أصواتُ الخلقِ يُسمع فيها؛ كل ما يرى للمقلةِ هو وسريرٌ قديم وأتربةٌ تتطاير في ذلك الهواء الخانق، ظل جين قابعًا على الأرض منذُ لحظةِ دخوله لزنزانةِ، بقيمصٍ أبيضٍ مُمزقٍ لعدةِ أيام دون أنْ يسمحُ لهُ بالخروجِ منها، كان مُستندًا بظهرهِ على حائطٍ مُهْتَرِئ، رافِعًا رأسهُ للأعلى وهو يحركُ بيدهِ شعرهُ يمينًا ويسارًا، ثم نظر بجفنِ مُقلةِ عينهِ الممتلئة بهالات السواد والاحمرار إلى يمينهِ مُبتسمًا أبتسامةً دافئةً، أمال رأسهُ كما لو أنه يستند على كتفِ إنسان يجلسُ إلى جوارهِ، حرك شفتيه الجافة والمتشققةَ قائلًا بصوتٍ شجيِ ومُتعب

أفكارُ أمنية اليأس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن